كورونا يعصف بقطاع مجهزي الحفلات بالمغرب

كشفت أزمة كورونا عن هشاشة قطاع مجهزي الحفلات في المغرب، الذي يعتمد نشاطه على سلسلة من المهن الصغيرة والمترابطة في ما بينها. وأثر التوقف التام للأنشطة منذ مارس الماضي، بسبب إلغاء حفلات الزفاف أو تأجيلها إلى أجل غير معلن، على القطاع بالكامل رغم كونه موسميا بالأساس.

يعاني مهنيو قطاع مجهزي الحفلات من العديد من المشكلات جراء توقف أنشطتهم المعتادة بسب جائحة كورونا، حيث أعرب هؤلاء عن تأزم وضعيتهم المادية والاجتماعية والنفسية التي يعيشونها نتيجة توقف عملهم بعد تمديد منع كافة المناسبات الاجتماعية والتظاهرات الفنية والثقافية.

كما اشتكى مجهزو الحفلات من الضرر الكبير والإفلاس اللذين لحقا مهنيي القطاع جراء قرارات الحكومة التي سمحت باستئناف نشاط أغلب القطاعات الأخرى، واستثنت قطاع تجهيز الحفلات والأعراس.

وعرف قطاع تجهيز الحفلات انتكاسة حقيقية على جميع المستويات، حيث لوحظ عجز أصحاب القاعات وعدم قدرتهم على تسديد مستحقات الإيجار المتخلدة بذمتهم، ودفع شيكات الموردين الدائنين التي تؤرقهم، بالإضافة إلى ما اعترضهم من مشكلات في تسديد قروض استهلاكية وسيولة حصلوا عليها لمواجهة هذه الأزمة الصحية، فأصبحت عبئا إضافيا يثقل كاهلهم.

وأشار مجهزو الحفلات إلى أن عددا منهم لم يتوصلوا بدعم الصندوق المخصص لمحاربة جائحة كورونا، سواء من المتوفرين على بطاقة “راميد”، (بطاقة التغطية الصحية للفئات الهشة)، أو الذين سجلوا بياناتهم عبر بوابة “تضامن كوفيد”، التي أحدثتها لجنة اليقظة الاقتصادية لهذا الغرض.

وقال مولاي أحمد الصغير، مجهز حفلات وعضو تنسيقية وطنية لمجهزي الحفلات والتظاهرات ، إن وضعية العاملين بالقطاع مزرية خصوصا النُدُل والطباخين وبعض المستخدمين من عمال التنظيف، وتكمن المشكلات في غياب استراتيجية واضحة تجعل من القطاع أكثر تنظيما.

وشرح الصغير ذلك بأن التخبط بين قطاعين يجعلنا نعاني، حيث لا نعلم هل نحن ضمن قطاع للخدمات أم ننتمي إلى قطاع الصناعات التقليدية.

ويجمع تنظيم حفلات الزفاف بين العديد من المتدخلين الذين يعملون بشكل تسلسلي، حيث يقوم على سلسلة من المهن الصغيرة المترابطة في ما بينها، وبالتالي فقد أثر التوقف التام لكل الأنشطة منذ 14 مارس الماضي على القطاع بأكمله، رغم كونه قطاعا موسميا في الأساس.

وبات قطاع مجهزي الحفلات بمدينة فاس كغيرها من المدن مهددا بفقدان مناصب الشغل وإغلاق جل المحلات التي كانت تنشط في هذا المجال وتوقفت جميع الأنشطة.

وأكد عبدالنبي مجهز حفلات بجهة فاس  “أصبحنا مهددين بالتشرد خصوصا المشتغلين بشكل رسمي معنا كمجهزين إلى جانب تضرر الحرف التي لها علاقة مباشرة بقطاعنا”.

الأمل في عودة الحياة لقاعات تنظيم الحفلات طال

ولفت محمد رحال، رئيس الفيدرالية المغربية لمجهزي الحفلات، إلى أن “ما يعيشه مجهزو الحفلات ينذر بخطر يهدد ببلوغ سيناريوهات كارثية جراء التوقف التام لأنشطة الحفلات بعد انتشار الوباء، حيث أن العاملين في القطاع لم يعودوا قادرين على تحمل التكاليف القارة، خاصة منها أداء الإيجار الذي يشكل سيفا على رقاب الفاعلين في المجال”.

أما عن كيفية إدارة العاملين في القطاع لمشاكل هذه الظرفية الخاصة، فذلك يعود إلى كل شخص على حدة. ويوضح الصغير أن هناك من غيَّرَ عمله وأصبح يمتهن مهنة أخرى، وآخرون باتوا يعيشون على ما ادخروه زمن الرفاه، وهناك من لجأ إلى بيع مستلزمات وتجهيزات محله لسداد متطلبات المعيشة.

وكان أغلب مجهزي الحفلات قبل الجائحة قد حصلوا على تسبيقات مالية من طرف زبائنهم للتكفل بجميع تفاصيل حفلاتهم من أغراض وتجهيزات خلال فصل الصيف، ليجدوا أنفسهم مطالَبين بإرجاع هذه المبالغ لأصحابها الذين قرروا إلغاء حفلاتهم.

وأشار الصغير إلى أنه في التعامل مع الزبائن الذين قدموا دفعات على الحساب، هناك نوعان من المعاملة: هناك من قام بإلغاء مراسم الزفاف وطالب باسترجاع مصاريفه، فيما يأمل شق آخر في مرور الأزمة الصحية سريعا وعودة الحياة إلى سالف عهدها، ويفضل عدم استرداد أمواله والانتظار لإقامة حفلته في ظروف جيدة.

وطالب عبدالنبي مع استمرار الجائحة رغم تخوفه من خطوة اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات المصرفية، الحكومة بأن تقوم بإقناع المصارف بمساعدة المنتمين إلى هذا القطاع وفتح أبواب الحوار معهم في إطار مقاربة تشاركية لإيجاد الحلول الموضوعية لإنقاذهم على الأقل بتأجيل أداء الديون والضرائب.

وكان رحال رجّح، في حال استمرار الأزمة كامل الصائفة، أن تكون النتيجة تسجيل المهنيين عجزا يقارب 70 في المئة من رقم المعاملات، بالإضافة إلى فقدان مناصب الشغل في حدود 40 في المئة، مع إمكانية إغلاق ما يقارب 20 في المئة من نقط البيع.

ولا يزال بعض المهنيين يقاومون تبعات هذا التوقف بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك بيع الممتلكات، فيما اضطرت فئة أخرى إلى إعلان إفلاسها.

وكشفت توقعات صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن الاقتصاد الوطني سيفقد نحو 305 آلاف منصب شُغل خلال السنة الجارية، بسبب تداعيات أزمة كورونا، وتضرر قطاع تجهيز وتنظيم الحفلات والأعراس من آفة البطالة كونه مرتبطا بفئات كبيرة من المتدخلين والعاملين الفاعلين بالنسيج الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب.

وينتظر العاملون في قطاع تجهيز الحفلات التفاتة من الحكومة والجماعات المحلية حتى يتمكنوا من الاستمرار في تنشيط الحركة الاقتصادية والاجتماعية الوطنية، خصوصا قطاعي الحلويات والمخابز المرتبط بأعمال مجهزي الحفلات والذي سجل تراجعا مخيفا لرقم معاملاته قدر بحوالي 50 في المئة.

تنظيم حفلات الزفاف يقوم على سلسلة من المهن الصغيرة المترابطة في ما بينها، وقد أثر التوقف التام لكل الأنشطة على القطاع بأكمله

وكان رئيس الحكومة سعدالدين العثماني قد طالب في تصريح له المواطنين بتجنب العناق والمصافحة، مشددا على عدم الترخيص لاستمرار الحفلات والأعراس بعد الموجة الثالثة من تخفيف الحجر الصحي الذي شمل عددا من القطاعات.

وأثار هذا التصريح حفيظة الجمعية الوطنية لمهنيي قطاع تجهيز وتنظيم الحفلات والتظاهرات، إذ اعتبرته لغة “لا تليق برئيس الحكومة المغربية”.

وأشار المكتب التنفيذي للجمعية إلى أن كلام العثماني لا يرقى إلى أفق التطلع، ويعطل مصالح المواطنين المرتبطة بمهنيي القطاع. واشتكى مجهزو الحفلات من الضرر الكبير الذي لحقهم والإفلاس الذي بات يهددهم، منتقدين إعطاء الانطلاقة لكل القطاعات باستثناء مهنيي القطاع.

وقال الصغير إن تصريح رئيس الحكومة يعد ضربة قاصمة في حق الآلاف من الأسر وهو غير منطقي لأن هناك قطاعات تشتغل في أجواء تشبه الأعراس كالمطاعم والمقاهي وغيرها، وهناك أماكن تعرف ازدحاما خانقا كالأسواق والمساحات التجارية، متأسفا على أن مجهز الحفلات الصغير والمتوسط تضرر بشكل كبير، والغاية التخلص منه بشكل نهائي بما يخدم مصلحة البعض.

ووقع المنظمون للتنسيقية الوطنية لمجهزي الحفلات والتظاهرات عريضة وطنية تجمع جميع الحرف التي لها علاقة بالموضوع وتم توجيهها للحكومة بعد عيد الأضحى تتضمن مجموعة من المطالب.

ووفقا للصغير، من مطالب العريضة وبما أن هذه السنة ستكون بيضاء فلا بد من إعفاء القطاع من الضرائب وتخفيض نسبها مستقبلا، وتأجيل جميع أنواع الأداءات إلى ما بعد انتهاء سنة 2021.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: