هل كذب الأطباء ببلجيكا في عدد الوفيات بكورونا؟
يقال إن لغة الأرقام لا تكذب، ولكن ما يعيشه العالم اليوم من ارتباك وتخبط واضح حول احتواء الفيروس منذ الإعلان الأول عن بدء انتشاره بمدينة ووهان الصينية في دجنبرالماضي، يُدخل الشك لدى الكثيرين ويطرح تساؤلات عدة، أبرزها “هل كذبت الحكومات في إحصاءات مصابي كورونا؟”، وهل هناك تعمد من قِبل بعض الأنظمة في إخفاء حقيقة ما تعلنه عن “كورونا”؟، لا سيما أنه لم يتوصل أحد إلى الطريقة المثلى للتعامل مع هذا الوباء بعد مرور ما يقارب الثمانية أشهر على تفشيه وتسارع الدول في سن قوانين وإجراءات احترازية للحد من ذلك، ومع ذلك تسجل الأرقام زيادة سريعة في أعداد الإصابات. فلا أحد يعلم بعد إلى ماذا ستؤول الأمور في الشهور المقبلة؟، ولا تزال دول متقدمة ومتطورة على الصعيد الطبي، تتعامل بطريقة التخمين مع الأدوية أو اللقاحات الواجب استعمالها، كما مع طريقة انتشار الوباء، إذ تطالعنا وسائل الإعلام يومياً بأخبار ومعلومات ثم تعود وتنفي صحتها.
وباتت بلجيكا تتقاذف التهم والإشاعات حول صحة أرقام المصابين وأعداد الوفيات، وهي لا تزال تعيش فوضى وعشوائية بطريقة التعامل مع الفيروس، علماً أنها لم تقصّر في تشكيل خلايا وأجهزة رقابة متخصصة مؤلفة من أطباء وعلماء، لكن بدا وكأن الفيروس يتحايل بطريقة تفشيه وسرعته في ذلك، ولم يسلم منه حتى الآن، لا الصغير ولا الكبير ولا السياسي أو الفنان، وكأنه يريد القول “لن أعفي أحداً طالما أنكم لم تتوقعوا قدومي”.
في بروكسيل الجميع بخير رغم التشكيك
“جميع أفراد الجالية بخير”، نجم عنها شكوك البعض ومخاوف الآخر، لا سيما على منصات التواصل الاجتماعي. وتغذيها مؤسسات إعلامية يصفها مغاربة العالم بأنها محترفة الصيد في مياه السياسة العكرة.
وهذه الأيام لا يعكر صفو إشادات غالبية المواطنين وتزكيات المنظمات الأممية على ما تتبعه بلجيكا من إجراءات في ظل أزمة كورونا، والتعامل مع أعداد الوفيات إلا تشكيكات تظهر بين الحين والآخر حول صحة الأرقام و خصوصا ضحايا كوفيد 19 حسب تصريحات الأطباء.
فهل كل الضحايا مصرح بهم توفوا نتيجة الإصابة بفيروس كورونا ، أم أن السبب أمراض مزمنة أخرى بعيدة كل البعد عن كوفيد 19 ؟
و ما الغرض من تصاريح الأطباء ببلجيكا التي تضع الشك في سبب الوفاة و لا تجزم في السبب الرئيسي وراء ذلك؟
تصريحات خطيرة لمدير شركة نقل الأموات المسلمين لبروكسيل السيد جمال طاهري الذي صرح لأخبارنا الجالية أن بين 540 وفاة بين أفراد الجالية بفيروس كورونا فقط 100 شخص من توفوا حقيقة بهذا المرض ، و أن الطاقم الطبي ببلجيكا كان يكذب في جميع تقاريره و يضع كلمة ( شك كوفيد ) على ضحايا أمراض مزمنة أخرى ، مما جعل عدد ضحايا الوباء بين الجالية يرتفع في الشهور الأخيرة ، و يرجع هذا حسب تصريحه ربما لكثرة العمل و تفادي القيام بفحوصات أخرى أو للحصول على حافز مالي كلما كانت الوفاة ناتجة عن فيروس كورونا .
تزييف الحقيقة من لدن الأطباء ببلجيكا جعل الجالية المغربية تتضرر مباشرة بمنع نقل جثامين موتاها إلى المغرب و ذلك لرفض السلطات المغربية دفن ضحايا كوفيد بالمغرب .
كما أن الضرر النفسي للعائلات المغربية الناتج عن عدم توديعهم لموتاهم و عدم تشييعهم جثامينهم جعلهم يعيشون ضغوط نفسية قد تكون لكورونا الجزء الأكبر فيها حيث جلب الخوف من إصابة المرء أو عائلته بالعدوى، كما أن الحجر الصحي المنزلي الذي تعيشه العائلة بعد وفاة أحد أقاربها، تسبّب بإحساسها بالوحدة والتوتر والقلق، خاصة أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وغير مؤهل طبيعياً للتعايش مع إجراءات التباعد الاجتماعي التي فرضها الفيروس.
تضليل الأرقام
كذب الأرقام فيما يختص بما تعلنه الحكومة البلجيكية عن أعداد المصابين والمتعافين لم يعد ممكناً. و ذلك راجع للأرقام الخيالية التي صرح بها الطاقم الطبي بدون أي دليل يثبت أن سبب الوفاة راجع للوباء ،و بدون إجراء استقصاءات دقيقة للمرضى الذين يعانون من أمراض أخرى .
التوعية في زمن العنكبوت
إلا أن التوعية المنشودة من قبل الحكومة البلجيكية ، التي يؤمل أن يَنتج عنها تصديقٌ كاملٌ وثقة بالغة في كل ما يصدر عن الحكومة أمر فيه استحالة في زمن منصات التواصل العنكبوتي، حيث الخبر وضده والمعلومة وعكسها، وكل من لديه شاشة ولوحة أرقام قادر على تحريك الرأي العام، ناهيك بميراث طويل ثقيل من عدم الثقة الشعبي. و”زمن كورونا” ليس استثناء، لكنه ثِقل مضاعف.
يقول الطبيب المتخصص في أمراض المناعة ( خ.د) ، إن “الأرقام التي يتم إعلانها في بلجيكا لا يمكن التلاعب فيها، مع العلم أن عملية الحصر بالغة الصعوبة في أي بلد، ولا توجد دولة يمكنها أن تدعي سهولة حصر الأرقام الحقيقية. هناك حالات إصابة بفيروس كورونا تكون أعراضها خفيفة جداً، وأخرى لا يبلغ أصحابها عن أنفسهم أو يطلبون الخضوع لاختبار كورونا”.
ويشير إلى أن العدوى بهذا الفيروس تختلف من شخص إلى آخر، بحسب عمل جهاز المناعة والسن والأمراض المصاب بها وغيرها من العوامل، وبالتالي “تحديد أعداد المصابين بدقة أمر مستحيل”.
يضيف، أن الأرقام المعلنة تعتمد على الأشخاص الذين يتوجهون إلى المستشفيات، أو نتيجة عمليات المسح التي تجري في أماكن مختلفة، منها العائدون إلى بلجيكا خلال الأسابيع القليلة الماضية. موضحاً أن عمليات المسح تلك لا تُجرى على كل المواطنين، لا في بلجيكا ولا أي دولة أخرى.
يُذكر أن صحفاً غربية، منها “غارديان” البريطانية و”نيويورك تايمز” الأميركية، كانت قد نشرت تقارير مستوحاة من دراسة لباحث كندي أجراها في الأصل على إصابات كورونا في إيران، وسلطت الصحف الضوء على بضعة أسطر في الدراسة مفادها أن في دول عديدة ومن ضمنها بلجيكا ، ربما تكون التقديرات المعلنة غير صحيحة لأسباب تتعلق بعدم توجه المواطنين للإبلاغ أو الخضوع للاختبارات. الغريب أن منظمات حقوقية وقنوات تلفزيونية ومواقع إخبارية معروفة اعتبرت المقالات برهاناً دامغاً على كذب الحكومة.
البلجيكيون فريسة غموض تعامل الحكومة مع كورونا
يتساءل البلجيكيون عما إذا كان النظام يتعامل بشفافية في ما يخص عدّاد الإصابات بفيروس كورونا. وتبدو الحكومة وكورونا نِدَّين على الأرض، أو خصمين يتنازعان للبقاء. ولطالما كانت أرقام وزارة الصحة وبياناتها منذ 14 مارس (آذار) حتى اللحظة مثاراً للجدل.
خليك بالبيت
وتحتشد وسائل التواصل الاجتماعي بوسمَيْ “خليك_بالبيت” و”صحتك_مسؤولية”. ولا تتوقف الإعلانات التي تضخ على مدار الساعة عبر وسائل الإعلام المحلية الداعية إلى الحيطة والحذر، إضافةً إلى التقارير التي تؤكد خلو الشارع من المارة كدليل على التزام المواطنين بالقرارات الحكومية.
يقول أحد المواطنين، “لا يعنينا كمتابعين إلا الجديد، كل يوم الديباجة ذاتها، أي التعليمات من الوقاية بغسل اليدين والنظافة. هذا حفظناه. ما نريده ماذا يفعل الأشخاص في الحجر الصحي؟ وكم أعدادهم الحقيقية؟ نريد مسؤولاً صحياً يخرج عن صمته ويصارحنا”.