متاعب الحدود تعيد اهتمام الجزائر بتفعيل مشروع اتحاد المغرب العربي

مكّن اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا الجزائر من أن تعيد العمل على إحياء اتحاد المغرب العربي، حيث أكدت الحكومة الجزائرية على لسان المتحدث باسمها ووزير الاتصال عمار بلحيمر أنها تسعى لإحياء هذا المشروع، ملمحة إلى بداية تبدّد الخلافات مع المغرب بعد سنوات من التصعيد بين الطرفين.

 عاد مشروع المغرب العربي إلى الخطاب الدبلوماسي الجزائري مجددا، وذلك عبر الترحيب باتفاق أطراف الصراع الليبي على وقف إطلاق النار والدخول في مسار التسوية السياسية للأزمة، فضلا عن تعبير الحكومة الجزائرية على استعدادها للتهدئة مع المغرب وتجاوز الخلافات المتراكمة بين البلدين بهدف تفعيل مشروع المغرب العربي المعطل منذ سنوات.

وجددت الجزائر على لسان وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر، ترحيبها بالاتفاق المتوصل إليه بين البرلمان الليبي وحكومة الوفاق الوطني، من أجل وقف إطلاق النار في ليبيا، والدخول في مسار تسوية سياسية للأزمة التي أنهكت المنطقة.

واعتبر المتحدث في تصريح أدلى به لوكالة “سبوتنيك” الروسية، أن حلحلة الأزمة الليبية وعودة الأمن والاستقرار إليها سيساعدان على تفعيل مشروع المغرب العربي، وعلى إمكانية تفرّغ دول المنطقة لجهود التنمية والتعاون، الأمر الذي يعبر عن رغبة بلاده في العودة إلى الإطار المعطل بسبب الخلافات الثنائية.

وأكد بلحيمر أن “عودة ليبيا إلى الساحة الدولية وتخلصها من آفة الإرهاب سيعطيان دفعا مشروعا للاتحاد المغاربي، الذي يُعد من بين الأهداف المنشودة لبناء الجزائر الجديدة، بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، ما يلمح إلى إمكانية عودة التقارب بين دول المنطقة، خاصة بين الجزائر والمغرب”.

وكانت الجزائر قد جدّدت عرضها لاحتضان حوار بين الفرقاء الليبيين للتوصل إلى حل سلمي للأزمة، بعد إعلان وقف إطلاق النار من قبل المجلس الرئاسي ومجلس النواب. وذكر بيان لوزارة الخارجية أن “الجزائر أعلنت خلال مؤتمر برلين استعدادها لاحتضان حوار شامل بين الأشقاء الليبيين ينطلق بوقف إطلاق النار بهدف الوصول إلى حل سلمي يحفظ مصالح ليبيا والشعب الليبي الشقيق”.

عمار بلحيمر: تخلص ليبيا من الإرهاب سيعطي دفعا للاتحاد المغاربي

وأضاف “الجزائر وبحكم الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمعها مع الشعب الليبي، سعت منذ بداية النزاع إلى التحرك على كافة المستويات الإقليمية والدولية لإيقاف النزيف والحد من مخاطر الأزمة على أمن واستقرار المنطقة”.

وأكد بلحيمر أن “القضية الليبية قضية تخص الليبيين وحدهم، وأن أمن الليبيين من أمن الجزائر، وكل المساعي التي تجمع الفرقاء على طاولة واحدة وتوحد صفوفهم وتحافظ على وحدتهم الترابية، الجزائر تباركها وتدعمها”.

وأشار إلى أن التنسيق الجاري بين الجزائر وتونس خاصة في المجال الأمني، ينطلق من رفض بلاده لأي تدخل خارجي أو عسكري ينسف كل الجهود السياسية المبذولة لأجل استرجاع ليبيا لليبيين، ومن رغبة البلدين في سد المنافذ أمام الجماعات الإرهابية، التي تحاول ضرب استقرار المنطقة.

وفي ما يتعلق بموقف بلاده من المبادرة الملكية المغربية لتصفية الخلافات بين البلدين والتقريب بينهما، أكد بلحيمر أن “الجزائر ترحب بأي مبادرة هدفها البناء ولم الشمل، وباعتماد أسلوب الحوار والطرق المشروعة بكل شفافية، مع احترام خصوصية كل بلد وسيادته، دون المساس بالمبادئ الأساسية للدبلوماسية الجزائرية المبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد”.

وذكر المتحدث أن “المغرب بلد جار وشقيق تربطه مع الجزائر علاقات لها عمقها التاريخي والحضاري، وأن البلدين يملكان هدفا مشتركا من خلال الوصول إلى بناء صرح مغاربي موحد بتوفير جميع الشروط طالما أن الإرادة السياسية لقادة البلدين موجودة، ومصيرنا مشترك في ظل التحديات الراهنة، خاصة ما تعيشه المعمورة بسبب تداعيات الأزمة الصحية”.

ولفت إلى أن بلاده “لا تلتفت لأي محاولة لتعكير صفو الروابط بين الشعبين المغربي والجزائري الشقيقين، باعتبار أن الغاية الأسمى هي حشد الطاقات وشحذ الهمم لبناء اتحاد مغاربي قوي نحمي فيه مصالحنا، وندافع من خلاله عن وحدتنا في ظل الاحترام التام للمواثيق الدولية وقرارات المجتمع الدولي، لحماية الشعوب وإعطائها حقها في تقرير مصيرها، مثلما هو الحال بالنسبة للقضية الصحراوية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: