هل مُخالفة عدم ارتداء الكمامة تسجل في السجل العدلي؟ الرد على لسان متخصص

قدّم المحامي نوفل البعمري رأيه حول سؤال تردد في مواقع التواصل الاجتماعي كثيرا مفاده “هل تؤدي مخالفة عدم ارتداء الكمامة إلى تضمينها في السجل العدلي؟، بقوله: “أعتقد من خلال قراءة  قانونية للمرسوم تميل للتفسير الواسع لها وليس الضيق، أنه مادامت الغرامة التصالحية التي يتم أداءها ترتب عدم تحريك الدعوى العمومية فلن يرتب أثر تضمينها في السجل العدلي، على اعتبار أن بطاقة السجل العدلي تتضمن فيها فقط العقوبات الزجرية الصادرة عن السلطة القضائية، وكما وصفها القانون بالمحكمة الزجرية، والحال هنا أن العقوبة غير صادرة عن سلطة قضائية، بل هي مخالفة تصالحية تؤدى بموجب المرسوم وليس بموجب قرار قضائي، هي أقرب للمخالفات المقررة في مخالفات السير”.

وأضاف البعمري أن “القراءات التي قدمت لنص المرسوم غالبيتها اتجهت نحو التعاطي مع هذه الغرامات وكأنها تتعلق بجنح، حيث لم يتم الانتباه إلى التمييز الذي أقره المرسوم ذاته بين من يؤدي الغرامة التصالحية التي أقر فيه بشكل واضح أن هذا الأداء التصالحي يسقط بموجبه الدعوى العمومية ولا يحركها، وبالتالي فإن الأمر لا يتعلق بعقوبة زجرية ليتم تضمينها في السجل العدلي بل أمام مخالفة”.

وتابع: “أكثر من ذلك، يمكن القول أن المرسوم أعاد تكييف الواقعة لما فيه مصلحة المخالفين انتصارا لمبدأ الحق في الحرية، التي أعاد ضبط عدم ارتداء الكمامة ونقلها من جنحة ضبطية إلى مخالفة، فالمرسوم عندما تطرق للغرامة التصالحية تطرق لها بوصفها مخالفة وليست جنحة ضبطية، وهو توصيف قانوني ليس اعتباطيا، حدّد طبيعة الفعل المرتكب ووضعه في سياقه القانوني السليم، وإذا كان المشرع يُريد أن يحافظ على وصفها وتكييفها القانوني لما أعاد تدقيق واقعة عدم ارتداء الكمامة ووصفها بالمخالفة”.

وأبرز أن “قانون المسطرة الجنائية نصَ في المادة 658: “تستوجب إقامة البطاقة رقم 1 بالقرارات الصادرة بالإدانة عن أية محكمة زجرية من أجل جناية أو جنحة، والمقررات الصادرة بناء على مسطرة غيابية، والمقررات الصادرة بالعقوبة في غيبة المحكوم عليه والتي لم يطعن فيها بالتعرض، والمقررات الصادرة في حق الأحداث الجانحين، المشار إليها في المادة 506 أعلاه، والمقررات الصادرة بالإدانة مع الإعفاء من العقوبة؛ والمقررات التأديبية الصادرة عن السلطة القضائية أو عن سلطة إدارية فيما إذا ترتب عنها فقدان للأهلية أو نصت على هذا الفقدان، والمقررات المعلنة للتصفية القضائية والعقوبات التي يحكم بها على مسيري المقاولة وسقوط الأهلية التجارية؛ وقرارات الطرد المتخذة ضد الأجانب؛ والمقررات الصادرة بسقوط الولاية الأبوية أو بسحب الحقوق المرتبطة بها كلا أو بعضا”

ولتأكيد على كلامه، ذكر أن “المادة 667 من قانون المسطرة الجنائية تنصُ على أن “البطاقة رقم 3 تعتبر بيانا بالأحكام الصادرة بعقوبات سالبة للحرية عن إحدى محاكم المملكة من أجل جناية أو جنحة، وينص فيها صراحة على أن الغرض منها ينحصر فيما ذكر، لا تدرج في هذه البطاقة إلا العقوبات من النوع المشار إليه أعلاه والتي لم يقع محوها بسبب رد الاعتبار ولم تأمر المحكمة في شأنها بإيقاف التنفيذ، ما لم تصدر في هذه الحالة الأخيرة عقوبة جديدة تقضي بحرمان الشخص المعني بالأمر من الاستفادة من هذا التدبير”.

وبعد أن أورد موادا من قانون المسطرة الجنائية، شدد أن “منطوق المرسوم مقارنة بما قررته المواد المشار إليها أعلاه المنظمة للسجل العدلي، فهو – أي المرسوم- واضح من حيث تأكيده على أن أداء الغرامة التصالحية يؤدي الى عدم تحريك الدعوى العمومية، بمعنى أننا لسنا أمام غرامة صادرة بموجب حكم قضائي، كما أنه لا يمكن إعطاءها الصبغة الإدارية، مما يطرح السؤال القانوني حول طبيعة هذه الغرامات التصالحية التي يتم أداءها بشكل فوري، هل نحن أمام أداء لغرامة تتعلق بمخالفة أم بجنحة؟”.

ويأتي تفاعل البعمري، بعد أن “أثار المرسوم الذي اقترحته وزارة الداخلية وأقره المجلس الحكومي الذي يتمم المرسوم 2.20.292 في مادته الرابعة، نقاشا قانونيا وحقوقيا حول الأثر القانوني لأداء الغرامات التصالحية من طرف مرتكبي مخالفة عدم ارتداء الكمامة المحررة من طرف الضباط أو الأعوان محرري المخالفات، والمرسوم التعديلي للمادة الرابعة جاء واضحا في مضمونه ولا يحتاج لكل التأويل الذي أعطيت له رغم أهمية النقاش الذي فتح حول المرسوم”.

وأوضح  أن “الأمر يتعلق بتتميم المادة الرابعة من مرسوم فرض حالة الطوارئ ولا يتعلق الأمر بإلغاءها أو تعويضها بالمرسوم الجديد الذي يظل واضحا في مثنه على أنه تتميم للمادة الرابعة، وحسب ذات المرسوم فإن الهدف منه هو تخفيف الضغط على القضاء وما يصاحبه من إجراءات مسطرية تثقل كاهل الضابطة القضائية والنيابة العامة والقضاة بملفات يمكن طيها دون أن تصل إليهم، وهو ما قرره المرسوم الجديد، مع خطر نقل العدوى”.

من جهة أخرى، عارض حسن بيرواين، نقيب هيئة المحامين بالدارالبيضاء، في تدوينة له، هذا الموقف، عبر التنبيه إلى أن”عدم ارتداء الكمامة يدخل ضمن الجرائم المصنفة في الجنح الضبطية، وأغلب الأحكام تكون فيها الغرامة فقط ولكن الذي لايعرفه الأغلبية أن غرامة الجنحة ليست هي غرامة المخالفة، فغرامة عدم ارتداء الكمامة تسجل في السجل العدلي، وبالتالي لا يمكن أن تأخذ السجل العدلي فيه لا شيء حتى تمر سنة على الحكم، وهي المدة المحددة في قانون المسطرة الجنائية لرد الاعتبار القانوني بخصوص الحكم بالغرامة فقط”.

ووجه خطابه إلى “الشباب المقبلين  على مباريات التوظيف” بالقول: “يجب أن يحذروا عاقبة عدم وضع الكمامة التي قد تؤدي إلى حرمانهم من الوظيفة بسبب تهور صبياني يؤثر في السجل العدلي وعلى مستقبلهم بصفة عامة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: