السياحة الدينية للمجلس الاوروبي للعلماء المغاربة

عندما يصبح أهل الاختصاص عاجزين عن الإجابة والنصح والتصويب، وعندما تنهار أسباب أهليّتهم لتحمّل مسؤوليات عظام، وتسلب منهم الصفات القيّمة التي تمكّنهم من احتلال المكانة وفرض الاحترام، يصبح الإصغاء إليهم شبه مستحيل، بل يتحوّل إلى مجرد سماع لأكاذيب مصوغة صياغة متقنة سرعان ما تترجم تناقضاً واستهتاراً. هذا حال الطاهر التجكاني و المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة اليوم في بلجيكا. فقدوا ما لرجل الدين من صفات الرجولة والمصداقية والترفّع والتواضع، واكتسبوا صفات التسلّط والإسترزاق بإسم الدين ليصبحوا سياحا في بلجيكا .
وما لقساوة كلامي هذا إلا قساوة الواقع مبرراً، فهل أرسل الله الأنبياء أجمعين إلا ليكونوا رحمة للعالمين؟ فإن كان كذلك فلماذا خلفاء الأنبياء هم نقمة للعالمين؟ وهل يا ترى أظهر نبيّ من الأنبياء مظهر تسلّط فتربّع على كرسي مستقبلاً الوفود، ومد يده لتلقّي القبل، وأجهد نفسه في الليل باحثاً ودارساً فلم يستطع الوقوف لاستقبال الناس وزيارتهم؟!
حاشا أن يكون أحد من الأنبياء كذلك، وحاشا أن يقذف أحدهم بأذني تهمة تبرّر جهل رجال الدين وتسلّطهم. ومَن قال، وأي شريعة بررت وأعطت مكانة سلطوية لرجل الدين فرفعته وجعلت له الحق بالحرس والحصانة، فبات التواصل معه يحتاج إلى موعد والتخاطب معه له شكل خاص، كأنما بمقابلته يقابل المرء إلهاً يستوجب منه ذلك الانحناء والتعفّف في التصرف والتكلّم.
وأكثر ما في الأمر سخرية هو تناسيهم للعمل الذي كلفوا به بأوروبا و إنشغالهم بالسياحة بعدما استولت عليهم الغفلة، واستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله والدار الآخرة، وغرتهم الأماني الباطلة، والآمال الخادعة؛ حتى غدوا وليس لهم همٌّ إلا في لذات الدنيا وشهواتها، فكيف حصلت حصّلوها، ومن أيّ وجه لاحت أخذوها، وإذا عرض لهم عاجل من الدنيا لم يؤثروا عليه ثواباً من الله ورضواناً، (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحياةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الروم:7].

فأين أولئك العلماء الربانيون الذين تقشعرّ الأبدان لسماع الحق في أصواتهم، وتدمع الأعين لملامستهم ضمائرنا، وتفرح القلوب لملاقاتهم.
أين أولئك العلماء الذين لا تستطيع إلا أن تبحث عنهم يومياً لتأنس بنصائحهم وترتاح لتردد أبنائك عليهم. أين هم في النهار إذا أطل فأطلوا أو زاروك، وعن أعمالك سألوك، أين هم في الليل إذا أقبل فاستقبلوك ولشكواك أسرّوا وداووك، أين هم للفقير عزاءً بأنفسهم، وتواضع ما يملكون، وأين هم للغني منافساً بعلمهم وقناعتهم وندرة ما يعلمون. أين هم كلمة «لا» إذا ما صدر معيب وفساد، ويداً مصفّقة لكل حق وصلاح…

ألم يحن الوقت، بعد، للقطع مع كل أشكال الاتجار بالدين والاستئكال به؟ الدين للجميع، فلا مجال لاحتكاره من طرف أية جهة، فردا كانت أو جماعة أو حزبا.

يتبع

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: