الداخلية المغربية تؤجل إخراج السجل الاجتماعي منعا لأي توظيف انتخابي

رغم إلحاح عدد من السياسيين بالإسراع في إخراج السجل الاجتماعي الموحد، أكدت وزارة الداخلية أن “السجل الوطني للسكان سيكون جاهزا في يونيو أو يوليوز من السنة المقبلة، لكن لا يمكن تجريبه في شهر أغسطس 2021 لأن الانتخابات التشريعية ستكون بداية شهر سبتمبر 2021”.

وفي هذا الصدد قال نورالدين بوطيب، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، “لا يمكن أن نبدأ في أغسطس لأن هناك انتخابات، وعندما نتخطاها سنقوم بتجريب السجل الوطني للسكان على صعيد جهة الرباط – سلا – القنيطرة والقيام بالإصلاحات، والتعديلات الضرورية، وسيكون معه السجل الاجتماعي الموحد”.

والسجل الاجتماعي الموحد، وهو سجل رقمي إلكتروني، يتم من خلاله تسجيل الأسر الهشة قصد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية، بناء على طلب يقدمه الشخص المصرح باسم الأسرة، ووفق تنقيط معين.

ويرجع مراقبون هذا التأجيل إلى قطع الطريق على التنظيمات السياسية والجمعيات التابعة لها من محاولة الاستغلال لهذا المنتج الاجتماعي لأغراض انتخابية.

وقالت شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، لـ”أخبارنا الجالية ”، إن ’’تقييد جاهزية هذا السجل قبل موعد الانتخابات يوضح الاستباقية التي تراهن عليها الداخلية أمام إمكانية استغلال الأحزاب لهذا الإنجاز خصوصا تزامنه مع فترة الانتخابات، وراهنية الزمن السياسي الذي تتعامل بها الأحزاب أثناء الحملة الانتخابية قصد حصد الأصوات الانتخابية‘‘.

شريفة لموير: تقييد جاهزية السجل قبل الانتخابات يوضح استباقية الداخلية

وكان حزب العدالة والتنمية قد احتج، قبل أيام، على تأجيل إخراج السجل الاجتماعي الموحد إلى ما بعد الانتخابات. وقال مصطفى الإبراهيمي، رئيس تكتل العدالة والتنمية في مجلس النواب (البرلمان)، إن ’’إخراج السجل الاجتماعي الموحد ضرورة ملحة، ومستعجلة لمواجهة تداعيات فايروس كورونا المستجد‘‘.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد قال في خطاب العرش إن توفير الحماية والتغطية الاجتماعية لكافة المغاربة هو شغله الشاغل، داعيا بهذا الصدد إلى الإسراع في تفعيل السجل الاجتماعي الموحد، محذرا من أي استغلال سياسي لـ’’المشروع النبيل‘‘.

وتعمل الدولة على تقنين السجل الاجتماعي وأخذ الوقت الكامل لإخراجه في الصيغة المثلى، درءا لأي استغلال سياسي من طرف الأحزاب، واستعماله كدعاية في الحملات الانتخابية، على غرار العديد من البرامج مثل “تيسير” و”راميد” ودعم الأرامل، والمنح المخصصة للطلبة وقفة رمضان.

وأكد نورالدين رفيق، البرلماني عن حزب الاستقلال المعارض، أن إخراج السجل الاجتماعي أصبح ضرورة ملحة لتقديم الدعم الاجتماعي لعدد من الطبقات المعوزة والهشة.

وقد اتهم برلمانيون بعض الأحزاب السياسية بالاستغلال غير البريء لملف مساعدة الأرامل على سبيل المثال، بتوزيع استمارات تحمل رمزها الانتخابي، في ضرب سافر للعملية الإنسانية التي تم توظيفها سياسيا من تلك التنظيمات السياسية والادعاء بأنها من اقتراحها.

وقال عدي بوعرفة، وهو برلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، المعارض، إن من شأن السجل الاجتماعي الموحد أن يضع حدا للاستغلال السياسي لفقر المغاربة ووضعية الهشاشة التي يعيشها الملايين، موضحا أن استغلال أوضاع الفئات الهشة من أرامل ويتامى ومعاقين في الخطاب السياسي، والاستغلال الانتخابي، ظهر مع الحكومة التي ترأسها العدالة والتنمية.

من جانبه، اعتبر الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الدار البيضاء عتيق السعيد أن إحداث السجل الاجتماعي الموحد، يأتي في سياق الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس الرامية إلى إرساء عقد اجتماعي تنموي جديد في إطار متكامل ودقيق، يحقق تنمية متوازنة وعادلة للنسيج المجتمعي والمساهمة في إرساء مناخ للاستقرار والسلم الاجتماعي.

ويرى مراقبون أن هذه الآلية تضع حدا لأي تجاوز من أي حزب، كون هذا السجل مشروعا اجتماعيا استراتيجيا يهم فئات واسعة من المغاربة، ما استدعى إعادة هيكلة شاملة للبرامج والسياسات الوطنية في مجال الدعم والحماية الاجتماعية بعيدا عن الحسابات الضيقة للسياسيين.

ولفتت شريفة لموير إلى أن ’’التلاعب يمكن أن يطول المستفدين من هذا السجل، لذلك فإن الرهان الحقيقي المطروح على الداخلية في التعاطي مع هذا الملف هو الحزم واعتماد مقاربة جزرية في حال ثبت أي استغلال، خصوصا وأنه حتى التواريخ التي اعتمدتها الداخلية متقاربة زمنيا مع فترة الحملة الانتخابية في سبتمبر من السنة المقبلة‘‘.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: