المغرب يسجل حضورا متزايدا في الأزمة الليبية

يمثل تعيين الدبلوماسي المغربي محمد أوجار رئيسا للبعثة الأممية لتقصي الحقائق في ليبيا، خطوة مهمة للدبلوماسية المغربية التي كثفت جهودها خلال الفترة الماضية في اتجاه استعادة زمام المبادرة في ما يتعلق بالأزمة الليبية وسط توقعات متزايدة باستضافة فصل جديد من المحادثات بين أطراف الصراع.

وأثار استبعاد المغرب من مؤتمر برلين الذي تم فيه استدعاء الدول المعنية بالأزمة الليبية صدمة للدبلوماسية المغربية التي أشرفت على اتفاق الصخيرات الذي مازال المجتمع الدولي يعتبره المرجعية السياسية الوحيدة وعكس وجود مساع لإبعاده عن الملف الليبي.

وذكر بيان للمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أن أوجار الوزير والدبلوماسي السابق سيتولى رئاسة البعثة الأممية لتقصي الحقائق حول ليبيا.

وأوضح البيان أن البعثة، التي تضم إلى جانب أوجار كلا من تراكي روبينسون وشالوكا بياني، تم إحداثها من طرف مجلس حقوق الإنسان في الـ22 من يونيو 2020 ، من أجل توثيق مزاعم انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من قبل جميع الأطراف في ليبيا منذ 2016.

ويعكس تعيين أوجار على رأس هذه اللجنة، التي ستضطلع بدور حساس يتطلب الكثير من الحياد والموضوعية، ثقة دولية وإقليمية في الدبلوماسية المغربية التي سبق وأن نجحت في تتويج جولات من المفاوضات باتفاق الصخيرات.

ورغم معارضة البرلمان والجيش بقيادة المشير خليفة حفتر للاتفاق حينئذ، بسبب اعتراضهم على إضافات وقعت على الاتفاق خلال اللحظات الأخيرة من بينها المادة الثامنة التي اعتبرت حينئذ تستهدف استبعاد حفتر من قيادة الجيش، إلا أن خبراء يؤكدون أن فشل الاتفاق يعود إلى انتقائية حكومة الوفاق في تطبيقه.

ووقع طرفا النزاع الليبي، في ديسمبر 2015، اتفاقا سياسيا بمدينة الصخيرات المغربية، نتج عنه تشكيل مجلس رئاسي، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب، وإنشاء مجلس الدولة.

ويرى هؤلاء أن فشل الاتفاق في إنهاء الفوضى والانقسامات يعود أساسا إلى تعمد الإسلاميين المسيطرين على الحكومة والمجلس الرئاسي إهمال البنود المتعلقة بالترتيبات الأمنية التي كانت تهدف للقضاء على سطوة الميليشيات التي يرفض الجيش استمرار سيطرتها على العاصمة وقاد العام الماضي حملة ضدها انتهت بتدخل عسكري تركي مباشر ما أجبره على الانسحاب من كامل المنطقة الغربية.

تطورات قد تعقد فرص الحلول السياسية

وبينما تتزايد التحذيرات من حرب إقليمية قد تندلع في أيّ لحظة بسبب إصرار تركيا وحلفائها الإسلاميين على السيطرة على سرت والموانئ النفطية، تتضارب الأنباء بشأن استضافة المغرب لجولة جديدة من المفاوضات.

وأعرب رئيس مجلس الدولة والمحسوب على تنظيم الإخوان المسلمين خالد المشري عن استعداده لمحادثات مباشرة مع رئيس البرلمان عقيلة صالح. وقال إن “الأزمة الليبية لا يمكن أن تحل إلا عبر الطرق الدبلوماسية”.

وأضاف المشري “هناك جهود تبذل من طرف المغرب تحت رعاية الملك محمد السادس، من أجل الدفع بالجهود الدبلوماسية لحل الأزمة الليبية”.

وتابع “في إطار ذلك، قمنا بزيارة للمغرب في يوليو الماضي تزامنت مع وجود عقيلة صالح فيه، وقلنا: نحن على استعداد للقاء معه شرط أن يكون هذا اللقاء علنيا، وبحضور الإخوة المغاربة، وبضمانات دولية”. ولفت المشري إلى أنه على استعداد للقاء مع الأطراف الليبية الأخرى المتنازع معها، بالشروط ذاتها.

ورغم علاقة عقيلة صالح الجيدة بالمغرب إلا أنه من غير المعروف ما إذا كان مستعدا للقفز على مبادرة القاهرة التي سبق أن أعلن عنها خلال مؤتمر صحافي لعقيلة صالح وحفتر والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

وأعلنت مصر في مطلع يونيو الماضي عن مبادرة لحل الأزمة الليبية يرى مراقبون أنها نفس المبادرة التي أعلن عنها عقيلة صالح.

وتهدف المبادرة إلى “وقف إطلاق النار وإلزام الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، بجانب استكمال مسار اللجنة العسكرية 5+5 في جنيف”.

كما تهدف المبادرة إلى ضمان تمثيل عادل لكافة أقاليم ليبيا الثلاث، في مجلس رئاسي ينتخبه الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة، للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

ويقول مراقبون إن نجاح التحركات المغربية التي يبدو أنها تحظى بدعم أميركي يستوجب بالضرورة التنسيق بشكل أكبر مع مصر الداعم الإقليمي المهم لسلطات شرق ليبيا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: