اتهامات لجهات نافذة بعرقلة إصلاح الإدارات العمومية في المغرب

تواجه حملة الإصلاح التي أطلقها الملك المغربي محمد السادس و تنفذها الوزارات المعنية عقبات كبيرة حيث تحركت جهات نافذة في محاولة منها لعرقلة هذه العملية، وهو ما كشف عنه وزير الاقتصاد الذي شدد على أن بلاده ستمضي قدما في تنفيذ إصلاح الإدارة رغم تحرك ما وصفه بـ”جيوب المقاومة” لعرقلة ذلك.

كشف محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية المغربي، الثلاثاء، عن وجود جهات بدأت تتحرك لعرقلة إصلاح القطاع العام وحذف مؤسسات عمومية وإدماج بعضها الآخر، مؤكدا أن الإصلاح لا بدّ منه، وأنه سيتم الذهاب فيه بعيدا رغم وجود جبهات للمقاومة بدأت تتحرك للوقوف ضده.

واعتبر الوزير المغربي أمام لجنة المالية بمجلس النواب، أن الأزمة التي تسبب فيها فايروس كورونا فرضت ضرورة معالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، قصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية.

وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ابن طفيل القنيطرة، أن الوزير بنشعبون معني بشكل خاص بتنزيل خطاب العرش، في إصلاح القطاع العام والعمل على مواجهة كل العراقيل في اتجاه حذف مؤسسات عمومية وإدماج بعضها الآخر مشيرا إلى أن ذلك يشمل أيضا معالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والشركات العمومية، بغية تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية.

وشدد رشيد لزرق، أن “خروج بنشعبون للحديث عن معرقلين للإصلاح يوضح أن هناك صراعا سياسيا ومصالحيا يقوده جناح داخل حزب التجمع الوطني للأحرار الذي ينتمي إليه الوزير، والذي بات مكشوفا من خلال موقفهم من قانون المالية التعديلي”.

وحسب مراقبين فالعاهل المغربي كان واضحا في خطاب العرش الأخير بتركيزه على إصلاح الإدارة كمحور أساسي في أي عملية تنموية تحتاج إلى تنقيتها من كل الشوائب التي تعرقل الإصلاح، وهذا يعزز تفعيل جميع القرارات التي جاءت في خطاب العرش الأخير.

 وكان العاهل المغربي قد دشن لمرحلة جديدة في التعاطي مع إخلالات مؤسسات الإدارة والتي لطالما حذرها وطالبها بتحمل مسؤولياتها.

رشيد لزرق: جناح ينتمي إلى العدالة والتنمية يعرقل أي إصلاح إداري

وبالفعل، فقد أعفي وزراء ومُنع مسؤولون من تحمل أي مسؤولية مستقبلا بعدما فشلوا في طريقة التدبير لشؤون مؤسساتهم وتغييب الحوكمة المثلى.

ويأتي تنبيه الوزير محمد بنشعبون إلى العراقيل التي يواجهها إصلاح الإدارة، في وقت تعاني فيه المرافق العمومية من عدة نقائص تتعلق بالضعف في الأداء وفي جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين، حسبما تضمنه خطاب ملكي سابق، للعاهل الذي أوضح أنها تعاني كذلك من التضخم ومن قلة الكفاءة، وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين.

ورغم العقبات التي قد تواجه أي رغبة في الإصلاح شدد أستاذ القانون العام، بجامعة مراكش محمد الغالي على أهمية تحديث الإدارة العمومية المغربية، معتبرا في نفس الوقت أنه لا يمكن تصور الحداثة باعتبارها نظام قيم يعكس الحرية والابتكار والانفتاح والعدالة والإنصاف، في ظل استمرار مظاهر الظلم والقهر والحرمان والإقصاء والتهميش.

ولم تفُت الوزير طمأنة الموارد البشرية بالمؤسسات المعنية، حيث أكد أنه ستتم إعادة الانتشار وفقا للقانون مع احترام الحقوق مشددا على أن ذلك سيتم بسلاسة ووفق القانون، مشيرا إلى أنه لتحقيق الأهداف المرجوة من هذا الإصلاح سيتم اتخاذ ما يلزم من تدابير على المستوى القانوني والتنظيمي من أجل حذف المؤسسات العمومية والمؤسسات التي لم يعد وجودها يقدم الفعالية اللازمة.

ويأتي اعتماد هذا المرسوم، حسب الوزير، تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، الواردة في خطابه الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لعيد العرش، والذي تضمن رؤية استراتيجية لتدبير المرحلة التي تمر به المملكة في ظل جائحة كورونا، حيث أكد العاهل المغربي على ضرورة إطلاق إصلاح هيكلي كبير في المجال الاجتماعي، وتسريع إصلاح القطاع العام.

وبالإضافة إلى حديثه عن تورط بعض السياسيين في عرقلة إصلاح مؤسسات الدولة لفت رشيد لزرق أن هناك “جناح ينتمي إلى لحزب العدالة والتنمية أيضا يعرقل أي إصلاح إداري ومؤسساتي، لكون قرار اندماج المؤسسات العمومية سينعكس سلبا على الحزب الحاكم، ويخسر مواقعه في تلك المؤسسات من خلال عناصرها وذلك باستغلال قانون التعيين في المناصب العليا”.

ويرى مراقبون أن المؤسسات التي سيتم دمجها في بعضها كانت بمثابة ريع إداري يستفيد منه عدد من الأشخاص وبتغطية سياسية من أحزاب معينة، الشيء الذي جعلهم يقفون في وجه أي إصلاح لأنه يهدد مكانتهم المادية والاجتماعية والإدارية أيضا، كما تخدم مصالح البعض انتخابيا وسياسيا.

وأكد محمد بنشعبون أنه سيتم العمل على تقليص اعتمادات الدعم للمؤسسات العمومية وربطها بنجاعة الأداء، فضلا عن إنشاء أقطاب كبرى عبر تجميع عدد من المؤسسات العمومية التي تنشط في قطاعات متداخلة أو متقاربة، وذلك قصد الرفع من المردودية وضمان النجاعة في استغلال الموارد وترشيد النفقات.

وكإجراءات عملية تقوم بها الحكومة من المرتقب دمج كل من شركة الطرق السيارة بالمغرب والمكتب الوطني لسكك الحديد والشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستية وصندوق تمويل الطرق والوكالة الوطنية لتنمية الأنشطة اللوجيستية.

وأشار الوزير المغربي إلى أنه سيتم في المقابل إنشاء هيئة واحدة مسؤولة عن إنجاز البنية التحتية للطرق السيارة والطرق السريعة وسكك الحديد وكذلك خدمات النقل.

وبخصوص القطاع الاجتماعي، سيتم دمج وكالة التنمية الاجتماعية ومؤسسة التعاون الوطني ومكتب تنمية التعاون وصندوق المقاصة، مضيفا أنه سيتم إنشاء هيئة واحدة مسؤولة عن العمل الاجتماعي بدلا من مجموعة من المؤسسات العمومية الموجودة حاليا.

أما في ما يتعلق بقطاع الزراعة والصناعة الغذائية، سيدمج “المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني” والوحدات التابعة له في مؤسسة وتحويلها إلى القطاع الخاص.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: