الملف الليبي بوابة لتعاون روسي – مغربي أشمل
توقعت أوساط سياسية أن يفتح الملف الليبي الباب لتعاون روسي – مغربي أشمل خاصة بعد أن حصدت الوساطة المغربية التي تجسدت في محادثات بوزنيقة الأخيرة نجاعة بإحرازها تقدما في الحوار بين فرقاء الليبيين.
وبحث وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، مع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، الجمعة، مستجدات الأوضاع في ليبيا، في ضوء نتائج الحوار الليبي الذي استضافه المغرب بمدينة بوزنيقة في الآونة الأخيرة بحسب وكالة سبوتنيك.
كما ناقش كل من سيرغي لافروف وناصر بوريطة سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، في خطوة تمهد لمزيد من التقارب والتعاون حسب المتابعين. وتطرقا إلى الاجتماع الثامن للجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني، الذي سينعقد قريبا في موسكو.
وأكد بيان لوزارة الشؤون الخارجية الروسية، أن المملكة المغربية والاتحاد الروسي تحدوهما رغبة مشتركة لتعميق الحوار السياسي بشأن الملفات الدولية والإقليمية الرئيسية.
وأشارت مصادر دبلوماسية، أن “روسيا تبحث عن شريك موثوق في حوض المتوسط والمملكة المغربية باعتبارها قطبا للاستقرار ستلعب أدوارا مهمة على المستوى الأمني والتجاري والدبلوماسي بالمنطقة، ويعكس ذلك مدى صراع النفوذ المحتدم بين القوى الإقليمية ورغبة موسكو في أن تجد موطئ قدم في شمال أفريقيا”.
وفي الورقة التي تقدم بها المتحدث الرسمي باسم الكرملين، والتي تحدد لقاءات وزيارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للعام الجاري، ورد لقاء قمة مرتقب بين المغرب وروسيا، وأوضحت مصادر دبلوماسية أنه يجب إنضاج التفاهمات حول قضايا ذات الاهتمام المشترك وتجويد الاتفاقيات مع موسكو لتحقيق هذه الخطوة.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية أن المغرب وروسيا ملتزمان في الوقت الراهن بتعميق الحوار السياسي حول القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية بعدما استعرضت، قبل أيام بمناسبة الذكرى الـ62 لإقامة العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، أبرز محطات التعاون التي طبعت المرحلة، حيث أكدت التزام البلدين بتعميق الحوار السياسي بينهما حول القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية، من خلال اتصالات منتظمة بين وزارتي خارجيتيهما، وعبر العلاقات بين البرلمانين المغربي والروسي، التي تشهد تطورا مستمرا.
وحسب مراقبين يعد الملفّ اللّيبي أحد المواضيع التي تحظى باهتمام روسيا وضمن المحاور الاستراتيجية التي تركز عليها في غرب بحر الأبيض المتوسط ومنطقة الساحل الأفريقي، ونظرا لنجاعة وحيوية الدبلوماسية المغربية يرى هؤلاء أن تقاطع المصالح الدولية في المنطقة يعطي المغرب أفضلية في تعزيز موقعه السياسي والدبلوماسي والاقتصادي.
وفي سياق الأحداث المتسارعة بالمنطقة يرى صناع القرار بموسكو أن موقع المغرب حيوي في ظل إعادة تشكيل التحالفات الدولية والإقليمية، وهي تراهنُ على تعاون وثيق مع الرباط في المنطقة المتوسطية والساحل والصحراء.
وتتابع روسيا الحوار الذي تم بين الفرقاء الليبيين في بوزنيقة بالمغرب، والذي حظي بإشادة إقليمية ودولية واسعة، حيث ثمنت الأمم المتحدة الدور المغربي الفاعل.
وأكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن “المملكة المغربية لعبت، منذ بداية الأزمة الليبية، دورا بناء وساهمت في جهود الأمم المتحدة الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي للنزاع الليبي”.
ويعد حضور المغرب الفاعل ضمن الحوار الليبي الذي ترعاهُ الأمم المتحدة وقوى دولية منها روسيا ضامنا لترتيبات سياسية تخدم استقرار ومستقبل المتوسط بشكل خاص، وكذلك لاعتماد المملكة منهجية مبتكرة في ما يخص التعاطي مع تحديات منطقة الساحل والصحراء التي تضم مالي، البلد الذي يحظى باهتمام موسكو بشكل كبير.
ويرى خبراء في العلاقات الدولية أن روسيا تعي جيدا العلاقات التي راكمها المغرب داخل غرب أفريقيا بشكل خاص فهي تعمل جاهدة على تعزيز شراكتها الاستراتيجية معه باعتباره حليفا لتلك الدول ويملك خيارات سياسية متعددة.
وفي تقرير مشترك صادر عن مجلس الشؤون الدولية الروسي واتحاد مبادرة الأعمال الأفريقية، يرى خبراء روس، أن هناك إمكانية لبناء نظام متعدد الأطراف للتعاون بين روسيا والقوى العالمية مع المجتمع الأفريقي ضمنهم المغرب، إذ يستند هذا التعاون على مبادئ احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية.
ويبين محمد عصام العروسي أستاذ العلاقات الدولية، أن الاستراتيجية الروسية تنطوي على قدر كبير من البراغماتية على وجه الخصوص حيث تحافظ روسيا على سياسة “الحياد الإيجابي” بشأن القضايا الرئيسية لدول شمال أفريقيا لاسيما في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية”.
ويخلص خبراء في الاستراتيجيات الأمنية أن تواجد روسيا بأفريقيا تفرضه الصراعات الدولية على الثروات المعدنية والأسواق التجارية، ولهذا تريد موسكو توسيع نفوذها في القارة الأفريقية من بوابة تفاهمات عميقة مع المغرب الذي بدوره عازم على تنويع شركائه وبناء علاقات دولية قوية يطبعها التعاون.