تفاقم عجز السيولة في المصارف المغربية
تزايدت حاجة البنوك المغربية إلى السيولة مدفوعة بتراجع النشاط الاقتصادي والتجاري ومضاعفة البنك المركزي لعملياته في ضخ سيولة للبنوك وفي الاقتصاد طيلة أشهر في ظل وضع صحي مأزوم قوض قدرات المصارف على تأمين العمليات المالية.
راكم الوباء تحديات كبيرة على البنوك المغربية حيث تسبب في شح كبير في السيولة جعل من مهام المصارف أكثر تعقيدا في وقت تكافح فيه هذه البنوك أصلا فوائض القروض غير المسددة.
وكشفت مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة المغربية، عن تفاقم حاجات البنوك إلى السيولة خلال شهر يوليو الماضي، لتصل في المتوسط إلى 10.2 مليار دولار، مقابل 10 مليارات دولار في يونيو و9.6 مليار دولار في مايو.
وأكدت المديرية لجوء بنك المغرب المركزي في يوليو إلى زيادة حجم عملياته لضخ السيولة الذي بلغ متوسطه نحو 11.1 مليار دولار، مقابل 10.5 مليار دولار خلال الشهر الذي قبله.
ووفقا للمديرية فقد تدخّل البنك المركزي من خلال عمليات القروض المضمونة لمدة سنة برسم برنامج دعم تمويل المشاريع الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، والتي ارتفع متوسط مبلغها إلى 3.1 مليار دولار.
وبخصوص تطور معدلات القروض، واصل متوسط المعدل العام تراجعه خلال الفصل الثاني من سنة 2020، مسجلا تراجعا على أساس فصلي بـ29 نقطة أساس ليبلغ 4.58 في المئة.
وشمل هذا التطور معدلات قروض التجهيز يقدر بناقص 31 نقطة أساس إلى 4.21 في المئة، وتسهيلات الخزينة (ناقص 23 نقطة أساس إلى 4.41 في المئة). بالمقابل، شهدت معدلات قروض الاستهلاك والعقار ارتفاعا بلغ 34 و6 نقاط أساس إلى 7.09 و5.22 في المئة على التوالي.
وارتفع حجم القروض غير المسدّدة لصالح المصارف المغربية، نتيجة التأثير السلبي المباشر لتفشي جائحة كورونا على الوضعية المالية لشريحة واسعة من الزبائن الحاصلين على تمويلات عقارية أو استهلاكية، ما راكم عبئا إضافيا على المصارف.
10.2
مليار دولار احتاجتها المصارف خلال يوليو نتيجة لجوء البنك المركزي إلى زيادة ضخ السيولة
وكشفت البيانات المالية نصف السنوية عن تفاقم مستوى القروض التمويلية المعسرة، خلال النصف الأول من العام الجاري، بنسبة تجاوزت 10 في المئة مقارنة مع مستوياتها مع بداية يناير من العام الجاري، وبنسبة 14 في المئة مقارنة مع نهاية شهر يونيو من العام الماضي.
كما ارتفع مستوى القروض التمويلية المعسرة الخاصة بالشركات بنسبة 9 في المئة، مستقرة في حدود 4.4 مليار دولار، بينما بلغ حجم مبالغ القروض المعسرة الخاصة بالأسر ما يعادل 3.4 مليار دولار.
وسبق وأكد بنك المغرب المركزي سيطرة واضحة للمقترضين الكبار على سوق القروض المصرفية بنسبة تجاوزت 68 في المئة، مقابل 32 في المئة للأسر، مع تسجيل ارتفاع واضح لظاهرة الإعسار في رد القروض المالية، سواء بالنسبة إلى الأفراد أو الشركات.
ويوصي خبراء في الاقتصاد والمالية، بضرورة تجاوز الطريقة الكلاسيكية في معالجة المشاكل المالية التي تواجه الشركات والأفراد المغاربة، والعمل على اقتراح بدائل لمساعدة من يعانون من صعوبات في سداد القروض التي بذمتهم، وذلك لإعادة الدينامية الاقتصادية.
وتتخوف المصارف من إمكانية استمرار اتساع دائرة القروض المعسرة، نظرا للظرفية التي يمر بها النسيج الاقتصادي الوطني بسبب كورونا، وانعكاس ذلك على الوضعية الاجتماعية والمالية للمستخدمين والكوادر العاملين في القطاع الخاص.
وخلف التوقف الجزئي أو الكلي لمجموعة من الأنشطة الاقتصادية وانخفاض معاملات قطاعات حيوية نتيجة الجائحة، أثارا واضحة على الأداء العام للمصارف العاملة في المغرب، إلى جانب توقف عدد كبير من المستهلكين عن سداد أقساط القروض.
وبلغ إجمالي قروض البنوك المغربية الموجهة للاستثمار في كل القطاعات نحو 18.7 مليار دولار نهاية سبتمبر الماضي، حسب البنك المركزي المغربي، وعرف ارتفاعا بنسبة 3.23 في المئة مقارنة مع ما كان عليه قبل عام.