إستراتيجية مغربية طموحة لدعم الاقتصاد المتعثر

كثف المغرب جهوده لاحتواء آثار كورونا على الاقتصاد من خلال بلورة إستراتيجية متكاملة تشمل العديد من الحوافز المالية والائتمانية وإعادة ضبط أسعار الفائدة بهدف تفكيك العقبات أمام الشركات لضمان عودة إنتاجيتها المعهودة وبث الأمل داخل الأوساط الاقتصادية.

يسارع المغرب خطاه لتطويق تداعيات كورونا على القطاعات الاقتصادية والإنتاجية وتذليل الصعاب على الشركات لتجاوز كبوة  الخسائر، وذلك من خلال إستراتيجية متكاملة لضبط عمل الشركات وضخ الحوافز وتوفير التمويلات اللازمة دون فوائض كبيرة.

وتأتي هذه الإستراتيجية بعد صدور التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية خلال 2019، والذي أكد أن السنة الماضية تميزت بالدفعة القوية التي أعطاها العاهل المغربي الملك محمد السادس لدعم وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال الشباب.

وفي هذا السياق أكد عبداللطيف الجواهري محافظ بنك المغرب، (البنك المركزي)، أنه “استجابة لنداء العاهل المغربي،أعدت الحكومة وبنك المغرب بتعاون مع النظام المصرفي برنامجا طموحا يرتكز على إنشاء صناديق ضمان جديدة، كما قام البنك المركزي بتليين قواعده الاحترازية وإرساء آلية للتمويل اللامحدود بسعر فائدة تفضيلي قدره 1.25 في المئة”.

عبداللطيف الجواهري: أعددنا برنامجا طموحا لإنشاء صناديق ضمان جديدة

واستمرارا للجهود المبذولة في هذا الإطار طالب العاهل المغربي محمد السادس نهاية يوليو الماضي بأن تركز الحكومة ومختلف الفاعلين على التحديات والأسبقيات التي تفرضها المرحلة، وفي مقدمتها إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي تمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها والرفع من قدرتها على توفير الوظائف والحفاظ على مصادر الدخل.

كما أعلن عن خطة ائتمانية قوامها ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد المحلي، أي ما يعادل 11 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وهي نسبة تجعل المغرب من بين الدول الأكثر تقدما من حيث الدعم المالي المخصص لعملية إنعاش الاقتصاد بعد أزمة كورونا.

وأكد رئيس الاتحاد العام لشركات المغرب، شكيب العلج، أن ضخ 120 مليار درهم في الاقتصاد من شأنه أن يضفي ديناميكية اقتصادية جديدة ستساعد حتما على إنعاش الاقتصاد وتطوير موقعه على الصعيد العالمي.

ومن المنتظر أيضا في ذات السياق إحداث صندوق للاستثمار الإستراتيجي مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص، في مختلف المجالات، ولهذه الغاية، طالب الملك بإحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية.

واعتبر رئيس الاتحاد العام لشركات المغرب، أن إحداث وكالة وطنية تعنى بمواكبة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية، أمر أساسي لترشيد مساهمات الدولة وجعلها أكثر كفاءة، كما أن إحداث صندوق للاستثمار الإستراتيجي سيساهم في ذلك.

وتماشيا مع هذه المستجدات والقرارات أشارت المندوبية السامية للتخطيط إلى أن نصف الشركات تقريبا تعتقد أنها لا تتوفر على رأسمال كاف لاستئناف أنشطتها، مضيفة أن هذه النسبة تمثل 50 في المئة لدى الشركات الصغيرة جدا، و48 في المئة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، و33 في المئة لدى الشركات الكبرى.

وأضاف خبراء المندوبية أن الشركات العاملة في الصناعات الكهربائية والإلكترونية والنقل والتخزين والإيواء والمطاعم هي التي تعاني أكثر من غيرها من نقص في رأس المال الخاص وذلك، على التوالي، 66 في المئة، و59 في المئة، و57 في المئة من أصحاب الأعمال.

120 مليار درهم الأموال التي تم ضخها في الاقتصاد لإستعادة عافيته ولتخفيف آثار الوباء

وحسب إحصائيات رسمية فإن قطاع الإيواء والمطاعم يبقى من أكثر القطاعات تضررا، حيث تضرر نحو 93 في المئة من شركات هذا القطاع خلال شهر مايو وتم تصنيفها في خانة الوضعية الصعبة، يليه قطاع الخدمات الإدارية وأنشطة دعم الأعمال بنسبة 76 في المئة، كما سجل قطاع الصناعات التحويلية وقطاع البناء نسبتي 71 في المئة و70 في المئة على التوالي.

وتبعا لهذه المعطيات، أكد العاهل المغربي أن انعكاسات وباء كورونا امتدت إلى مختلف القطاعات الإنتاجية وأثرت على مداخيل الأسر وميزانية الدولة أيضا، وذكر بتوجيهاته للحكومة لدعم صمود القطاعات المتضررة والحفاظ على فرص العمل والقدرة الشرائية للأسر.

ووفق تصور الشركات المغربية، فإن استرجاع الوظائف المفقودة نتيجة أزمة كورونا مرتبط بتنفيذ مجموعة من الإجراءات المصاحبة، إذ إن 71 في المئة من أصحاب الشركات يرغبون في تخفيض الرسوم الضريبية، و64 في المئة يرون ضرورة تعليق تكاليف الضمان الاجتماعي.

ومن جهة أخرى، أشار البحث الذي قامت به المندوبية السامية للتخطيط إلى أن نسبة 3.51 في المئة من الشركات تعتقد أنها لن تتمكن من استئناف سداد ديونها إلا بعد مرور سنة أو أكثر، مضيفا أن هذا الاستنتاج يعتبر عامّا حيث إن نفس النسبة تقريبا حسب فئات الشركات وكذلك حسب قطاعات الأنشطة الاقتصادية.

وبالنسبة لمسألة آجال الأداء، كشف الاتحاد العام لشركات المغرب الزیادة في متوسط الأجل الإضافي بالنسبة لجمیع القطاعات لیصل إلى 52 یوما، مما سیؤثر بلا شك على السیولة وقدرة الشركات المتأثرة على الدفع.

وتعتزم 45 في المئة من الشركات اللجوء إلى التمويل الخارجي، حيث تنوي 39 في المئة من الشركات الحصول على تمويل عن طريق الائتمان من نفس الشريك المصرفي (50 في المئة من الشركات الكبرى، و43 في المئة من الشركات الصغرى والمتوسطة، و37 في المئة من الشركات الصغيرة جدا)، فيما تخطط 4 في المئة من الشركات إلى اللجوء لشريك مصرفي جديد،  و5.3 في المئة تفضل مؤسسات مالية أخرى.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: