مخاوف انهيار المنظومة الصحية في المغرب بسبب ارتفاع الإصابات بالوباء

بات الارتفاع القياسي في عدد الإصابات بفايروس كورونا في المغرب يهدد المنظومة الصحية في البلاد نظرا لتجاوز عدد المرضى لطاقة استيعاب المستشفيات، ما كشف عن مظاهر اختلال المنظومة الصحية في وقت ترتفع فيه الأصوات المنادية بإنقاذ القطاع من التهاوي المحدق.

يشهد المغرب منذ عيد الأضحى الماضي، ارتفاعا ملحوظا في إصابات فايروس كورونا، حيث بات يسجل حصيلة يومية تفوق الألف وأحيانا تقترب من الألفين، الأمر الذي تسبب في شلل المستشفيات وكشف عن هنات كبيرة.

وتعد حصيلة الإصابات اليومية خلال الفترة الماضية، تطورا غير مسبوق للوضع الوبائي بالمغرب، منذ تسجيل أول إصابة في 3 مارس الماضي.

ويجمع خبراء ومراقبون على أن هذا التطور بات يهدد بانهيار المنظومة الصحية، خاصة مع ارتفاع عدد الإصابات الحرجة التي تحتاج إلى العلاج بوحدات العناية المركزة.

والثلاثاء، تداول ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر العديد من مرضى كورونا يفترشون الأرض في أحد أقسام مستشفى “ابن زهر” بمدينة مراكش (جنوب البلاد).
ومنذ 24 يونيو الماضي، قررت السلطات المغربية تخفيف إجراءات الحجر الصحي بمختلف مناطق البلاد، باستثناء الأقاليم التي تشهد ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات.

ونسبت وكالة الأناضول للبروفيسور المغربي محمد البياز قوله إن “البلد عرف موجة أولى لتفشي كورونا في مارس الماضي، ونجح في تخطيها بفضل التدابير الاحترازية، التي اتخذتها السلطات آنذاك”.

محمد البياز: ارتفاع الحالات الحرجة قوض الطاقة الاستيعابية 

وأوضح أخصائي طب الجهاز التنفسي بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني (حكومي)، بمدينة فاس (شمال)، أن “تلك الإجراءات تمثل أساسا في فرض الحجر الصحي”.

وأردف “لكن رفع الحجر الصحي لإعادة إنعاش الاقتصاد وإن كان تدريجيا فإنه لم يكن كافيا لاحتواء الارتفاع المنتظر لعدد الإصابات”.

وتابع “ارتفاع الإصابات بعد رفع الحجر الصحي، يعود إلى الرفع من فحوصات الكشف عن الفايروس، حيث يبلغ عددها اليومي حاليا نحو 25 ألف فحص”.

واستطرد “بعد رفع الحجر بدأت بوادر موجة جديدة للوباء تلوح في الأفق ساهم فيها استهتار الكثير من المواطنين بعدم تطبيق التدابير الوقائية، والمخالطة الكبيرة خلال فترة عيد الأضحى”.

ولفت إلى أن “هذه الوضعية صاحبها ارتفاع في عدد الحالات الحرجة التي تتطلب العناية المركزة، وارتفاع معدل الوفيات اليومي خلال الفترة الماضية”.

ورأى البروفيسور المغربي أن “الموجة الجديدة وارتفاع الإصابات بشكل متسارع يعرضان المنظومة الصحية لضغوطات كبيرة تهددها بالانهيار إذا لم تتم إعادة تسطير الأولويات لترشيد الإمكانيات المادية والبشرية”.

وأردف “خاصة أن المنظومة الصحية عادت بعد رفع الحجر الصحي للتكفل بالمرضى الاعتياديين، الذين لا يمكن بأي حال التخلي عنهم”.

وذكر أن “السلطات الصحية والإدارية حاولت مواجهة ارتفاع الإصابات بداية بإنشاء مستشفيات ميدانية مخصصة للمصابين بالفايروس، لكن ذلك لم يعد كافيا”.

واستدرك “ارتفاع الحالات الحرجة أدى إلى وصول أقسام العناية المركزة إلى أقصى طاقاتها الاستيعابية وإرهاق العاملين في المجال الصحي”.

وحول الخطوات التي يجب القيام بها في ظل هذا الوضع، أفاد البياز بأن “الظرف الراهن يفرض أربعة أمور أساسية في إطار رؤية واضحة تتلاءم وتغيرات الوضعية الوبائية”.

بوادر موجة جديدة للوباء تلوح في الأفق

وأوضح بقوله “أولها تخصيص أقسام العناية المركزة فقط للحالات التي تتطلب التنفس الاصطناعي، وإحداث مستشفيات ميدانية جديدة مجهزة بالأوكسجين”.

وأضاف أن “الأمر الثاني هو استغلال المراكز الصحية الفرعية للتكفل بالمخالطين والحالات التي لا تعاني من أعراض، مما سينظم التعامل معها عبر العزل المنزلي”.

وبيّن أن “النجاح في هذه المسألة يفرض توفير نظام تواصلي للاستشارة الطبية عن بعد، مع توفير المستلزمات الطبية لتطبيق العلاج المناسب”.

وأضاف “الأمر الرابع يتمثل في ترشيد استخدام الكشوفات المخبرية خاصة ما يتعلق بالمسح الأنفي والفمي لتشخيص الفايروس”.

ويحتل المغرب المرتبة الأولى أفريقيا، والثالثة والثلاثين عالميا في عدد الفحوصات اليومية، حيث يجري أكثر من 25 ألف فحص يوميا.

واستطرد البياز “الأمر الرابع هو إشراك القطاع الخاص في علاج المرضى، ويشمل ذلك المستشفيات والعاملين بها والأطباء والممرضين بالقطاع الخاص، وأيضا المختبرات الطبية الخاصة، لتوسيع دائرة الفحوصات”.

وختم بالقول “هذا قد يشجع المواطنين على الاستشارة الطبية المبكرة لتجنب الوصول إلى الحالات الحرجة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: