عاد لينتقم: الحياة تدب في جهاز الاستخبارات الجزائري
أبلغ القضاء الجزائري اثنين من أبناء قائد الجيش السابق الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، بالمنع من السفر، في خطوة توحي بفتح تحقيقات قضائية مع رجلين ظلاّ إلى غاية الأسابيع الأخيرة بعيدين عن دائرة المساءلة والتحقيق، بسبب نفوذ والدهما في الدولة، خاصة خلال مرحلة الفراغ التي عرفتها البلاد بعد تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة عن السلطة في مطلع أبريل 2019.
وذكر تقرير لصحيفة “الوطن” المحسوبة على جناح جهاز الاستخبارات السابق، أن محكمة ضاحية الدار البيضاء بالعاصمة، أبلغت كل من عادل وبومدين، وهما نجلا الجنرال أحمد قايد صالح بتطبيق قرار المنع من السفر، إلى جانب أشخاص آخرين تحسّبا لفتح تحقيقات قضائية معهم.
وفيما لم يشر التقرير إلى طبيعة ومضمون التحقيقات المنتظر فتحها من طرف المصالح الأمنية المختصة (الاستخبارات)، إلا أن القرار جاء غداة استرجاع الجزائر لضابط الصف (مساعد أول) من تركيا بالاتفاق بين سلطتي البلدين، والذي كان يوصف بـ”العلبة السوداء” لقيادة أركان الجيش، ورافق الجنرال الراحل قايد صالح في منصب السكرتير الخاص.
وفرضية وجود صلة بين التحقيقات الأمنية مع الرجلين غير مستبعدة، بانتظار نتائج التحقيقات التي جرت مع ضابط الصف قرميط بونويرة، والذي كان مقربا من عائلة قائد الجيش السابق وتمكن من حيازة ملفات مهمة بعد إعلان وفاة قايد صالح نهاية شهر ديسمبر الماضي.
وبالسقوط المنتظر لنجلي قايد صالح، يكون الجناح الصاعد في الآونة الأخيرة، قد تخلص كليّا من تركة الرجل بعد إزاحة كبار الضباط والجنرالات المحسوبين عليه من مناصبهم، على غرار مدير الاستعلامات الداخلية واسيني بوعزة، ومدير الوسائل التكنولوجية والاتصالات عبدالقادر لشخم، ومدير التجهيزات العسكرية علي العكروم، فضلا عن عثمان بلميلود وشواقي وغيرهم.
وسبق أن أفادت صحيفة الوطن المحسوبة على جهاز الاستخبارات السابق، بأن السلطات العليا في البلاد فتحت قنوات اتصال مع جنرالات فارّين، كوزير الدفاع السابق خالد نزار، وعبدالرزاق الشريف وسعيد باي، من أجل إقناعهم بالعودة إلى أراضي الوطن والخضوع للقضاء المحلي.
وأشار ذلك إلى عودة الجناح المذكور إلى مراكز القرار في السلطة، من خلال ترتيب عودة عناصره بعناوين مختلفة سواء في المؤسسات الرسمية، أو المراجعة القضائية للأحكام التي يُتابع بها هؤلاء، مقابل السقوط المدوي والمتتابع لعناصر الجناح الآخر (أحمد قايد صالح).
ويوجد العشرات من كبار الضباط والجنرالات في حالة فرار أو سجن، بإيعاز من قائد الجيش السابق قايد صالح الذي استغل فضيحة شحنة الكوكايين (مايو 2018) لفتح حملة توقيفات سجن وحركة واسعة في صفوف المؤسسة العسكرية، بمن فيهم مدير الاستخبارات السابق بتهمة التخطيط للانقلاب على النظام ومؤسسة الجيش برفقة الجنرال عثمان طرطاق وسعيد بوتفليقة، شقيق ومستشار رئيس الجمهورية السابق.
وظلت عائلة قائد الجيش السابق بعيدة عن المساءلة، رغم الأصابع الموجهة إليها باستغلال النفوذ في الحصول على استثمارات وممتلكات والاستحواذ على تموين الجيش، إلى غاية الإشارة التي أطلقها مدير وكالة النشر والإشهار المحتكرة للإعلان الحكومي العربي، عن وقف إمداد صحيفة “إيدوغ نيوز” المملوكة لأحد أبناء قايد صالح، والصادرة في مدينة عنابة بالإعلانات بسبب عدم وجود أي علاقة بين المالك ومهنة الإعلام.
واعتبر ملاحظون أن قرار الوكالة الذي استهدف إحدى أكبر العائلات النافذة في مدينة عنابة وفي الجزائر عموما، يمهد لقرارات أخرى قد يسقط أفرادها تباعا، في مؤشر على نهاية الجناح العسكري والسياسي الذي كوّنه قايد صالح خلال السنوات الأخيرة.
ولم تستبعد فرضية استغلال النفوذ والحصول على مزايا غير وجيهة في التحقيقات المنتظرة مع نجلي أحمد قايد صالح (عادل وبومدين)، مع اقتراب محاكمة البرلماني السابق عن محافظة عنابة بهاء الدين طليبة.