انشغال إقليمي ودولي بوضعية الحقوق السياسية والإعلامية في الجزائر
أخذت وضعية حقوق الإنسان في الجزائر أبعادا دولية وإقليمية، بعد دخول عدة أطراف على خط العقوبة القضائية التي تقررت في حق أحد الإعلاميين، لتكون بذلك أبرز تجليات القبضة الأمنية المطبقة في البلاد، وحملة التوقيفات والسجن التي تعرض لها العديد من المدونين والناشطين والصحافيين.
وعبّر الاتحاد الأوروبي على لسان الناطق باسم الشؤون الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل، عن قلقه وانشغاله بقضية سجن الإعلامي خالد درارني، المحكوم عليه مؤخرا من طرف القضاء الجزائري بالسجن ثلاث سنوات نافذة.
وقالت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي نبيلة مصرالي “نتابع بقلق كبير وضعية الصحافي خالد درارني، الذي تمت إدانته بثلاث سنوات سجنا نافذة بتهمة التحريض على التجمهر غير المسلح والمساس بالوحدة الوطنية”.
وكشفت المتحدثة عن شروع مصالح الدبلوماسية الأوروبية في محادثات مع السلطات الجزائرية حول هذا الملف، وعن وجود حوار أوروبي جزائري حول قضايا فردية وملفات متعلقة بحقوق الإنسان على مختلف المستويات في إشارة إلى العديد من القضايا التي باتت مصدر قلق الدوائر الحقوقية في العالم.
ولفتت إلى أن “الاتحاد الأوروبي يدعو الجزائر للعمل على التهدئة والحوار”، الأمر الذي يعبر عن انزعاج الأوروبيين من توجهات السلطة الجديدة في الجزائر بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون في ما يتعلق بالتعاطي مع نشطاء المعارضة السياسية والشعبية، حيث لا زال العشرات منهم يقبعون في السجن، ومنهم مدونون وإعلاميون وناشطون معارضون.
ولا زال الحكم الذي وصفه محامون وحقوقيون بـ”القاسي والتعسفي”، و”غير المفهوم”، بسبب تضاربه مع أحكام أخرى صدرت في حق ناشطين آخرين كسليمان حميطوش وسمير بلعربي، يثير المزيد من اللغط في الجزائر، لاسيما وأنه حمل رسالة تهديدية غير مسبوقة للحريات الإعلامية في البلاد.
ويخوض إعلاميون جزائريون مدعومين من منظمات حقوقية محلية ودولية، حملة تعبئة واسعة من أجل الضغط على السلطة لمراجعة الحكم القضائي الصادر في حق الإعلامي درارني، وعدد من المدونين والصحافيين، حيث تم فتح عريضة للتوقيع عليها من طرف المواطنين، وتأسيس لجنة دعم والقيام بوقفات احتجاجية في الجزائر وباريس.
وكان ثلاثون ناشطا سياسيا من الحراك الشعبي قد وصلوا الأراضي السويسرية، بعد انطلاقهم السبت الماضي من باريس، في مسيرة على الأقدام إلى غاية مبنى الأمم المتحدة في جنيف لإدانة ما وصفوها بـ”التوقيفات التعسفية في بلادهم”، وينتظر عرض الملف على اللجنة المختصة في الـ23 من شهر أغسطس الجاري.
وفي الرسالة التي يحملها هؤلاء إلى لجنة حقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة، تم التذكير بـ”الانتهاكات التي تقوم بها الحكومة الجزائرية لحقوق الإنسان وخرقها المتكرر للميثاق الأممي”.
وأفادت الناشطة والناطقة باسم المسيرة آسيا قشود، بأن “القمع يتزايد.. لقد وظف النظام القائم أزمة كورونا لتوقيف المزيد من الناس، والآن نريد إيصال ذلك لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.. نأمل أن تأخذ موقفا”.
ولفتت الناشطة إلى أن “الجزائر وقّعت العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لذلك، لديها التزامات”، ولم تتوان في الدعوة لفرض عقوبات على حكومة بلدها بسبب ما أسمته بـ”التصرفات التي لا تهدف سوى إلى إسكات الجزائريين”.
وتابعت في تصريح صحافي “في الجزائر، تأتي الشرطة بحثا عنك لمجرد منشور بسيط على فيسبوك.. نأمل أن نحدّث الهيئات الدولية عن ثورة الابتسامة هذه غير العنيفة”.
وأبدت السلطة الجزائرية على لسان رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون، في أكثر من تصريح، حساسية لافتة تجاه المساعي التي يخوضها بعض الناشطين في الخارج من أجل حشد الرأي العام الغربي للضغط على الحكومة الجزائرية للتخفيف من حدة القبضة الأمنية والسياسية المطبقة في البلاد.
ووصف عبدالمجيد تبون، الإعلامي المسجون خالد درارني، بـ”الخبارجي” (المخبر)، في تلميح منه إلى علاقات مشبوهة بين بعض الإعلاميين والناشطين بقوى وسفارات أجنبية، حيث قال “لقد كان يطلعهم بتقارير دورية حتى عن أبسط الأشياء التي تقع في البلاد”.
وعلق ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، بأن توصيف رئيس الدولة للإعلامي، كان ضوءا أخضر للقضاء من أجل تطبيق عقوبة قاسية، ولذلك جاء الحكم متضاربا بينه وبين رفيقيه سمير بلعربي وسليمان حميطوش المتابعين بنفس التهمة.
وكانت أكثر من 30 جمعية ومنظمة تونسية، قد نددت في بحر هذا الأسبوع بسجن الصحافي خالد درارني، وعبرت عن تضامنها مع ضحايا المتابعات الأمنية والقضائية في الجزائر، وضمت صوتها إلى صوت المطالبين بإطلاق سراحه الفوري.