قطاع المواشي المغربي يتحمل تبعات الوباء بالحفاظ على خفض الأسعار

تسببت التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا إلى جانب الجفاف في تقويض مردودية المنتجات الزراعية والحيوانية في المغرب ما كبد تجار ومربّي المواشي خسائر في ترويج منتجاتهم، الأمر الذي اضطرهم إلى التخلي عن البحث عن الربح وبيع الخرفان بأسعار مناسبة لحماية المستهلكين.

  اضطر مربّو وتجار المواشي في المغرب إلى تحمل تبعات كورونا على قطاعهم وبيع منتجاتهم بأسعار منخفضة للحفاظ على توازن السوق ومساعدة المستهلكين على تلبية حاجياتهم رغم عدم تغطية الأسعار لكلفة الانتاج.

وعلى بعد أيام قليلة من حلول موعد عيد الأضحى تعرف فضاءات بيع أضاحي العيد رواجا موسميا بالمغرب، إذ تم تنصيب أسواق جديدة في ضواحي المدن تحت إشراف من البلديات والجماعات المحلية، مع إجراءات احترازية فرضتها جائحة كورونا سواء على مستوى تنظيم الأسواق أو الأسعار المتوقعة للأضاحي.

ووصل عدد أضاحي العيد، حسب وزارة الزراعة والصيد البحري، إلى 8 ملايين و500 ألف رأس قبل حلول عيد الأضحى، في حين لا تتعدى احتياجات هذه المناسبة 4 ملايين ونصف.

ورغم الأزمات المتتالية تمكن قطاع تربية المواشي من توفير الاحتياجات اللازمة من الثروة الحيوانية للمستهلكين وتجاوز الأزمات المتتالية صحيا ومناخيا.

وقال بعض مربي الماشية إنهم سيخسرون حوالي 30 إلى 50 دولارا للرأس بسبب أزمة كورونا، وقد أشار أحدهم، في تصريح لـ”العرب”، “أنا كمزارع فرض علي التأقلم مع أجواء العيد لهذه السنة، حيث لا بديل إلا أن نبيع القطيع لأن كلفته ستزيد بعد مرور الموسم”.

وقال عبدالصمد العيساوي موظف بالقطاع العام لـ”أخبارنا الجالية ”، إن الأسعار في المتناول مقارنة مع السنة الماضية حيث هناك فرق يتراوح بين 50 و100 دولار، مشيرا إلى ضرورة التضامن مع الفئات الهشة حتى تستطيع اقتناء أضحية العيد، خصوصا إذا تسبب الوسطاء في ارتفاع الأسعار.

وأكد عبدالغني عزي، مدير مراقبة المنتجات الغذائية بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، (مؤسسة حكومية) أن “العرض متوفر في ما يخص الأكباش والماعز، مبينا أن عملية تصنيف الأغنام والماعز المعدة لعيد الأضحى، التي أطلقت يوم 22 أبريل الماضي، شهدت إقبالا كبيرا من المربين والتجار، وتم تصنيف أكثر من 7 ملايين و200 ألف رأس”.

ولفتت الفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، إلى أن أسعار الأغنام قد تنخفض بنسبة 10 في المئة مقارنة بسنة 2019، ووفقا لتقديراتها ستكون الأسعار منخفضة للأغنام الكبيرة، لكنها ستظل مستقرة أو سترتفع قليلاً للأغنام الصغيرة وهي الأكثر طلبًا في السياق الحالي.

ويتزامن التراجع في الأسعار مع طمأنة المديريات الجهوية للزراعة بجميع جهات المملكة بتوفر عرض كاف من الأضاحي، حيث وصل عددها بجهة الدار البيضاء – سطات إلى مليون و450 ألف رأس من الأغنام والماعز.

ولا تتعدى نسبة الطلب على أضاحي العيد في مجملها 70 في المائة من الكمية المعروضة، والتي يتم تسمينها بمختلف أماكن التسمين، وكذا على مستوى الضيعات والمزارع الصغيرة.

نسبة الطلب على أضاحي العيد لا تتعدى 70 في المائة

وحافظت الأسعار على استقرارها وتوازنها بين العرض والطلب، ومن المتوقع أن يتراوح متوسط سعر الأغنام بجهة الدار البيضاء – سطات، ما بين 200 و360 دولارا للرأس بالنسبة لسلالة الصردي، وما بين 150 و280 دولارا للرأس بالنسبة لسلالة البركي.

وقد أكد حسن بن علي كساب من جهة فاس مكناس، في تصريح لـ”العرب”، أن أسعار الأغنام والماعز في متناول كل الفئات، موضحا أن الفرق شاسع بين هذه السنة والسنة الماضية التي كانت فيها الأسعار مرتفعة ليأتي هذا الموسم بالتزامن مع جائحة عالمية أثرت على القدرة الشرائية للمواطن.

وتزامن اقتراب الأضحى مع استفادة عدد كبير من المتضررين من توقف الأنشطة الاقتصادية نتيجة الحجر الصحي الذي استمر حتى بداية شهر يوليو الجاري، من الدفعة الثالثة للإعانات المالية لصندوق كوفيد – 19 الخاص بتدابير جائحة كورونا، والتي ستساهم في تخفيف الضغط المادي في هذه المناسبة.

ويشكل عيد الأضحى مناسبة لتحريك عجلة الاقتصاد المغربي وفرصة موسمية لخلق ديناميكية تجارية، إذ يتجاوز متوسط رقم المعاملات التجارية للأضاحي بمناسبة عيد الأضحى 1.2 مليار دولار، يتم تحويل معظمها إلى المناطق القروية، مما يسمح للمزارعين بتغطية نفقات الأنشطة الموازية الأخرى، ولاسيما الاستعدادات للموسم الزراعي القادم.

كما يساهم عيد الأضحى في تحسين دخل المزارعين الذين تشكل تربية القطيع مورد دخلهم الأساسي، خاصة في المناطق الرعوية الشاسعة التي تغطي حوالي 70 في المئة من مساحة المغرب.

ولفت المربي حسن بن علي، إلى تضرر المزارعين والمربين هذه السنة بفعل الجفاف وتداعيات كورونا التي تسببت في تجميد بعض الأنشطة التي تساهم في استهلاك اللحوم كمآدب الزفاف والتظاهرات وغيرها من المناسبات، مشددا على أن الأسعار المقترحة هذه السنة للقطيع لا تغطي مصاريف تربيتها.

وإلى جانب تحسين الدخل المالي للمزارعين الذين تشكل تربية الماشية الصغيرة مصدرا رئيسيا لعيشهم، يستفيد الوسطاء وهم فئة التجار والذين يقومون بشراء رؤوس الماشية من مربي القطيع، ويقومون بإعادة بيعها في نفس السوق أو غيرها من الأسواق ما يساهم في تنمية رأس المال في هذا القطاع.

وتعد السلامة الصحية للأضحية من أهم ما يعتني به المستهلكون الذين لا يتوفرون على خبرة ومعرفة بأمور صحة وسلامة الأضاحي، وفي هذا الصدد أكد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، أن الحالة الصحية للقطيع الوطني خصوصا الأغنام والماعز مُرضية ومستقرة.

وفي هذا الإطار فرضت وزارة الزراعة والسلطات المحلية شروطا للدخول إلى السوق المخصصة حصريا للحيوانات المصنفة، في إطار عملية تصنيف الأغنام والماعز التي تم إنجازها إذ تحمل هذه الحيوانات حلقات صفراء برقم تسلسلي فريد وإشارة للتمكن من تتبع مصادرها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: