صيف جزائري ساخن على وقع جائحة كورونا واستمرار الاحتقان السياسي
يقضي الجزائريون صيفا ساخنا امتزجت فيه إفرازات جائحة كورونا بموجة حرارة شديدة غذتها حرائق كثيرة، وبنقص كبير في السيولة المالية عبر مراكز ومكاتب البريد، فضلا عن موجة أخرى من الهجرة السرية بعد وصول المئات من الجزائريين إلى سواحل إسبانيا في ظرف وجيز، وذلك عشية عيد أضحى ما أثار الكثير من اللغط بسبب الظروف الاجتماعية والصحية التي تسود البلاد.
وتعيش الجزائر على صفيح ساخن دفعت إليه تجليات الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، في صيف استثنائي، اجتمعت فيه كل أوجه المعاناة الاجتماعية والصحية والاقتصادية، مما يزيد من عمق الأزمة التي تتخبط فيها منذ أكثر من عام، ولذلك سيقضي الجزائريون بداية من الجمعة عيد أضحى استثنائيا بدوره وغير مسبوق.
ومع توسع دائرة الإصابات بوباء كورونا إلى عتبة الـ700 حالة يوميا، واستمرار إجراءات الحظر الحكومية المطبقة في البلاد منذ نحو خمسة أشهر، تعمقت المعاناة مع صور نقص السيولة المالية في مراكز البريد، ولم يتمكن الكثير من الجزائريين من سحب رواتبهم لقضاء حاجيات العيد.
وجرى إصدار قوانين صارمة تجاه المعتدين على الكوادر الطبية، مما دفع البعض إلى التعليق بالتساؤل “من يحمي المواطن من إهمال الكوادر الطبية”
وعجت منصات التواصل الاجتماعي بصور وتسجيلات قرى وبلدات بأكملها هددتها ألسنة النيران في منطقة القبائل مما اضطر سكانها إلى الفرار، وبالمئات من الجزائريين وصلوا سواحل إسبانيا في ظرف قياسي، مما أعاد الحديث عن نظرية المؤامرة لدى دوائر مؤيدة للسلطة، وعما سمي بـ”مافيا الفحم”، وشبكات الاتجار بالبشر الحريصة على عرقلة عمل السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون.
وكانت وسائل إعلام إسبانية قد تحدثت عن وصول أكثر من 400 مهاجر سري من الجزائر على متن أكثر من 30 قاربا في ظرف 24 ساعة، وعن ألف مهاجر من جنسيات مختلفة في ظرف ثلاثة أيام، وهو ما أعاد طرح مسألة الخيبة الشديدة التي مني بها الشارع الجزائري بعد الالتفاف على مشروع التغيير في البلاد.
وفيما تضاربت الروايات بشأن ما وصف بـ”النزوح الجماعي”، بسبب تشكيك دوائر مؤيدة للسلطة وربطها بالمؤامرة التي تستهدف تفخيخ مسار السلطة الجديدة بألغام اجتماعية واقتصادية في صورة الهجرة السرية ونقص السيولة المالية، أظهرت صور وتسجيلات على شبكات التواصل الاجتماعي، لمجموعات وأفراد من شباب جزائري اختار “الحرقة” إلى الضفة الأخرى من المتوسط وفيهم أطفال صغار ومسنون، وحتى موظفون ومن بينهم طبيب من مدينة الشلف بحسب بعض الروايات.
ومع تعاظم ألم المئات من العائلات الجزائرية على فلذات أكبادها التي غادرت عشية عيد الأضحى، عاد الحديث بقوة عن عمق الأزمة التي تتخبط فيها البلاد التي بات أبناؤها يفرون منها إلى وجهات أخرى، بعدما فقدوا الأمل في التغيير وفي حياة كريمة.
ووسط انتقادات لأداء السلطة الصحية في ظل الجائحة وفشل الحكومة في التحكم في تمدد العدوى، يستمر تبادل الاتهامات بين شارع لا يثق في أرقام السلط المذكورة ولا يلتزم بالتدابير الوقائية، وبين حكومة أتعبها ما تصفه بـ”قلة الوعي لدى المواطنين”.
مع توسع دائرة الإصابات بوباء كورونا إلى عتبة الـ700 حالة يوميا، واستمرار إجراءات الحظر الحكومية المطبقة في البلاد منذ نحو خمسة أشهر، تعمقت المعاناة
وجرى إصدار قوانين صارمة تجاه المعتدين على الكوادر الطبية، مما دفع البعض إلى التعليق بالتساؤل “من يحمي المواطن من إهمال الكوادر الطبية”.
وفيما تحدث سابقا الرئيس عبدالمجيد تبون، عن “امتلاك بلاده لأحسن منظومة صحية في القارة وفي المنطقة”، تعالت الانتقادات لهذه المنظومة حتى من طرف مؤيدين له، بسبب الإخفاقات المسجلة في النسيج الاستشفائي، لاسيما بعد توسع العدوى خلال الأسابيع الأخيرة دون تقديم مبررات مقنعة لذلك.
واستدعت الوضعية المالية المستجدة في البلاد، إلى عقد اجتماع مجلس وزاري بقيادة عبدالعزيز جراد، لدراسة النقص الفادح في السيولة المالية بمراكز البريد، مما أعاد زحمة كبيرة تفتح المجال أمام توسع عدوى كورونا وسط المواطنين، إلا أن اللافت أن البيان المعلن عنه لم يقدم مبررات أو حلولا ناجعة، وسيضطر هؤلاء إلى قضاء عيد استثنائي في حياة أسرهم.