ماذا يحدث في الجزائر: شباب يقذفون بأنفسهم للبحر ودور عبادة لم تعد آمنة!
بعدما أوشك الجزائريون على نسيان آلام قوارب الموت والهجرية غير الشرعية نحو الضفة الأخرى للمتوسط، عادت الظاهرة بقوة بعد انتشار خبر وصول أكثر من 400 مهاجر جزائري غير نظامي إلى اسبانيا» هكذا عنونت صحف إسبانية الموضوع، وهكذا كتبت عنه: أربعمئة جزائري يصلون إسبانيا في ظرف 24 ساعة.
مستغربة من الكم الهائل لعدد الجزائريين الداخلين إلى أراضيها في ظرف قياسي، الصحف الإسبانية تدق ناقوس الخطر وتستغرب من وصول 418 شابا جزائريا فقيرا إلى جنوب إسبانيا، خاصة إلى شواطئ مرسية.
هذه القوارب كانت قد انطلقت من شواطئ غرب الجزائر وخاصة من مدينة مستغانم، حيث غادرها اكثر من مئتي شاب في ليلة واحدة تكتب «الوسط». أما المنصة الرقمية «أوراس» فنقلت بدورها الخبر ونشرته عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك من خلال فيديو بوضح اندهاش الصحف الإسبانية من توافد المهاجرين غير النظاميين الى إسبانيا. وأن الإسبان يدقون ناقوس الخطر بسبب العدد الكبير للجزائريين الوافدين.
إذاعادت ظاهرة «الحرقة» لتشكل رقما قياسيا منذ تراجعها بسبب الأمل الذي زرعه الحراك الشعبي والأمل في تغيير الأوضاع الكارثية، التي دفعت بالشباب للمغامرة بأعز ما يملكون أرواحهم، تاركين أعز ما يملكون الأهل.
تراجع الأمل أجج رغبة مغادرة البلاد إلى مصير مجهول. قد تصيب المغامرة وقد تخيب، وفي كل مرة قد يقول الحراڤ: «عاشْ مَاكْسَب، مَات مَاخَلّى».
هكذا نهاجر أجسادا تاركة أرواحا متألمة عليها، بينما تتوق أجساد أخرى للحظة العودة للجزائر، وتتعلق أرواحهم لاحتضان الوطن، بعد معاناة طويلة في مطارات وبلدان العالم.
تنقل جريدة «الخبر» ليوم الأحد «عملية إجلاء 5158 مواطنا جزائريا، العملية التي بدأت منذ 20 الشهر الجاري. تتواصل عملية إجلاء الرعايا الجزائريين العالقين في 26 بلدا عبر 20 رحلة جوية ورحلتين بحريتين، حسب ما أفاد به الناطق الرسمي باسم وزارة الشؤون الخارجية عبد العزيز بن علي الشريف.
فبالإضافة إلى العالقين في البلدان الأوروبية (فرنسا، إيطاليا، اليونان، مالطا، ألمانيا، الدانمارك، السويد) تم إجلاء العالقين في كندا وماليزيا وسنغافورة وسلطنة عمان وقطر، وحتى بعض العالقين على الحدود البرية مع تونس.
وتضيف «الخبر»: وقد تم استقبال المواطنين العائدين على مستوى المؤسسات الفندقية المسخرة من قبل السلطات العمومية، التي جندت كل الوسائل والامكانيات لإنجاح هذه العملية.
كما أن عمليات الإجلاء ستتواصل إلى غاية 30 الشهر الجاري عبر 20 رحلة مبرمجة لإجلاء 5165 مواطنا عالقا مسجلين على مستوى الأرضية الرقمية في كل من مصر وفرنسا والأردن وروسيا وأوكرانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وقطر، بالإضافة إلى مواطنين عالقين في بلدان مجاورة لنقاط الإجلاء».
هل سيكون من بين هؤلاء الذين سيتم اجلاؤهم العالقون في دول افريقية، كتنزانيا وغيرها. لتكتمل فرحة من يريدون الرجوع للجزائر. فما أحلى الرجوع للأوطان وللأهل، وإن كان بدون أحضان وعناق. وكم هي مؤلمة مغادرة الوطن بعد سحق الآمال والكبرياء!؟
عنف البشر والحيوانات
ما زالت مطرقة العنف تضرب بقوة، قبيل عيد الأضحى. كأنها لا تريد التوقف، ولا شيء يفرملها. واجتياح كورونا زاد من تفاقمها. أشكال عنف كثيرة طفت للسطح. عنف منزلي وعنف في الشارع. الموت في كل منعطف. الإنسان في أصعب امتحان لإنسانيته. أتراه فشل في الارتقاء من نزواته الحيوانية الافتراسية أم خضع لها متحججا بألف سبب. ماذا سيقول من أزهق روحا بسبب هاتف نقال؟ وماذا يقول من ذبح صديقه لأتفه الأسباب؟ وكيف يستطيع العيش ولو في زنزانة أبدية من قضى على زوجته وأسرتها بأكملها؟!
هكذا فقدت الأسر الجزائرية شبابا بعمر الزهور في هذه الأيام، التي يفترض أن تكون مباركة. تتفاقم جرائم القتل الشنيعة في البلاد. قرابة ربع مليون جريمة سجلت في السداسي الأول من عام 2020، بمعدل 693 جريمة قتل واعتداء وسرقة يوميا، حسب تقاير الشرطة. اخصائيون يدقون ناقوس الخطر ويطالبون بتطبيق عقوبة القصاص (أوراس).
حتى وإن سلم الإنسان من بطش الإنسان، فقد تزهق روحه عضة كلب. الكلاب ويا ليتها كانت ضالة، بل الكلاب التي يتباهى بها البشر وهم يخرجونها كفزاعات تخيف الكبار والصغار. هذه المرة الضحية «ملاك» ذات الأربع سنوات. تنقل مأساتها «قناة النهار» حيث تظهر والدتها وهي تقبل بعض ملابسها وتشم روائح جسدها أو ما تبقى منها. تعرضت ملاك لعضة كلب أودت بحياتها. ملاك التي رافقت والدها إلى إحدى نقاط بيع الكباش في حيهم (بوفاريك جنوب العاصمة) حيث تفاجأ الأب بكلب ينقض على ابنته. وإن كان الكلب من سلالة عادية، لكنه هو من انقض عليها وهي في صحبة والدها تتفرج على الكباش، مثلها مثل جميع الأطفال يقول أحد أقربائها. تهجم عليها الكلب ولم تستطع الطفلة المقاومة. بقيت أياما في العناية المركزة، ثم غادرت الحياة. حزن وألم يخيم على أسرة ملاك، كما صوره تقرير قناة «النهار». والدة ملاك تعانق ابنها وأمامهم دمية كبيرة كانت ملك ملاك. وما زاد من ألم هذه العائلة أن صاحب الكلب لا يريد الاعتراف بذنب كلبه. تقول الأم: كنت أتمنى أن تبقى ابنتي على قيد الحياة مهما كانت حالتها، خرساء أو مشلولة. وتطلب من السلطات الوقوف بجانبها وأن لا تترك حق ابنتها يضيع هدرا. صورتها في الانعاش تدمي القلوب. المشكلة لا تكمن فيمن ذهب للآخر. الأطفال يحبون الحيوانات وبنجذبون إليها. لكن هذا لا يبرر جريمة كهذه، ولا يمكن لصاحب الكلب أن يتذرع بهكذا ذريعة واهية عمياء لا منطق لها. وعليه أن يتحمل جريمة مزدوجة، ترك حبل كلبه على الغارب بين الناس وجرم تنصله من المسؤولية وما حدث لملاك! أم أن من يملك كلبا لا يطوله القانون، بسبب مكانة أو«بريستيج» على حساب البسطاء. الأسرة تنتظر نتيجة تشريح الجثة. بعدما طالب وكيل الجمهورية لمحكمة بوفاريك بذلك.
تعود قناة «النهار» لقضية الطفلة ملاك لمعرفة الأسباب الحقيقية لوفاتها. تقول السيدة نوال، والدة ملاك إنها تنتظر نتيجة التشريح لترتاح ابنتها، ولا بد للجزائريين أن يقفوا معها لأنها امرأة فقيرة، وإن ابنتها ما زالت غير مرتاحة في قبرها، لا بد أن تستعيد حقها لترتاح. وسألت صاحب الكلب لماذا لا تضع له كمامة؟ فرد عليها لن أضعها له، معذرة للكلاب، فالبشر هم من يضعون الكمامات الآن. عائلة ملاك تطالب العدالة إظهار الحق وإنصاف الضحية وأهلها، بينما عائلة صاحب الكلب تتنصل من مسؤوليتها. لا أطلب شيئا من العدالة، يقول والد الضحية، لا مال ولا شيء آخر سوى حقها، وإظهار الحقيقة. كم تساوي هذه يشير الأب لصورة ابنته؟ هل دائما من يطوف بكلبه يكون مسنودا ويعيث في الشوارع فسادا، لكن الضحية وإن كان «زواليا» بسيطا فله «الله» لكم الله أهل «ملاك» ثم العدالة.
شدوا كلابكم فنحن في حاجة لأطفالنا. وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الأطفال لعنف الكلاب. فهل يقع اللوم على الكلاب أم على أصحابها؟ الكلب بريء من دم ملاك. كبراءة الذئب من دم يوسف.
بيوت الله لم تعد آمنة
ينقل موقع «باب نت» وقوع جريمة قتل في جامع بجبنيانة ووفاة القائم على الجامع، فقد «عبرت وزارة الشؤون الدينية في بلاغ لها الجمعة الماضي عن استنكارها للحادثة، التي كان جامع أولاد بوسمير بمعتمدية جبنيانة ولاية صفاقس مسرحا لها، وكان ضحيتها أحد رواده بمناسبة صلاة الجمعة بعد الاعتداء عليه في رحابه بفظاعة، مما أدى إلى وفاته متأثرا بجراحه بعد أن تم نقله إلى مستشفى جبنيانة أين فارق الحياة، ليتزامن ذلك مع إصابة القائم على الجامع بأزمة قلبية مساء اليوم نفسه توفي إثرها في بيته بعد صلاة العصر، بما يبدو على علاقة بالجريمة المرتكبة قبل ساعات.
الوزارة قالت إنها حريصة على أن تكون بيوت الله آمنة، وعبرت عن تضامنها المطلق مع إطاراتها المسجدية.
والتزمت بمتابعة الحادثة في ظل ما ستثبته الابحاث وما ستقرره الجهات القضائية المتعهدة بكل الاجراءات القانونية المستوجبة.
وكان موقع «موزاييك» السباق في نقل الحادث وملابساته ومصدرا للمعلومات لكثير من المواقع والصحف. حيث أكد مصدر قضائي مطلع لموزاييك أن النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية صفاقس أذنت بفتح بحث تحقيقي للكشف عن ملابسات وفاة شيخين من رواد الجامع بمناسبة أداء صلاة الجمعة أحدهم عمره 76 عاما والثاني يعمل «وقادا» في الجامع وعمره 69 عاما.
وتفيد المعطيات الأولية أن شابا هاجم الأول وهوى على رأسه بآلة حديدية، ورغم سقوطه أرضا إلا أنه واصل تعنيفه على الرأس بطريقة فظيعة، ويرجح أن الثاني توفي جراء صدمته من فظاعة مشهد مقتل الأول. وقد هزت الحادثة مدينة جبنيانة في ظل روايات تتحدث عن معاناة قاتل المصلي من اضطرابات عقلية».
أصبح الأمن عملة نادرة، والأمان مجرد حلم لا تحققه الشعارات السياسية، ولا حتى الأديان، ولا قواعد التنشئة الاجتماعية. في غياب دراسات حقلية صارمة وبروز دراسات شبيهة بفقاعات الهواء وبصرعات الموضة، لا يهمها سوى البروز على مواقع التواصل الاجتماعي والتهافت على الشهادات والصور التذكارية!