مطالب التمويل تعري براغماتية الأحزاب المغربية

مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية طالبت الأحزاب السياسية المغربية وزارة الداخلية بمنحها دعما ماليا إضافيا، من أجل الاستعداد الجيد واستقطاب كفاءات جديدة، ما جعلها محلّ انتقادات واسعة نظرا لغياب الرؤية التضامنية خصوصا في الظرفية الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها المغرب مع تداعيات كورونا.

ويقول زعماء الأحزاب المغربية إن الغرض من الأموال هو من أجل تنمية تصوراتها وحشد الدعم السياسي حول أفكارها وبرامجها قصد عقد تجمعات خاصة بها والظهور بمختلف الفضاءات الإعلامية والسياسية لملء الفراغ.

وتتسابق الأحزاب السياسية لاقتسام 3 مليار سنتيم (30 مليون درهم) ستتم إضافتها إلى الدعم السنوي، حيث بلغت الموارد المالية للأحزاب المغربية سنة 2018 ما مجموعه 120 مليون درهم، أي 12 مليار سنتيم، منها 66 مليون درهم مُنحت لها في إطار الدعم العمومي الذي قدمته الدولة، أما الباقي فيأتي لها من واجبات الانخراط والهبات والوصايا.

ويتم الدعم بناء على نتائج الانتخابات، وعدد المقاعد التي يحصل عليها كل حزب، إضافة إلى واجبات الانخراط والهبات والوصايا.

وعلق رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية، أن الفعل الحزبي منفصل عن الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وبدت المنظومة الحزبية غير مكترثة للجائحة ولم تقدم أفكارا وبدائل لمواجهة الأزمة التي يعمل الجميع على تجاوز تداعياتها.

وأضاف لزرق ، أنه عوض أن تعطي الأحزاب السياسية المثال لتجاوز الوضع الخطير الذي تمر به الميزانية العامة وجدناها تتصارع حول نصيبها من الغنائم المادية وتوزيع المناصب ورفع ميزانيتها من الدعم الحكومي، وهو ما يطرح وطنية قيادات هذه الأحزاب.

إدريس جطو: نفقات الأحزاب بلغت ما قدره 116.87 مليون درهم

وأفادت مصادر سياسية ، بأن وزير الداخلية أوضح أن كل حزب سيحصل على دعم وفق القانون، حسب النتائج التي سيحصل عليها انتخابيا، وأن الأحزاب الكبرى الممثلة في البرلمان، هي التي طالبت وزارة الداخلية بتطبيق النسبية في توزيع أموال الدعم، باعتماد معيار نتائج الأصوات المتحصل عليها والمقاعد، وبذلك لن تكون هناك مساواة في توزيع أموال الدعم بين مختلف الأحزاب الصغرى منها والكبرى.

ولجأت الأحزاب السياسية إلى تبرير مطلبها بتفعيل الخطاب الملكي في العام 2018، الذي دعا الحكومة إلى رفع حصص مالية لكل الأحزاب، حتى تقوم بأدوارها في التأطير ووضع المقترحات العملية.

ويرتقب أن تعلن وزارة الداخلية عن إجراء الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية خلال شهر يونيو من السنة المقبلة 2021، بعد أن أجمعت الأحزاب السياسية على هذا التاريخ.

وقررت وزارة الداخلية أن تكون 2021 سنة انتخابية بامتياز، حيث سيتم خلالها تجديد كافة المؤسسات الوطنية والمحلية المنتخبة، من مجالس جماعية ومجالس إقليمية ومجالس جهوية وغرف مهنية، علاوة على انتخابات ممثلي المأجورين ثم مجلسي البرلمان.

وأكدت ذات المصادر أنه تعذر على الحكومة في الوقت الراهن توفير مبالغ إضافية لتوزيعها على الأحزاب جراء التداعيات السلبية لكورونا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

وقال محمد مصباح، مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات، إن المؤسسات السيادية في المغرب تحتل المرتبة الأولى بمعدلات ثقة أكبر مقارنة مع المؤسسات السياسية، لأن المواطن يرى في مؤسسات الدولة الجهة الوحيدة القادرة على حماية مصدر عيشه باعتبارها ضامنة للاستقرار.

وحسب دراسة المعهد المغربي لتحليل السياسات فَقَدَ المغاربة الثقة في المؤسسات الحزبية، إذ عبّر 86.8 في المئة من المستجوبين عن أنها (الأحزاب) فاقدة للمصداقية، فيما أكد 57.5 في المئة أنهم لا يثقون في منتخبي البرلمان.

ويرى متابعون للشأن الحزبي أن سبب فقدان الثقة في الأحزاب المغربية يرجع إلى فشلها في تأطير المواطنين، رغم حصولها على دعم سخي من الدولة في 2018.

وكشف إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أن 20 حزبا رفض إرجاع مبالغ الدعم إلى الخزينة قدرها 20.82 مليون درهم، تتعلق بالدعم الممنوح خلال استحقاقات انتخابية سابقة، بعدما تم التدقيق في الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها.

وأكد جطو أن نفقات الأحزاب بلغت ما قدره 116.87 مليون درهم، وتوزعت بين الدعم غير المستحق، الذي يعني حاصل الفرق بين مبلغ التسبيق المقدم للحزب، في إطار مساهمة الدولة، في تمويل الحملات الانتخابية، والمبلغ العائد له، وفقا للنتائج المتحصل عليها في الاقتراع المعني، والدعم غير المستعمل الذي يعني حاصل الفرق بين مجموع المصاريف المنجزة، من قبل الحزب ومبلغ الدعم العائد له، والدعم الذي لم يتم تبرير صرفه بوثائق إثبات.

ويأتي العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي، على رأس أغنى الأحزاب ومع ذلك يشتكي الحزب من ضعف الإمكانيات في تغطية التراب الوطني في مجال عقد التجمعات، إذ التمس قادته من الدولة رفع المخصصات المالية، ويوجد غريمه التجمع الوطني للأحرار الذي يتطلع لربح رهان انتخابات 2021، في المرتبة الثانية من حيث الموارد المالية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: