ضغوط على الرباط لتتبع شبكة فساد شركة سامير النفطية

تزايدت ضغوط الأوساط الاقتصادية والنقابية على الحكومة المغربية للكشف عن ملابسات إفلاس شركة سامير النفطية، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات لاسترجاع الأموال المنهوبة بدعوى الاستثمار، في خطوة ضغط على الحكومة لتفكيك عناصر الفساد التي تسببت في طرد آلاف العمال.

صعدت أكبر النقابات في المغرب من لهجتها لمطالبة السلطات بـفتح تحقيق موسع، لتحديد المسؤوليات عن الإفلاس المقصود لشركة سامير، التي تمتلك المصفاة الوحيدة لتكرير البترول بالمغرب، ومتابعة كل المتورطين في ذلك واستكمال الإجراءات القانونية للتفويت في أسهم الشركة للدولة لتحسين أدائها.

وطالبت الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، في مراسلة تحصلت “العرب” على نسخة منها، الحكومة باتخاذ ما يلزم من الإجراءات لاسترجاع الأموال المنهوبة بدعوى الاستثمار، وعمليات التصدير والاستيراد.

كما دعت إلى توقيع العقد مع شركة سامير، وتعزيز السيادة الطاقية للمغرب، ومعالجة الاختلالات في مخزون الأمان والأسعار المتضخمة للمحروقات بعد تحريرها.

وأشار الأستاذ الجامعي محمد ياوحي، أن “المشكلة تكمن في تصرف الشركة وهو ما أدى إلى إعلان إفلاسها دون حسيب أو رقيب إضافة إلى تواطؤ بين جهاز التدبير وجهاز الرقابة، اللذين يشكلان أجهزة وظيفية عمومية تتبادل المصالح والمراكز في ما بينها”.

وتقول مصادر من الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، أن “المستثمر السعودي محمد العمودي، الذي كان يمتلك أغلبية أسهم شركة سامير، وبعض المديرين التنفيذيين بالشركة تسببوا في إفلاس الشركة، بسبب تلاعب في عمليات مالية مشبوهة، ما نتج عنه تشريد عدد كبير من الأسر المغربية”.

وكانت المحكمة التجارية في مدينة الدار البيضاء قد قررت، في يناير الماضي، تمديد التصفية القضائية لشركة “سامير” بسبب تراكم ديونها، التي بلغت أكثر من 4 مليارات دولار لتشمل الممتلكات الشخصية لمسؤوليها الكبار السابقين.

تلاعب مالي من المستثمر وبعض المديرين التنفيذيين يتسبب في إفلاس الشركة

وشدد محمد ياوحي أن “ملف شركة سامير تستدعي فتح تحقيق من النيابة العامة والاعتماد على التقارير السابقة وتعميق البحث فيها لمحاسبة المسؤولين والمتورطين الذين تسببوا في تضرر الاقتصاد المحلي”.

وانجر عن هذا الفساد في قطاع الطاقة ارتفاع أسعار المحروقات والغاز، وما ترتب عن ذلك من إنهاك للقدرة الشرائية للمغاربة وتراجع الطلب الداخلي.

وأوقفت السلطات السعودية، قبل ثلاث سنوات، المستثمر السعودي محمد العمودي، المتهم بقضايا فساد، في إطار حملة في الغرض غير مسبوقة في البلاد والتي تتجه نحو انفتاح سياسي واقتصادي واجتماعي، إذ جرى توقيف العمودي الذي كان يمتلك أغلبية أسهم شركة سامير، قبل أن تحكم المحكمة التجارية بتصفيتها.

وأوقفت شركة سامير، في صيف سنة 2015، تكرير البترول في قرار مفاجئ، وخلف ذلك توترا بين محمد حسين العمودي والحكومة المغربية التي اتهمته بابتزازها، فيما أرجع محللون سبب أزمة الشركة في عدم وفاء العمودي بالتزاماته المتضمنة في عقد التفويت.

وأكد الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، بأن هناك أسبابا متعددة ومترابطة أدت إلى سقوط شركة سامير وتوقفها عن الإنتاج، منها تلك المتعلقة بمسؤولية الدولة عن التقصير في ممارسة صلاحياتها الرقابية وتقديم العديد من الحوافز والحماية دون جدوى ولا مقابل.

وإضافة إلى ذلك تُوجه المسؤولية عن طريقة التدبير والتسيير لإدارة الشركة ولاسيما في التحكم المطلق لإدارة شركة كورال في القرارات الكبرى بحكم امتلاكها للأغلبية المطلقة و بالثلثين في حصة الرأسمال.

وفي السياق ذاته طالبت الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، كلا من رئيس الحكومة المغربية، ووزيري الداخلية، والمالية والاقتصاد وإصلاح الإدارة، بالانتباه إلى حجم الخسائر التنموية والاجتماعية، الناجمة عن توقف الإنتاج بشركة سامير وكذلك معالجة التداعيات المترتبة عن فقدان الوظائف لعمال الشركات، والشركات الدائنة، وتعليق أداء الأجور الكاملة، والاشتراكات الاجتماعية للعمال الرسميين.

4 مليارات دولار حجم ديون شركة سامير التي قررت المحكمة تصفيتها

وأكد محمد ياوحي الأستاذ الجامعي،أن قضية سامير لا تختلف عن مسلسل عرفه المغرب من عمليات مشبوهة راحت ضحيتها شركات وطنية منتجة كانت توفر فرص عمل مهمة وحماية اجتماعية للطبقة العاملة وأرباحا لخزينة الدولة، فتعرضت لمؤامرات جعلتها تراكم خسائر متكررة مهدت لخوصصتها وتفويتها للخواص أشرفوا على خوصصتها.

وأمام النتائج الكارثية المترتبة عن خوصصة شركة سامير مطلع التسعينات، والتنكر للالتزامات الأساسية في التأهيل والتشغيل والاستثمار، يقول الحسين اليامني، إنه يتوجب على الدولة المغربية اللجوء إلى إعمال المقتضيات المتعلقة بهذه الإخلالات والعمل على استرجاع أصول الشركة.

ودرءا لتداعيات خوصصة شركة سامير وما ترتب عليها من أزمات وفساد إداري ومالي، نتيجة عدم الشفافية والمراقبة، اجتمع المكتب التنفيذي للجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول مع رؤساء عدد من الأحزاب والنقابات الكبرى، لتسليمهم مشروعا لمقترح قانون تفويت أصول شركة سامير لفائدة الدولة المغربية.

وبالتوازي مع مطالب بالتحقيق وتحديد المسؤوليات عمّن تسبب في إفلاس الشركة دعا المكتب التنفيذي للجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، الثلاثاء، الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية وكل القوى الحية بالمغرب، التي عبرت عن دعمها لمشروع مقترح القانون لتفويت أصول شركة سامير للدولة المغربية، وأن تمضي قدما في الترافع على المشروعين، وتتخذ المبادرات الملموسة

داخل مجلسي النواب والمستشارين.وتتفق الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، مع هذا الاتجاه مشددين على إنقاذ أصول شركة سامير والعمل وفق ما يقتضيه واجب المصلحة العامة للمغرب، قصد الاستئناف العاجل للإنتاج في المصفاة المغربية للبترول، عبر التفويت في أصولها لحساب الدولة وإنقاذ الأصول المادية، والثروة البشرية للشركة من الانقراض.

واعتبارا لمبدأ الشفافية وتطويق كل بؤر الفساد في البلاد عبرت الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، عن أملها في أن يكون صندوق الاستثمار الاستراتيجي المعلن عنه في خطاب العرش الأخير، مدخلا لإحياء المصفاة، وعودتها إلى المشهد الطاقي المغربي وتطوير الصناعات الوطنية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: