العاشر من شهر غشت، أحقا هو احتفال بالمهاجر أم إهانة له؟

الحراق فاطمة الزهراء

كعادتي، لم أتخلف يوماً في السبع سنوات الأخيرة عن حضور هذا اليوم المسمى “اليوم الوطني للمهاجر”، حيث كانت البداية يوماً من الأيام في قاعة “عبد الصمد الكنفاوي” بالعرائش عندما توجهت رفقة بعض الأصدقاء من أجل الاطلاع أو اكتشاف من أجل ماذا افتُعل هذا اليوم

لقد اعتقدت أنه يوم إحتفال بما تعنيه الكلمة لنا، نحن المغاربة، بالموسيقى والحلويات، لكن كانت صدمتي كبيرة عندما وجدت قائد الدائرة(٠٠٠) يتخذ له موقعاً في الوسط بتلك الهيبة والأنفة والكبرياء، لكنه وحيدٌ عاجزٌ عن الإجابة عن أي سؤال يتم توجيهه إليه في جو يعمه الفوضى من طرف بعض الحضور مع طرح استفسارات وأسئلة حول مشاكلهم “الشخصية.

كان سؤالي بسيطاً جداً، عندما أُعطيت إلي الكلمة، كان عن الحالة المزرية للمدينة، وبالطبع كان الصمت جواباً لسؤالي أولاً، ثم رمي المسؤولية على الغير ثانياً، ما دفعني أن أقول له وبأعلى صوتي:
“إذا لم تتوفر على إجابة مقنعة لأسئلتنا، فاترك مكانك لغيرك”، وهكذا، وعام بعد عام، إنتقل هذا “الاحتفال” إلى مقر عمالة إقليم مدينة العرائش.

عن أي إحتفال يتحدثون؟
حيث يقوم أعوان السلطة ‘ مقدم’ بعض المناطق باستدعاء بعض الفئات من المهاجرين، ومنهم:

من له مشكل مع المستأجِر _
من قاموا بهدم منزله الصفيحي في غيابه _
من لديه مشكلة مع رخص البناء والماء والكهرباء والتحفيظ
من لديهم مشاكل في قضية الطلاق والحضانة _
_من له مشكل مع الميكانيكي المجاور له لأنه يزعجه بالسيارات المصطفة على الرصيف المجاور لباب منزله
_ حتى من فقد حقيبة سفره على مثن الخطوط المغربية جاء مشتكيا.

وتعددت المشاكل الشخصية العويصة والبسيطة التي يعاني منها هذا المهاجر والتي يمكن طرحها والعمل على حلها في غير هذا المكان حفاظاً على ماء وجه المشتكي دون اللجوء إلى استعطاف العامل أمام رؤساء جميع المصالح والموظفين والعامة، بحيث ليس أمام هذا المهاجر إلا شهر أو أقل من شهر لكي يحل مشاكله قبل عودته.

في حين يستثنى من هذا “الاحتفال” نخبة الجمعويين وأصحاب المنابر الإعلامية والمصورين، والسؤال الذي يطرح نفسه “لماذا تُستثنى هذه الفئة، خصوصاً المنابر الاعلامية، والاقتصار على مصور، موثق واحد تابع للعمالة؟”

يتم افتتاح “الاحتفال” بكلمة عامل الإقليم أو من ينوب عنه ثم كلمة رئيس المجلس البلدي ثم كلمة رئيس المبادرة الوطنية، في سرد عميق وطويل ومفصل عن الميزانيات الضخمة من أجل عملية “الترقيع” و “المشاريع” التي هي في طور الإنجاز والتي لم ترى النور إلى يومنا هذا.
والتي تلقى تجاهلاً من الحاضرين كون هاجس المدعووين الوحيد هو مشاكلهم الشخصية التي حضروا من أجلها لا غير، ولا يكترثون لأي هراء من النوع الذي يخطبون به علينا، ثم بعد ذلك تُعطى الكلمة للمهاجرين بعجالة بدريعة ضيق الوقت وباستهانة وقلة اهتمام وعدم اكتراث وبنظرة دونية تحقيرية حيث الكلمة هنا للعامل الذي يحيل ملف كل قضية إلى رئيس المصلحة المعنية وبإمكانه مقاطعتك اذا لم يعجبه تدخلك

وقد كان القلة منا والتي تستمع بامتعاظ، وفي العديد من المرات كان تدخلنا وإلحاحنا أن نجعل هذا اليوم فعلاً يوم احتفال بالمهاجر وليس يوماً لعرض مشاكله أمام العامة ولإهانته، ليس يوماً لذرف الدموع واستصغاره وتحقيره، كما كنا نلح على ضرورة تفادي استعراض عضلات المبادرة الوطنية لساعات وأن يكتفوا بطباعة كتيب بالخصوص يوزع في هذا اليوم، لكن دون جدوى، وما توفقنا بخصوصه بعد إلحاح شديد ومتواصل هو خلق مكتب لحل مشاكل المهاجرين طيلة السنة، مقره بالعمالة.
لكننا نعلم جميعاً أن هناك من المهاجرين الذين يستعصي عليهم زيارة المغرب إلا في العطلة الصيفية، لذلك أطالب بالتفاتة من عامل الإقليم من أجل فتح باب مكتبه في شهر غشت في وجه المهاجرين للاستماع لهم وتسهيل عملية معالجة مشاكلهم دون التشهير بهم أمام العامة.

إن ما استفزني بشكل شخصي، ولا زال، هو استهانة البعض واستهتارهم من نظرة عيونهم ولامبالات عندما كنا نطالب بالصلاح… إصلاح المدينة من العبث والرقي بها.

نعم، أنا وبعض الأحرار من أبناء هذه المدينة كنا نواضب على الحضور في هذا اليوم من أجل مساءلة المسؤولين ، وفيما يلي بعض الأمور:

أولاً: عن الأزبال والروائح الكريهة في كل زاوية من زوايا مدينة العرائش السياحية…
وهنا أذكر وأسطر على غابة الايبيكا التي تعرف تلوثا قياسيا خطيرا يهدد سلامة الملك الغابوي والتي تُركت قصداً لكي يتم الاستيلاء عليها من طرف لوبي العقار عنوة

ثانياً: طلب توفير الإنارة وبالخصوص في الأماكن المهمشة التي تكثر فيها السرقة و”الكريساج” وتوفير الأمن كذلك.

ثالثاً: الحفر في الأزقة والشوارع كأننا في قندهار وعملية الترقيع كل حين وحين والتسبب في تعطيل مصالح الناس وخصوصا أصحاب المتاجر.
والمعضلة الكبرى والتي هي حديث الساعة، نافورة وسط المدينة المعطلة منذ مدة ولا يمكن إصلاحها إلا بهدمها
تعتبر هذه النافورة تحفة كانت يوما ما توأم نافورة إشبيلية الاسبانية حيث كان يضم حوضها المائي أصناف نادرة من
الأسماك قبل العبث بها واقتلاع شجر النخيل المحيط بها
بسبب سوء تدبير عمراني وحضاري جعلوا عاليها سافلها وبعد التعديل الاخير هاهي الان تحت رحمة الهدم من أجل الإصلاح
أي عبث هذا ومن المسؤول عن هذا الترقيع ومن يتحمل مسؤولية هذا العمل العشوائي؟

رابعا : الرمال التي تُنهب في شاطئ رأس الرمل مقلع أولاد صخار
كل يوم تُحمّل الرمال في العديد من الشاحنات وفي غياب لافتة حول هذا المشروع ومن المستفيد ولا الوجهة
مساهمين في كارثة بيئية على مرمى الأعين دون مساءلة، لا حسيب ولا رقيب

خامسا : إحتلال الملك العام من طرف أصحاب المتاجر والمقاهي وكذلك من طرف بعض الساكنة سامحهم الله الذين يعمدون على وضع “الغرس” في واجهة بيوتهم غير آبهين بالراجلين وذوي الاحتياجات الخاصة والأمهات مع أطفالهن الصغار مضطرين إلى المشي بجانب السيارات معرضين أنفسهم للخطر أمام أنظار المسؤولين

:سادسا : المشاريع المعطلة منذ سنوات إلى يومنا هذا وأذكر منها
القاعة المغطاة بالمغرب الجديد
المركب الديني التابع لوزارة الأوقاف
المسرح الكبير بباب البحر
سوق الجملة
البدال أو البياج لمنطقة لكسوس السياحية
إلى متى؟

سابعا : في سنة 2015/ 2016 تم التوقيع على اتفاقية تعاون في مجال الصيد البحري بين العرائش وبلدية مدينة برباطي في شخص عمدة المدينة السيد
Miguel Molina،
ومنذ ذلك الحين لم نسمع عن بنود هذه الاتفاقية أولا ولا عن العائدات والتي من المفروض أن يستفيد منها ميناء العرائش وأرامل البحارة و اليتامى علما أن الاتفاقيات ماهي إلا أخد وعطاء، فمدينة برباطي تستفيد من صيد سمك التونة في مياه شاطئ مدينة العرائش ويبقى السؤال
ماذا إستفادت العرائش من هذه الاتفاقية منذ سنة 2015؟
وفي حالة استفادتها متى سوف يتم تجديد هذه الاتفاقية؟
وأين تم توجيه عائدات هذه الاتفاقية علما أن أثر هذه الاتفاقية لا يظهر على أرض الواقع؟

نحن بعض من أبناء المهجر الغيورين على هذه المدينة، هاجسنا هو مدينتنا وكيفية النهوض بها، وهذه الأسئلة كنا نكررها عاماً بعد عام ولا من ينصت إلينا بتمعن واهتمام

مدينتنا أصبحت وكرا للمرضى النفسيين والحمقى الذين يتم جلبهم من مدينتي طنجة وتطوان عند كل زيارة للملك لهاته المدينتين وكذلك مرتعا للمهربين
فمنطقة فم السبع آخر مصب نهر لكوس تعاني من ظلام دامس متعمد ليساهم في عملية تسهيل التهريب.
كيف يعقل أن النشطاء الفيسبوكيين يكتبون كل يوم عن هذا وأبناء المدينة في الداخل والخارج على علم بكل هذه الأمور والسلطات لا تعلم؟

مدينتنا التي استولى عليها لوبي العقار وعمل على تغيير ملامحها الأثرية وحولها إلى عمارات

مدينتنا التي تتوفر على ثروة سمكية هائلة وثروة فلاحية أيضا لا تستفيد منهم ولا نعلم فيما تصرف عائدات هذه الثروات

أتمنى من الله أن تنعم هذه المدينة بزيارة ملكية غير معلنة، لا نريد زيارة تفرش فيها الزرابي وتغطى فيها الثقب السوداء، بل نريد زيارة غير معلنة ليفتضح المستور،
وأن يتم مراجعة اتفاقية الصيد البحري والعمل على النظر في هذه الاتفاقية وأين وجهت عائداتها و كذلك النظر في صادرات الثروة الفلاحي و ربط المسؤولية بالمحاسبة
أتمنى أن يصل ندائي هذا إلى المسؤولين

لا علم لي كيف كانت تمر الأجواء في باقي العمالات في هذا اليوم، ولا كيفية التعامل مع مشاكل هذ المهاجر
لكن ما أطلبه هو أن يفتح عمال الأقاليم أبواب مكاتبهم في شهر غشت بالخصوص في وجه هذا المهاجر والاستماع إليه والعمل على حل مشاكله حفاظا على ماء وجهه دون التشهير به، وأن يكون العاشر من شهر غشت يوم احتفاء به، لا إهاتنه

بالنسبة لهذه السنة “الكورونية” الاستثنائية، كنا ننتظر التفاتة من طرف القنصليات والسفارات لمغاربة الشتات بأن يتم استدعائهم لتقليص الفجوة والهوة العميقة بين الإدارة والمهاجر و استدعاء رؤساء الجمعيات والعمل على التقرب منهم والنظر في مشاكل الجالية والبحث عن حلول لها.

لكن يبقى هذا المهاجر نكرة، مجرد أرقام على مواقع الأخبار بشعارات لامعنى لها، مهمش عن قصد، يتم معاملته بالتماطل والتسويف لقضاء الحوائج به لا قضاء حوائجه.

إبنة البحر والوادي
الحراق فاطمة الزهراء.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: