إغلاق الحدود … الظاهر والخفي

أوربا تفتح أبوابها أمام المغاربة والحكومة توصد المنافذ

حافظ الاتحاد الأوربي على المغرب ضمن لائحة البلدان الأجنبية التي يمكن لمواطنيها الولوج إلى فضاء شنغن، وأعلن مجلس الاتحاد أنه ينبغي على البلدان الأعضاء رفع قيود التنقل بالحدود الخارجية تدريجيا بالنسبة إلى المقيمين بعدد من البلدان الأجنبية من ضمنهم المغرب، وتخضع هذه اللائحة للتحيين على رأس كل أسبوعين، بناء على معايير تهم بوجه خاص، تقييم الوضع الوبائي، وتدابير الحجر الصحي، إضافة إلى اعتبارات اقتصادية واجتماعية. لكن المغرب ما زال يتشبث بإغلاق حدوده بمبرر الخطر من توريد الفيروس من الخارج، في حين أن بلدان مثل تونس قررت فتح حدودها للاستفادة من تدفق السياح الأجانب لإنعاش اقتصادها. فما الذي يجعل المغرب يتشدد في إغلاق الحدود، علما أن المخاطر ذاتها للعدوى من الخارج مطروحة بالنسبة إلى كل البلدان بما فيها تلك التي قررت فتح حدودها؟
عبد الواحد كنفاوي

منع التنقلات الخارجية… الصحة والعملة

مما لا شك فيه أن المخاطر الصحية تظل قائمة في قرار المغرب الحفاظ على حدوده مغلقة أمام تنقلات الأشخاص من وإلى الخارج، إذ أن السلطات كانت سباقة إلى اتخاذ هذا القرار، مباشرة بعد التأكد من أول حالة إصابة قادمة من إيطاليا، إذ تقرر في مارس الماضي، بتشاور مع عدد من البلدان، خاصة بالاتحاد الأوربي، إغلاق الحدود ومنع حركات النقل الجوي والبحري للمسافرين. وكان المغرب حازما في هذا القرار، إذ منع على المغاربة المقيمين، الذين كانوا يوجدون بالخارج، الالتحاق بالبلد، ليتحولوا إلى عالقين بالخارج لمدة تزيد عن أربعة أشهر. وظل المغرب متشددا إلى الآن في فتح الحدود أمام حركة المسافرين المغاربة والأجانب، رغم قرار الاتحاد الأوربي بفتح حدوده أمام مواطني عدد من الدول من ضمنهم المغاربة.

تراجع احتياطي العملة

تراجع الاحتياطي من العملات الأجنبية، خلال الشهر الأولى من السنة الجارية، وأشار بنك المغرب أن الرصيد لن يتجاوز، مع متم السنة الجارية، 218 مليار درهم، ما يكفي لتغطية 5 أشهر من واردات السلع والخدمات. وأرجع البنك المركزي هذا التراجع إلى تقلص تحويلات المغاربة بالخارج، وتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتراجع الملحوظ للصادرات، مقابل زيادة في حجم الواردات.
وتفرض الوضعية الحالية اعتماد مجموعة من الإجراءات للحد من خروج العملة الصعبة، من أبرزها رفع الواجبات الجمركية على واردات المنتوجات المكتملة الصنع بنسبة 60 في المائة، منذ بداية السنة الجارية، للحد من كلفة الواردات، التي تعد المصدر الرئيسي لاستنزاف العملة، إضافة إلى الاستمرار في إغلاق الحدود لمنع تنقلات المغاربة إلى وجهات سياحية خارجية، إذ أن النفقات على الخارج وصلت إلى حوالي 21 مليار درهم، خلال السنة الماضية، وعرفت، خلال السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعا متواصلا.

1100 مليار نفقات الأسفار بالخارج

أنفق المغاربة، خلال السنة الماضية، ما يناهز 21 مليار درهم (2100 مليار سنتيم) بالخارج، أزيد من نصف المبلغ (1100 مليار سنتيم) عبارة عن نفقات سياحية على أسفارهم بالخارج، بزيادة بنسبة 12.7 % مقارنة بما قبلها. وعرفت نفقات المغاربة بالخارج، ارتفاعا متواصلا، خلال خمس سنوات الأخيرة، إذ ارتفعت بـ 723 مليار سنتيم، منتقلة من حوالي 1400 مليار إلى ما يناهز 2100 مليار. وتمثل هذه النفقات تحويلات للعملة الصعبة من المغرب، وتتوزع بين 11 مليارا و 514 مليون درهم خصصت للنفقات السياحية، و 5 ملايير و 321 مليون درهم لتغطية تكاليف التمدرس، والعمرة والحج بميلغ مليار و 883 مليون درهم، وأسفار الأعمال بقيمة مليار و 473 مليون درهم، واسفار المهمات والتداريب التي تكلف 310 ملايين درهم، وأسفار الاستشفاء والعلاجات الطبية التي تصل كلفتها إلى 99 مليون درهم، إضافة إلى 327 مليون إضافية تكاليف أسفار لأغراض مختلفة، ما يرفع المبلغ الإجمالي إلى 20 مليار و 927 مليون درهم، أي حوالي 2100 مليار سنتيم، وتمثل تكاليف السياحية 55 في المائة من إجمالي نفقات المغاربة بالخارج.
وسجل مكتب الصرف زيادة في عدد المغاربة الذين يفضلون قضاء عطلهم بالخارج، سواء في رحلات منظمة أو بشكل فردي.

40 ألف درهم للفرد

يتوقع أن تعرف نفقات الأسفار بالخارج زيادات، خلال السنوات المقبلة، بفعل الإجراءات التي اعتمدها مكتب الصرف ودخلت حيز التنفيذ ابتداء من السنة الجارية، إذ يمكن أن تصل المبالغ المسموح بإخراجها لأغراض سياحية إلى 100 ألف درهم، إذ تم رفع مخصصة السياحة من 40 ألف درهم إلى 45 ألفا، تضاف إليها 10 % من قيمة الضريبة على الدخل التي أداها الشخص الراغب في السفر إلى الخارج، وذلك في حدود مبلغ أقصى يصل إلى 100 ألف درهم (10 ملايين سنتيم).
ويقلل مكتب الصرف من انعكاسات هذه النفقات على احتياطي المغرب من العملات الأجنبية، إذ أن الموارد التي يتم تحصيلها من زيارة السياح الأجانب إلى المغرب تفوق نفقات المغاربة، ما يمكن من تعويض ما ينفقه المغاربة بالخارج وإنعاش الاحتياطي بعملات أجنبية إضافية.

تركيا…الأكثر طلبا

تظل وجهة تركيا الأكثر طلبا بالنسبة إلى الأسفار خارج المغرب، وأرجع منظمو أسفار ذلك إلى العروض المتنوعة الخاصة بهذه الوجهة بأسعار مقبولة، ما يجلب اهتمام الأسر المغربية، وغالبا ما يفضل المغاربة الرحلات المنظمة نحو تركيا، إذ هناك عروض بسعر في حدود 6 آلاف درهم لقضاء 5 ليال بإسطنبول، تتضمن تكاليف الرحلة الجوية والنقل من وإلى المطار والإقامة وزيارات أهم المآثر بالمدينة. ووصل عدد المغاربة الذين زاروا تركيا السنة الماضية أزيد من 234 ألف سائح.

إسبانيا…وجهة 900 ألف مغربي

تأتي إسبانيا في الرتبة الثانية، إذ جذبت حوالي 20 في المائة من المغاربة الذين يسافرون خارج المغرب، وتحظى هذه الوجهة، خاصة “كوستا ديل سول” المشهورة بشواطئها وأنشطتها الترفيهية، بإقبال العديد من المغاربة طيلة السنة، خاصة خلال الفترة الممتدة بين أبريل وشتنبر.

فرنسا…12 % من السياح المغاربة

تأتي فرنسا في الرتبة الثالثة ضمن الوجهات التي يقصدها المغاربة لقضاء عطلتهم، إذ يمثل زوارها المغاربة 12 في المائة من إجمالي الذين يسافرون خارج المغرب، وتظل فرنسا وجهة فئات خاصة من المغاربة، بالنظر إلى كلفة المعيشة بهذا البلد، إذ يتطلب إمكانيات مالية مهمة، خاصة إذا تعلق الأمر بأسرة.

إيطاليا… حج وزيارة

تعتبر إيطاليا من الوجهات المفضلة لدى المغاربة، إذ تجلب حوالي 11 في المائة من المغاربة الذين يقضون عطلهم بالخارج. وتتميز هذه الوجهة بثقافتها المتنوعة ووجود تشابه بين عادات وتقاليد هذا البلد والمغرب، علما أن إيطاليا تضم عددا من الأسر المغربية المستقرة، التي تستقبل مجموعة من الأسر المغربية، خلال فصل الصيف.

“كروازيير”… إقبال متواصل

أصبحت الرحلات البحرية المنظمة (Croisière) تحظى باهتمام المغاربة، إذ تجلب، بدورها، 10 في المائة من العدد الإجمالي للسياح المغاربة، وذلك بفعل الأسعار المحفزة التي تعرضها بعض الشركات، إذ تبدأ أسعار العروض من 8 آلاف درهم.

عوامل اقتصادية ومالية

لا يرجع إغلاق الحدود لدواعي صحية فقط، إذ أن هناك عددا من التدابير التي يمكن اتخاذها للحد من مخاطر انتقال العدوى، من قبيل إلزام الراغبين في السفر إلى الخارج إجراء التحاليل المخبرية قبل المغادرة وبعد العودة، وفرض الحجر الصحي بالمنازل لمدة 14 يوما، بل إن التشدد في منع تنقلات المسافرين برا وبحرا، يرجع، أيضا، إلى عوامل اقتصادية ومالية، بوجه خاص، إذ أن المالية العمومية تعرف صعوبات كبيرة، خاصة احتياطي المغرب من العملة الصعبة، الذي لم يعد يكفي لتغطية أكثر من 5 أشهر من الاستيراد، والذي يمكن أن يتدهور أكثر إذا تم السماح لأسر مغربية بقضاء عطلتها بالخارج، ما يعني خروج ما لا يقل عن 11 مليار درهم من العملات الأجنبية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: