استعدادات لإطلاق قناة “إسلامية” موجهة إلى المغرب العربي من تركيا

تستعد الحركة الإسلامية المغاربية لإطلاق قناة من تركيا موجهة بالكامل إلى دول المغرب العربي.

وقالت مصادر مطّلعة لـ”أخبارنا الجالية ” إن أعضاء نشطين من الحركة الإسلامية المغاربية، خاصة نشطاء جزائريون وتونسيون، يقفون خلف هذا المشروع الإعلامي.

وأضافت المصادر أنّ المعارض الجزائري، ذا التوجه الإسلامي، العربي زيتوت هو من بين المُوجِّهين الرئيسيين لهذا المشروع الجديد الذي يموِّله مستثمرون أتراك وشرق أوسطيون مُقيمون في تركيا حيث سافر زيتوت، زعيم حركة رشاد الإسلامية، مؤخرًا إلى أنطاليا للمشاركة في المفاوضات التي أدّت إلى وضع تصور لهذا المشروع الإعلامي.

وتوقعت أن ينضم نشطاء آخرون من الحركة الإسلامية المغاربية لمشروع القوة الناعمة هذا الذي ستشرف عليه جماعات الضغط التركية.

إنشاء شركة برأسمال أولي يصل إلى 200 ألف يورو سيتعزز بأموال قادمة من الدوحة لإنجاح هذا المشروع الإعلامي

وكشفت المصادر أنه تم بالفعل إنشاء شركة برأسمال أولي يصل إلى 200 ألف يورو سيتعزز بالأموال القادمة من الدوحة لإنجاح هذا المشروع الإعلامي.

ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء قناة شبيهة بقناة الشرق المصرية، أي وسيط يدافع عن الرؤية الإسلامية للإخوان المسلمين يحمل مشروعًا موجهًا لخدمة مصالح التيارات الإسلامية التي تدعمها تركيا. كما تُراهن تركيا على هذا التلفزيون الجديد لتعزيز نفوذها في الملف الليبي حيث تدافع عسكريا عن حكومة السراج الإسلامية في طرابلس.

وتستضيف تركيا أكثر من 3 آلاف إعلامي عربي يعملون في العشرات من المواقع الإلكترونية والفضائيات والمحطات الإذاعية الناطقة بالعربية.

وتقول المصادر السابقة إن هناك الكثير ممّا يمكن فعله في المنطقة المغاربية، حيث أن الحركة الإسلامية، حتى وإن كانت تشارك في إدارة الحكومة في تونس والمغرب وليبيا، إِلا أنها باتت تفقد قوتها، وإن الأتراك، الذين يخوضون حرب نفوذ في المغرب الكبير ضد محور الرياض – أبو ظبي، يريدون مساعدة حلفائهم الطبيعيين الذين هم أحزاب الحركة الإسلامية.

لكن متابعين للشأن المغاربي يعتقدون أن خطر هذه الفضائية سيكون أكبر من بعده السياسي الظرفي الداعم للنفوذ التركي، مشيرين إلى أن المنطقة المغاربية تتسم بوحدة فضائها الديني من خلال المذهب المالكي، الذي يوصف بالمعتدل ويميل للتركيز على العبادات والتسامح والاستقرار أكثر من الصراع السياسي الذي يحمله فكر الإخوان المسلمين، وهو فكر انتقائي هدفه السلطة ويتسم بالاستفزاز والعنف.

وحذر هؤلاء من أن الانتشار الإعلامي لفكر الإخوان سيهدد الوحدة الدينية في المنطقة، وأنه قد يفجّر الصراعات داخلها بين مكونات دينية مختلفة، فضلا عن استهدافه لأكبر قوة دينية وروحية، والمقصود بها الصوفية، وهي تيار عريض في المنطقة سبق أن تعرض إلى هجمات وحملات تشويه في مصر وليبيا مع صعود الإسلاميين واستفادتهم من ثورات 2011.

العربي زيتوت من بين المُوجِّهين الرئيسيين لمشروع القناة

وفي غياب فضائيات دينية ذات توجه فقهي مالكي وجدت السلطات في البلدان المغاربية، خاصة في تونس والجزائر وليبيا، صعوبة خلال تسعينات القرن الماضي وبداية القرن الجديد في مواجهة تمدد الفكر المتشدد الذي أمّنته فضائيات مموّلة من دول خليجية وغزاها رجال دين مصريون. فيما كان المغرب يتوفر على أرضية دينية وسياسية ثابتة ساعدته على امتصاص التأثيرات الوافدة.

وتتهم هذه الفضائيات بأنها ساهمت بشكل كبير في توفير الأرضية الدينية للإرهاب الذي شهدته الجزائر ثم في موجة التسفير وهجرة شباب مغاربي إلى مناطق النزاع في العراق وسوريا وتحوّلهم إلى نواة صلبة في قلب الجماعات الإرهابية.

وتشير أوساط إعلامية مغاربية إلى أن الفضائية الجديدة المدعومة من تركيا يمكن أن تلقى تفاعلا في الشارع المغاربي وتسبب مشاكل لدول المنطقة في ضوء استغراق إعلام هذه الدول في الخطاب المحلي والمجاملة وتعاطيه الحذر مع القضايا الخلافية خاصة ما تعلق بالهوية لمحاذير سياسية.

وما يثير المخاوف من هذه الفضائية الطارئة هو عدم استعداد الإعلام المحلي في المنطقة المغاربية لمغادرة مربع الصراع بين دوله، وبناء وحدة سياسية ودينية لمواجهة التمدد التركي الذي يعمل على معارك بواجهات متعددة، سياسية واقتصادية وتاريخية في مسعى لإعادة إحياء الماضي الاستعماري العثماني الذي ما تزال ذاكرة أبناء شمال أفريقيا تحتفظ بقصص وحكايات عنه وعن مجازره واستغلاله وإجبار الناس على الحرب في صفوف الإنكشارية وتمويل حروبه.

وإذا كان الوجه السياسي هو الأبرز في الأجندة التركية تجاه المنطقة العربية، فإن الهدف بعيد المنال هو التطبيع مع الثقافة التركية، وخلق “قابلية للاستعمار” القديم الجديد، الذي يتجاوز استعادة النفوذ العسكري والسياسي إلى بناء إمبراطورية جديدة في مناطق نفوذ الإمبراطورية العثمانية القديمة.

وتلفت المصادر إلى أن الفضائية الجديدة لم تكن قرارا تركيا طارئا، وأن فكرة إنشائها لم تبدأ مع التدخل في ليبيا، مشددين على أنها تتويج لاختراق تركي واسع وتنسيق مع الإسلاميين خلال سنوات “الربيع العربي”، وهو تنسيق سياسي واقتصادي وتجاري، وأن أنقرة فتحت أبوابها أمام هؤلاء وتحولت إلى دولة جامعة لاجتماعاتهم وخططهم واستثماراتهم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: