سوق الثعابين

نبّه تقرير صحافي إلى آخر شيء يمكن أن يفكر به الناس الذين يعيشون تحت طوق كورونا الأعمى، بالإشارة إلى أن أفاعي الكوبرا جائعة، وبعضها مات بالفعل.

وذكرت صحيفة فايننشيال تايمز مضت ستة أشهر على حظر الحكومة الصينية تربية واستهلاك الثعابين، لأن الطلب المتزايد على مخلوقات الحياة البرية أدّى إلى تقريب الأمراض الحيوانية من البشر. ويأتي الحظر الصيني على استهلاك الثعابين، في إطار استجابتها لمنع فايروس كورونا جديد في مدينة ووهان.

الصين تتحدث هنا عن الأفاعي بوصفها طعاما، كان يباع الكيلوغرام الواحد من لحمها، قبل انتشار الوباء، بسبعة دولارات، وبعد الحظر، أصبحت الثعابين تأكل الثعابين من الجوع، فمربوها يفتقدون إلى المال لإطعامها بعد أن أقفلت السوق أمام بضاعتهم، وينقل التقرير عن أحد الباعة قوله “إذا لم تكن هناك سوق، فماذا يمكن أن أفعل بها؟” ماذا يفعل بالأفاعي!

أنا من بين الأشخاص الذين يمتلكون -عن طريق المصادفة- التجربة الواقعية التي تجعلهم يقدرون هذا الاهتمام بالأفاعي لتربيتها بوصفها كائنات جميلة ملونة ومسالمة! كما أنني شاهد على نسبة من معارض هذه السوق وكيف تدرّ مبالغ كبيرة سنويا على المتاجرين بالزواحف.

نعم للثعابين والزواحف بشكل عام أسواق ومعارض كبيرة تعقد في أكثر من فصل في السنة، ويتنقل المتاجرون بها بين الدول بانسيابية قانونية، ويعرضون بضاعتهم بصناديق آمنة، كما يطهرون أيديهم قبل كورونا عند لمس الأفاعي، ولست متأكدا ماذا يحدث اليوم لهذه الأسواق والمعارض. لكن أصحابها لا يعيدون بالتأكيد سؤال ذلك التاجر الصيني المتضرر “ماذا يمكن أن أفعل بها؟”.

كما تَصْدر عن أسواق الزواحف مجلات في غاية الأناقة تعرض لتفاصيل مثيرة، وتجعل المهتمين بها على تواصل دائم، فهذه السوق ليست خطرا أو عبثا كما يبدو للوهلة الأولى، بل إن الثعابين غير السامة تجد من يهتمّ بها ويربيها، وكلما كانت نادرة اللون كلما ارتفع سعرها.

اكتشفت ذلك بعد مرافقتي لصديق مولع بتربيتها في رحلات سنوية كنا نقود السيارة من لندن إلى هولندا وألمانيا أربع مرات سنويا لحضور معارض الزواحف، أبهرني هذا العالم والعدد الكبير المهتم بتربية الثعابين بوصفها كائنات جميلة.

وصل الحال بصديقي إلى شراء بيض ثعابين قبل أن تفقس من تزاوج نوعين نادرين، على أمل خروج ثعبان بلون مختلف كليا! سافر من أجل البيض إلى غابات غانا، ومن سوء حظي لم أرافقه.

في عالم الزواحف البرية توجد مجموعة من الأسواق القانونية يشارك فيها مربون من دول مختلفة، بالطبع توجد أسواق غير قانونية، وكثير منها في مكان ما بينهما. في الصين مثلا نحو خمسين نوعا من الثعابين كان مسموحا بتربيتها وبيعها قبل كورونا. ليست حياتنا وحدها التي تغيرت جراء الوباء، فحياة الثعابين أيضا!

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: