أزمة الإسكان تختبر قدرة الجزائر على تنفيذ وعود الإصلاح
تتزايد إشارات التشاؤم الصادرة عن الأوساط الاقتصادية الجزائرية من تفاقم الكارثة في قطاع الإسكان التي يقول محللون إنها تختزل أحد وجوه التقصير في إدارة الأزمات المتراكمة منذ سنوات، خاصة بعد أن عرى فايروس كورونا المستجد الكثير من العيوب التي كانت في طي الكتمان.
يكشف تخبط السلطات الجزائرية في حل مشكلة الإسكان المزمنة بسبب التباطؤ في استكمال المشاريع القائمة إقرارا ضمنيا بأن السياسات المعتمدة طيلة السنوات الماضية في هذا المجال كانت تسير في الطريق الخاطئ.
وخلال متابعة إنجاز مجموعة من المشروعات السكنية في ولايات (محافظات) بسكرة وباتنة وقالمة، شدد الرئيس المدير العام للمؤسسة الوطنية للترقية العقارية حافظ سفيان على ضرورة تسريع وتيرة الإنجاز والتنسيق مع مختلف المصالح لتسليمها في أقرب الآجال.
وقالت مؤسسة الترقية العقارية في بيان إن سفيان أعطى “تعليمات صارمة بضرورة التنسيق مع مديرية التعمير والبناء في تلك الولايات وكذلك مصالح سونلغاز للإسراع بعملية ربط المساكن الجاهزة بالغاز الخاص بالمنازل”.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن الرئيس المدير العام للمؤسسة أعطى مهلة زمنية لشركات التطوير العقاري قدرها ستة أشهر كأقصى حد لإنجاز ما تبقى من المشروعات التي بلغت نسبة الإنجاز فيها 65 في المئة من مجموع الأشغال لتسليمها في الآجال المتفق عليها.
وتتبع وزارة السكن عدة هيئات تضطلع بالإشراف وتسيير مختلف الصيغ السكنية، كدواوين الترقية والتسيير العقاري ووكالات التنظيم والتسيير العقاري والوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره.
ولكن الأزمة المالية التي تعيشها الجزائر، العضو في منظمة أوبك، منذ منتصف 2014 بسبب التراجع الحاد في أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، جعلت من مهمة تطوير قطاع الإسكان أمرا معقدا جعل السلطة الجديدة بعد الإطاحة بنظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في موقف محرج.
ودخلت العشرات من ورش البناء في الجزائر خلال الأعوام الماضية في حالة شلل بسبب امتناع البنوك عن دفع مستحقات الشركات المتعاقدة مع الحكومة لبناء مشروعات السكن، بعد عجز الموازنة الحكومية عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه العديد من شركات البناء المحلية والأجنبية.
وظل قطاع البناء خلال السنوات التي سبقت أزمة النفط أحد روافد الاقتصاد المحلي، حيث حقق نسبة نمو قدرت بنحو 7 في المئة، واستطاع تحريك الأنشطة المتصلة به، كصناعة مواد البناء خاصة الإسمنت والحديد والنقل، إلى جانب استقطاب نحو مليون عامل.
وبحسب خطط الحكومة سيركز قطاع السكن خلال الفترة الفاصلة بين 2020 و2024 على “ضمان حق المواطن في سكن لائق”، من خلال تنفيذ برنامج جديد يضم مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ مع تسليم 1.5 مليون وحدة.
ولا تتوانى السلطات في ترويج أنها تتجه نحو تطبيق “سياسة عمرانية حقيقية” تأخذ في الاعتبار المعايير المعمارية وتحافظ على التراث.
كما تشدد على أن تمنح تلك الخطط الأولوية للأسر ذات الدخل الضعيف، من خلال إعداد مخطط عمل ينبثق من قرارات الرئيس عبدالمجيد تبون.
وتضمن برنامج السكن للعام الماضي أكثر من 682 ألف وحدة سكنية في طور الإنجاز، منها 273.5 ألف مسكن بصيغة البيع بالإيجار و217.5 مسكن عمومي إيجاري و114 ألف مسكن بصيغتي التساهمي والترقوي المدعم، إلى جانب حوالي 22 ألف سكن ترقوي عمومي وحوالي 55 ألف سكن ريفي.