إجراءات مغربية عملية لإنقاذ قطاع العقارات من الركود

منح المغرب قطاع العقارات قوة دفع جديدة لتحفيزه وإنقاذه من خطر الركود المحدق وذلك بإحداث استراتيجية تمويل للتشجيع على الاستثمار في القطاع عبر منصة إلكترونية تساهم أيضا في رقمنة الإدارة وترسيخ أسس التحول الرقمي.

أطلقت الحكومة المغربية منصة رقمية لتسهيل تمويل القطاع العقاري من خلال توفير مرونة على إسداء القروض في خطوة تعكس الحرص على الحفاظ على نشاط العقارات رغم الوباء وتحفيز المستثمرين وتسهيل التعاملات الرقمية.

ويعد الاستثمار في العقار بالمغرب واحدا من أهم مصادر الدخل التي يسعى القطاع الخاص والمهنيون الحصول عليها، حيث طالب الفاعلون في القطاع مرارا بتجاوز عقبة الحصول على التمويل الكافي والخبرة في التعامل مع هذا القطاع الحيوي.

وتشجيعا على اقتناء العقارات بمرونة أطلقت مجموعة بنك أفريقيا، بالمغرب الاثنين، منصة إلكترونية جديدة خاصة بالقروض العقارية في إطار إستراتيجيتها لرقمنة المنتجات والخدمات المصرفية، حيث تمكن المنصة العملاء في القطاع الخاص والمهنيين والمغاربة المقيمين في الخارج من تسجيل طلب القرض العقاري عن بعد، والاستفادة من مجانية تكاليف الملف والخبرة.

وتمكنت المؤسسات المصرفية المغربية من تكوين سيولة كافية مكّنتها من الإفراج عن 1.7 مليار دولار كقروض نقدية من 8.5 مليار دولار، اعتبارا من مطلع يونيو 2020، بضمان صندوق الضمان المركزي لمساعدة الشركات المتضررة من أزمة كورونا حاليا منها المشتغلة في قطاع العقار.

ولكن الإشكال هو أن المصارف المغربية تضع أمام الشركات التي ترغب في الاقتراض شرط القرض مقابل الرهن العقاري، كيفما كانت إستراتيجية الشركة ومخططاتها التنموية أو رقم معاملاتها.

ويقول الخبير في قطاع العقارات إدريس الفينا، إن ذلك جعل العديد من الشركات تتوجه باستمرار نحو اقتناء المزيد من العقارات لوضعها كرهونات للاستفادة من المزيد من القروض البنكية.

وأقرت الحكومة بداية السنة الحالية مُقتضيات قانونية جديدة تُتيح للمُستثمرين سواء الأشخاص الذاتيين أو المعنويين، لاقتناء العقارات الزراعية الموجودة في المناطق القروية بهدف الرفع من الإنتاج والمردودية والتحفيز على التشغيل في العالم القروي، مع الحفاظ على الطابع الزراعي للأراضي المعنية.

وتدفع المصارف جل الشركات المشتغلة بقطاع العقار إلى اقتناء العقارات من أجل توفيرها كرهونات حقيقية كي تحصل على قروض، ويخلق هذا الوضع مشكلا للمصارف وللاقتصاد على حد سواء، حسب إدريس الفينا، موضحا أن عددا من الأصول العقارية التي تقتنيها الشركات تبقى جامدة أو خارج الدورة الاقتصادية لسنوات بالمقابل تصبح حسابات المصارف مثقلة برهون عقارية لا يمكن لأحد تقدير قيمتها الحقيقية ولا جودتها.

وأوصى خبراء في العقارات محافظ بنك المغرب الجواهري عبداللطيف بتقييم هذا الوضع وما يترتب عليه من آثار على تمويل الشركات المشتغلة في القطاع الذي يعد أحد القطاعات الإنتاجية المساهمة في تنمية الاقتصاد.

شكيب لعلج: نحاول الحفاظ على الوظائف في قطاع العقارات

وتتزايد المطالب لإنعاش قطاع العقارات بتمكين الشركات من الاستفادة بنوع من المرونة على مستوى آجال التسليم، وتشجيع المصارف على مرافقة الشركات عبر تعزيز خطوط الائتمان الخاصة بها.

وجراء الوباء أحيلت نحو 60 في المئة من الشركات العقارية إلى الإفلاس، حسب إحصائيات الفيدرالية الوطنية للبناء ما جعل القطاع يدخل في أزمة حقيقية، سواء تعلق الأمر بالعرض أو الطلب.

وقال رئيس الاتحاد العام لشركات المغرب شكيب لعلج، إن “قطاع العقارات يشكل واحدا من القطاعات التي تشغل عددا كبيرا من اليد العاملة، ونعمل حاليا على محاولة الحفاظ على فرص العمل، خاصة تلك المرتبطة بقطاع العقارات، وهذا أمر ممكن التحقق”.

ويُساهم القطاع بأكثر من 14 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي، كما يوظف قطاع صناعة البناء في المغرب، الذي يضم أنشطة الأشغال العمومية والإنعاش العقاري، أكثر من مليون شخص، ويستحوذ على حوالي 30 في المئة من الالتزامات المصرفية.

وإحصائيا ترَاجَع إجمالي معاملات القطاع بنسبة 31 في المئة خلال الربع الأول من العام الجاري، وسط توقعات تشير إلى تفاقم الخسائر التي يتكبدها هذا القطاع، خاصة في ظل الركود الكبير الذي يمر منه تسويق العقارات السكنية منذ بداية تفشي فايروس كورونا شهر مارس الماضي.

وبالنسبة للبيانات الرسمية الصادرة عن بنك المغرب، (المصرف المركزي)، فقد أشارت إلى تسجيل انخفاض كبير في مبيعات الشقق السكنية بنسبة قاربت 33 في المئة، وهو أعلى تراجع يسجله القطاع منذ سنوات.

وانعكس هذا التراجع السلبي في تسويق الشقق على معاملات بيع وشراء الأراضي المعدة للبناء بنسبة فاقت 27 في المئة، إلى جانب تسجيل تأثر معاملات العقارات المخصصة للاستعمالات المهنية بنسبة 25 في المئة.

وارتباطا بأزمة كورونا يشار إلى أن مؤشر أسعار الأصول العقارية شهدت تراجعا بنسبة 1.6 في المئة بسبب انخفاض أسعار العقارات السكنية بنسبة 1.8 في المئة.

كما انخفض مؤشر الأراضي الحضرية بنسبة 1.1 في المئة، والعقارات المخصصة للاستعمال المهني بنسبة 3.3 في المئة.

وتراجعت الأسعار بنسبة 1.5 في المئة، نتيجة انخفاض أسعار الشقق بنسبة 1.2 في المئة والمنازل بنسبة 3.2 في المئة والفيلات بنسبة 4.7 في المئة.

ولتجاوز هذه الأزمة تعمل الحكومة المغربية على تشجيع الاستثمار في قطاع العقار كمجال حيوي، من خلال اعتماد إستراتيجية وطنية في هذا القطاع، لتسهيل عملية الاستثمار، ولتمكين قطاع الإنشاءات من القيام بدوره في تعزيز العملية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب.

وسعيا منهم إلى تجاوز هذه الأزمة، شرع المنعشون العقاريون في حملات تواصلية مكثفة، من أجل تسويق المشاريع بالمناطق الزراعية والقروية المحيطة بالمدار الحضري للدار البيضاء، خاصة في مناطق مديونة وبوسكورة ودار بوعزة.

كما عمل أصحاب المشاريع العقارية المتعثرة على إيجاد مخرج لأزمة تسليم الشقق السكنية، التي ابتدأت منذ الفصل الأول من سنة 2019، بالنسبة لبعض المشاريع العقارية في منطقة بوسكورة بمدينة الدار البيضاء.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: