المغرب يحصن أمنه القومي بتنويع صفقات تسليح جيشه

يتجه المغرب نحو تطوير ترسانته العسكرية حيث باتت الرباط تخصص ميزانية كبرى لذلك من أجل إتمام صفقات أسلحة ومعدات حربية.

وفي هذا الإطار، أعلن البنتاغون، الجمعة، عن توقيع الرباط لصفقة جديدة مع الولايات المتحدة لاقتناء 24 مقاتلة حربية من نوع “أف- 16” ستُشرف على تصنيعها وإعدادها شركة لوكهيد مارتن كورب، بغرينفيل جنوب كارولينا الأميركية.

وحسب البنتاغون فإن هذه الصفقة تهم بلدين، هما تايوان والمغرب، وستقوم بموجبها الشركة الأميركية، بتصنيع 90 طائرة من مقاتلات “أف- 16” لتكون جاهزة في سنة 2026.

وتكرس الصفقة مكانة المغرب ضمن قائمة أفضل المتعاقدين مع الولايات المتحدة في صفقات الأسلحة، إذ وافقت وزارة الخارجية الأميركية في أبريل الماضي، على تزويد المغرب بعشرة صواريخ بوينغ “AGM-84L هاربون بلوك 2” المضادة للسفن، في صفقةٍ بلغت قيمتها 62 مليون دولار أميركي.

ولتبديد أي تخوفات من جيران المغرب أكدت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية، أن الصفقة لن تؤثر على موازين القوى في المنطقة، بقدر ما ستعزز قدرات المغرب الحليف الرئيسي لحلف شمال الأطلسي في المنطقة.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أشار، في الأمر اليومي الذي أصدره للقوات المسلحة الملكية، بمناسبة الذكرى 63 لتأسيسها العام الماضي، إلى أن القوات المسلحة ستهتم ببرامج البحث العلمي والتقني والهندسي والعمل على تعزيزها وتطويرها في جميع الميادين العسكرية والأمنية، على المستويين الأفريقي والدولي، من أجل تبادل الخبرات والتجارب ومواكبة التطور المتسارع في ميادين الأمن والدفاع.

كما أعطى العاهل المغربي الشهر الماضي، بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، الضوء الأخضر للشروع في تصنيع الأسلحة ومعدات الدفاع، ومنح تراخيص تسمح بتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية المستخدمة من قبل القوات المسلحة وقوات الأمن.

الشرقاوي الروداني: المغرب وقع اتفاقيات دولية عديدة في مجال الصناعات العسكرية
الشرقاوي الروداني: المغرب وقع اتفاقيات دولية عديدة في مجال الصناعات العسكرية

وتسلمت القوات المسلحة المغربية، في مارس الماضي، شحنة من نظام راجمات الصواريخ الصيني AR2، والذي يعتبر من أقوى أنظمة الرجم بالصواريخ في العالم، ويعد من أقوى أسلحة الردع في ترسانة القوات المغربية.

وأوضحت معاهد متخصصة في الدفاع، أن الجيش المغربي جدد أسطوله، وبات يمتلكُ أنواعا متطورة من الأسلحة، كما أنه غيّر وجهته بشكل واضح صوب أسواق جديدة كروسيا والصين والولايات المتحدة الأميركية، التي تعتبر رائدة في هذا المجال، بعدما كان يقتني أسلحته من فرنسا. كما أن المملكة فتحت أبوابا جديدة بشرائها أسلحة من الصين وبعض الأسلحة الروسية.

ويرى خبراء في السياسات الأمنية، أن تجديد مستوى تسليح المغرب مطلوب وضروري كون المملكة دخلت مرحلة الردع البحري والجوي، موضحين أن تنويع الردع بين القطاع العسكري الجوي وباقي القطاعات، يؤهل لشروط أخرى في أي مواجهة محتملة.

ويؤكد الشرقاوي الروداني، الخبير في الشّؤون العسكرية والأمنية، أنّ ’’المغرب مطالب بتأمين مجاله بالرفع من منسوب الوقائية باستثمار علاقاته مع مجموعة من الشركاء والمجمعات الصناعية الدولية والأميركية وغيرها التي تساعد في تطوير برامج صناعية مشتركة‘‘.

ووفق البنتاغون فإن 24 مقاتلة من نوع “أف – 16” ستذهب إلى المغرب، قيمتها تصل إلى 4.9 مليار دولار أميركي، والتي تصنف ضمن الجيل الجديد والمتطور، وتتميز بالفاعلية الكبيرة في المواجهات الجوية وتوجيه الضربات العسكرية بدقة عالية وبسرعة فائقة.

وتنويع المغرب ترسانته العسكرية فرضته التّحديات الخارجية والإقليمية في منطقة شمال أفريقيا ومنطقة السّاحل التي تجد فيها المغرب مصالحها الاستراتيجية.

ولهذا السبب أكد الروداني أنّ ’’المغرب وقع اتفاقيات دولية عديدة في مجال الصناعات العسكرية، حيث يمكنه، إلى جانب اقتناء الأسلحة، شراء براءات اختراع أسلحة دفاعية من مجمعات صناعية في أوروبا وروسيا والصين والهند‘‘.

ومن هذا المنطلق، تنبني الخطة المغربية أولا، على اقتناء الأسلحة والعمل على تطوير صناعة عسكرية محلية بتصنيع بعض الأسلحة المعينة، وخفض تكلفة الصيانة بإنشاء مواقع عديدة لصيانة المعدات العسكرية. وثانيا، ينوع المغرب مصادر التسليح الاستراتيجي حفاظا على نوع من الاستقلالية.

وتمتلك الرباط سربا من طائرات “أف- 16، وستحاول الاستفادة من خبرات الأميركيين لتدريب الضباط المغاربة على أساسيات هذه المقاتلات، وذلك في إطار التعاون الإستراتيجي بين الدولتين، كما ستعمل الرباط على تأهيل طيارين قادرين على فهم آخر المستجدات التقنية والتكنولوجية التي شملت هذا النوع من الطائرات الحربية.

وكانت أول صفقة للسلاح الجوي أبرمها المغرب مع الأميركيين منذ عامين عند اقتناء 25 طائرة حربية من مقاتلات ’’أف- 16‘‘ المدمرة، وقد بلغت القيمة المالية لهذه الصفقة 4.8 مليار دولار، وقد تلتها صفقة أخرى في 2019 متعلقة بصيانة هذه المقاتلات من الناحية التقنية والتدريب على استعمالها، بقمية مالية بلغت 250 مليون دولار.

أما ثاني أكبر صفقة متعلقة بالتسلح الجوي للمغرب مع الولايات المتحدة، فهي التي جرى توقيعها العام الماضي، وتتعلق باقتناء 24 مروحية أباتشي المقاتلة بقيمة مالية بلغت 1.5 مليار دولار، حيث اقتنى المغرب ولأول مرة مروحيات عسكرية.

ويعتقد خبراء الشّؤون العسكرية والأمنية، أن المغرب يسعى من خلال حسابات دقيقة ومعقدة لبناء استراتيجية بعيدة المدى في المجال العسكري تسليحا وتدريبا وتصنيعا ودعم التعاون مع الولايات المتحدة على ضوء التحديات الجديدة المتمثلة في ضبط مشكلة الحدود والهجرة التي تشكل تحديا اقتصاديا وأمنيا إلى جانب خطط تطويق الظاهرة الإرهابية في المجال الأفريقي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: