كورونا يجتاح المخيمات
أكثر من 60 وفاة وقيادات وازنة يتم نقلها لولاية تيبازة الجزائرية لتلقي العلاج
أطلق أطباء ومدونون من داخل مخيمات تندوف، العديد من نداءات الاستغاثة لأجل إنقاذ سكانها، إذ تم تسجيل عشرات الوفيات خلال الأسبوعين الفارطين، بالإضافة إلى المئات من حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا المستجد.
وتحاول جبهة بوليساريو التستر على هذه الكارثة التي فتكت بالمخيمات، لطالما كانت تسوق على أنها جزيرة آمنة بعد الحصار الذي فرضه الجيش الجزائري على مخارجها ومداخلها طيلة ستة أشهر.
وتتخبط قيادات الجبهة هذه الأيام بعد أن أصبحت أمام الأمر الواقع، خصوصا بعد أن انفضح أمرها من خلال الوضعية الكارثية التي يوجد بها أكبر مستشفى بالمخيمات، إذ نشر مدونون صورا مروعة من داخلها تثبت أنه لا يوجد بها جهاز تنفس اصطناعي واحد، ناهيك عن النقص الحاد في الأدوية الضرورية، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول مصير الأموال والمساعدات التي تلقتها عصابة الرابوني مع بداية الجائحة العالمية.
ويتم يوميا بالمخيم دفن خمس حالات وفاة بكورونا، و رصد حوالي خمسين حالة إصابة مؤكدة، وما يمنع العدد من الارتفاع هو عدم وجود أجهزة الكشف والمختبرات الطبية بتندوف، إذ يتم إرسال أغلب عينات الحالات المشتبهة إلى الجزائر العاصمة من أجل تحليلها، أي على بعد 2400 كيلومتر، وهو الأمر الذي سيضاعف انتشار الفيروس خلال الأيام المقبلة، إذا لم تتحمل الجزائر مسؤوليتها الأخلاقية تجاه هؤلاء، فقد اتضح مع الوقت أن المستشفى الميداني الذي أقامه الجيش الجزائري مجرد دعاية إعلامية، وقد تحول إلى قاعدة استخبارات لجمع المعلومات عن سكان المخيم، إذ يشكل غطاء للدخول العلني لقوات الدرك الجزائري للمخيم التي قام رجالها بتهديد التجار الذين يقومون بالتظاهر أمام القصر الأصفر بالرابوني، منذ منتصف يوليوز، ضد الإجراءات الجزائرية المجحفة في حق السكان.
كورونا أيضا لم تسلم منه قيادات الصف الأول التي سارعت طائرة عسكرية جزائرية إلى نقل أفرادها تباعا إلى مستشفى “قوراية” بولاية تيبازة ،من أمثال حمة سلامة و بابية الشيعة و محمد لمين أحمد، الذي ذكرت مصادر مطلعة أنه دخل في غيبوبة منذ عصر الأربعاء الماضي، بعدما لم يتجاوب مع العلاج، بينما تحدثت مصادر أخرى عن إصابة إبراهيم غالي أيضا بهذا الوباء خصوصا، وأن آخر ظهور له كان في افتتاح الجامعة الصيفية، أي قبل شهر، مما يؤكد الشبهات التي تحوم حول حقيقة وضعه الصحي، خصوصا وأنه مهووس بالظهور بين الناس و التقاط الصور.
وتحضر قيادة بوليساريو خلال الأيام المقبلة لإطلاق نداء دولي عاجل من أجل التبرع لفائدة اللاجئين بتندوف، وبذلك سيكون هذا النداء هو الثاني خلال هذه السنة، إذ جمعت من النداء الأول قرابة سبعة عشر مليون دولار كلها ذهبت إلى جيوب أفراد عصابة غالي وأوليائهم من ذوي النياشين المقربين من الجنرال الشنقريحة، ولم يستفد منها أي لاجئ طبيا أو معيشيا، فقد تواترت الأنباء عن دخول الأطباء المتطوعين بمستشفيات المخيم في إضراب بسبب عدم توفر وسائل الحماية والوقاية، مما يجعلهم عرضة للمرض المميت، والذي بات يسجل أرقاما مرعبة بالمخيم خلال الأيام الماضية.
احتجاجات الأطقم الصحية وتعرية المدونين لواقع تفشي كورونا لم تجد عصابة غالي للرد عليها سوى تسخير مليشياتها، لتشن حملات قمعية واسعة، تبدأ بالتهديد والسب ثم الاحتجاز التعسفي في حق من تجرؤوا على فضح تلاعب القيادة أو قاموا بمراسلة جهات دولية بخصوص تحويل مسار المساعدات الأخيرة، وخصوصا الطبية منها والتي وجدت طريقها إلى مخازن ثكنات تندوف ومعسكرات المجموعات المسلحة شمال مالي، بدلا من مستوصفات المخيمات التي يبدو أن هذه الجائحة ستكبدها خسائر فادحة في الأرواح، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.