كورونا يهدد بريطانيا وفرنسا وألمانيا بموجة أكثر حدة

حذرت تقارير علمية صدرت الثلاثاء بشكل متزامن في كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا من أن التراخي في احترام إجراءات الوقاية واتباع النصائح وتوصيات الخبراء وتنفيذ القرارات الحكومية يجعل فرضية تفش أكبر لفايروس كورونا مقارنة بالمرحلة الأولى أمرا محتوما، وهو ما قد يجعل هذه الدول غير قادرة على السيطرة عليه.

رفعت التقارير العلمية الصادرة الثلاثاء منسوب القلق من عودة قوية لتفشي فايروس كورونا وفقدان القدرة على السيطرة عليه مستقبلا في عدد من الدول الأوروبية خاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وأظهرت دراسة نشرت الثلاثاء أن بريطانيا مهددة بموجة ثانية من تفشي مرض كوفيد – 19 في الشتاء المقبل، وأنها قد تكون أقوى من الأولى مرتين وذلك إذا أعادت فتح المدارس دون أن تضع نظاما أكثر فعالية للفحص والتعقب.

وطبق باحثون من كلية لندن الجامعية وكلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة نموذجا لأثر إعادة فتح المدارس سواء بالكامل أو جزئيا، وبالتالي السماح لأولياء الأمور بالعودة لأعمالهم، على الانتشار المحتمل للفايروس.

جان كاستيكس: أناشد كل فرنسي أن يبقى متيقظا للغاية لنكافح الفايروس

وخلص الباحثون إلى أن الموجة الثانية يمكن تجنبها إذ جرى الوصول إلى 75 في المئة ممن ظهرت عليهم أعراض المرض وفحصهم وتعقب 68 في المئة من مخالطيهم، أو إذا جرى الوصول إلى 87 في المئة من المصابين الذين ظهرت عليهم الأعراض وفحص 40 في المئة من مخالطيهم.

وقالت الدراسة التي نشرت في دورية لانسيت لصحة الأطفال والمراهقين “لكننا نتنبأ كذلك بأنه في ظل غياب تغطية واسعة النطاق تستند إلى الفحص والتعقب والعزل، فإن إعادة فتح المدارس إلى جانب إعادة فتح المجتمع قد تسفر، في جميع السيناريوهات، عن موجة ثانية من كوفيد – 19”.

وأضافت “نتائج النموذج الذي وضعناه تشير إلى أن الفتح الكامل للمدارس في سبتمبر 2020 دون استراتيجية فعالة للفحص والتعقب والعزل سيسفر عن ارتفاع معدل انتشار العدوى وموجة ثانية من الإصابات تبلغ ذروتها في ديسمبر 2020 وتكون أقوى مرتين أو 2.3 مرة من الموجة الأولى لكوفيد – 19”.

وقالت جاسمينا بانوفسكا-غريفيث، كبيرة الباحثين في الدراسة، إن نظام الفحص والتعقب في إنجلترا يصل حاليا إلى نحو 50 في المئة فقط من مخالطي من أكدت الفحوص إصابتهم بالمرض.

وأضافت بانوفسكا – غريفيث، المحاضرة في مجال النماذج الرياضية في كلية لندن الجامعية، لراديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إنه ما زال بالإمكان تجنب أسوأ السيناريوهات.

وتابعت “المهم هو أننا توصلنا إلى أن من الممكن تجنب موجة ثانية من الجائحة إذا أمكن تشخيص عدد كاف من المرضى الذين ظهرت عليهم الأعراض. ويمكن بعد ذلك رصد مخالطيهم وعزلهم”.

وبالتزامن مع صدور الدراسة البريطانية، حذر المجلس العلمي الفرنسي المكلف بمتابعة وباء كوفيد – 19، الثلاثاء، من أن مسار فرنسا يمكن أن “يتغير في أي وقت” نحو تفش متسارع للفايروس، فيما أظهرت الأرقام الرسمية أول ارتفاع في أعداد المرضى في وحدات العناية المركزة منذ أبريل.

وفي تقييم أعده للحكومة، حذر المجلس من أن “الفايروس كان ينتشر مؤخرا بشكل أكثر نشاطا، وسط التخلي بدرجة أكبر عن تدابير الالتزام بالتباعد الاجتماعي والقيود”.

وقال إن “التوازن هش ويمكن أن يتغير المسار في أي وقت إلى سيناريو أقل تحكما كإسبانيا مثلا”. وحذر المجلس من احتمال “عودة انتشار الفايروس بدرجة عالية” بحلول خريف 2020، بعد عطلة أغسطس الصيفية.

وأظهرت البيانات التي نشرتها السلطات الصحية الإثنين أن عدد الأشخاص الذي يتلقون العلاج في وحدات العناية المركزة ارتفع بمقدار 13 شخصا منذ الجمعة، في نهج معاكس للتراجع المسجل منذ أبريل، عندما كان الفرنسيون يلزمون منازلهم بشكل صارم، لوقف العدوى. وتم تسجيل 29 حالة وفاة جديدة خلال نفس الفترة لترتفع الحصيلة الإجمالية للوفيات على مستوى البلاد إلى 30 ألفا و294 وفاة.

وفي ذروة تفشي الفايروس في أبريل، كان أكثر من 7100 شخص يرقدون في وحدات العناية المركزة في مستشفيات فرنسية ذات قدرة استيعابية لا تتخطى 5 آلاف سرير في العناية المركزة عندما بدأت الأزمة.

موجة ثانية قد تكون أشد فتكا

وسجلت فرنسا الآلاف من حالات الإصابة الجديدة الأسبوع الماضي ما دفع ببعض المدن أو المناطق لفرض تدابير محلية وسط تقارير عن تجاهل المواطنين قواعد التباعد الاجتماعي وعدم التقيد بوضع الكمامات والأقنعة الواقية.

ودعا رئيس الحكومة جان كاستيكس، الاثنين، مواطنيه ودوائر الدولة إلى “عدم التراخي” في معركة مكافحة فايروس كورونا المستجد من أجل تجنب فرض إغلاق عام من جديد.

وقال كاستيكس “نشهد زيادة في معطيات الوباء التي من شأنها أن تقودنا إلى أن نكون أكثر يقظة من أي وقت مضى”. وأضاف “أناشد كل فرنسي أن يبقى متيقظا للغاية لأن مكافحة الفايروس تعتمد بالطبع على الدولة والمجتمعات المحلية والمؤسسات، ولكن أيضا على كل واحد منا”.

وفي ألمانيا، قالت سوزان يونا نقيبة الأطباء إن البلاد تواجه بالفعل موجة ثانية من تفشي فايروس كورونا المستجد وإن مخالفة قواعد التباعد الاجتماعي تجازف بتبديد نجاحاتها السابقة في احتواء المرض.

وارتفع عدد حالات الإصابة اليومية باطراد في الأسابيع القليلة الماضية. وحذر خبراء الصحة من أن تراخي الالتزام بالإرشادات الصحية والتباعد الاجتماعي بين البعض يساعد على نشر العدوى في المجتمع. وقالت يونا، الثلاثاء، “نحن بالفعل في بداية موجة ثانية”. وأضافت أن هناك خطرا من أن تبدد الرغبة في العودة للحياة الطبيعية وتقليص إجراءات الاحتواء النجاح الذي حققته ألمانيا حتى الآن. وحثت الناس على الالتزام بالتباعد الاجتماعي والإرشادات الصحية ووضع الكمامات.

ومنيت ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، بأقل عدد وفيات جراء الجائحة بالمقارنة ببعض الدول الأوروبية المجاورة مثل فرنسا وإيطاليا بفضل إجراء فحوص على نطاق واسع ونظام رعاية طبية جيد والالتزام بالإرشادات الصحية. وذكر معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية أن عدد حالات الإصابة المؤكدة في ألمانيا زاد 879 إلى 211281 وإن الوفيات ارتفعت بثماني حالات إلى 9156.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: