توسيع مهام هيئة النزاهة.. هل يحاصر الفساد في المغرب؟

تسابق الحكومة المغربية الزمن لتطويق الفساد قانونيا، عبر توسيع صلاحيات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.

وتهدف الحكومة بتوسيع صلاحيات الهيئة، إلى الحد من الفساد الذي يلتهم ما بين 5 إلى 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أو على الأقل التقليل منه.

ومشروع القانون الخاص بالهيئة الذي صادقت عليه الحكومة المغربية في يونيو/ حزيران الماضي ما زال قيد الدراسة في البرلمان.

وينتظر مشروع القانون الذي يهدف لمحاصرة الفساد المستشري، حسب تقارير محلية ودولية، عددا من التعديلات قبل مصادقة البرلمان عليه، ودخوله حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية.

مستجدات تشريعية

الناطق الرسمي باسم الحكومة سعيد أمزازي، قال في ندوة صحفية عقب اعتماد على مشروع القانون، إن أهدافه “تتلخص في إعادة صياغة المقتضيات المتعلقة بتحديد مفهوم الفساد، والتمييز بين نوعين من أفعال الفساد المحددة لمجال تدخل الهيئة”.

وأضاف أمزازي، أن المشروع “يخول للهيئة إمكانية إجراء أبحاث، وتحريات، وإعداد تقارير تحيلها إلى السلطات والهيئات المختصة، بتحريك المتابعة التأديبية أو الجنائية حسب الحالة”.

كما أكد المتحدث، أن من بين أهداف المشروع “توسيع نطاق مهام الهيئة، ومجالات تدخلها، وذلك عبر مراجعة مهام الهيئة في ضوء أحكام الدستور”.

وأوضح أن تلك المراجعة “تتمثل في البعدين التخليقي والوقائي للهيئة، من خلال التنصيص على صلاحية الهيئة لاقتراح التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، والآليات والتدابير والإجراءات الكفيلة بتنفيذها على الوجه الأمثل”.

مساهمة فعالة

تعتبر الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن المراجعة القانونية لمهامها وصلاحياتها “تندرج في إطار تمكين هذا الإطار المؤسسي من الآليات القانونية التي تضمن له القدرة على تصريف صلاحياته الدستورية في الوقاية والمكافحة”.

وتوضح الهيئة على لسان مسؤول التواصل فيها جمال الموساوي، أن “مشروع القانون جاء مستوعبا لمقتضيات توفر ضمانات التنزيل الأمثل للاختصاصات الدستورية للهيئة في المبادرة، والتنسيق، والإشراف، وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد، وتثبيت مبدأ الاستقلالية الممنوح دستوريا للهيئة”.

ويلفت الموساوي، أن القانون “يسعى إلى توسيع نطاق مفهوم الفساد المشمول بتدخل الهيئة، كما يمكنها من صلاحية البحث، والتحري، والتصدي التلقائي لحالات الفساد، ويضمن مواجهة الحالات المحتملة لعرقلة مهامها”.

وعن مدى مساهمة هذا القانون في محاربة الرشوة ومحاولة حصارها يقول الموساوي، إن “من شأن هذه المراجعة العميقة للإطار القانوني للهيئة، أن تساهم بشكل فعال في إذكاء ديناميكية جديدة في المجهود الوطني لمكافحة الفساد”.

حذر وترقب
يقول أحمد البرنوصي الكاتب العام للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة “ترانسبرانسي المغرب” إن هذه الخطوة التشريعية “تعد أمرا إيجابيا نسبيا نظرا للاختصاصات الجديدة التي تضمنها المشروع”.

إلا أن ما يثير التحفظ ويدعو إلى عدم الإفراط في التفاؤل تجاه تلك الخطوة يتمثل، بحسب البرنوصي “في عدم التأكد من أنه سيتم المصادقة على هذه المقتضيات الجديدة كما هي من قبل البرلمان، أم سيتم تعديلها أو حذفها”.

ويستبعد البرنوصي “إقرار البرلمان للقانون خلال السنة الجارية”، مرجعا ذلك إلى ما وصفها “بالظروف الاستثنائية التي تعيشها المملكة المغربية بسبب جائحة كورونا”.

لكن البرنوصي يؤكد على أن “درجة الفساد المتفشية في المغرب تستدعي أن يكون لهذه الهيئة من المؤهلات المادية والقانونية، ما يؤهلها للقيام بدورها في مكافحة الفساد على النحو المطلوب”.

وتبقى المنظومة القانونية المغربية على الرغم من تقدمها، بحسب البرنوصي، “بحاجة إلى نصوص جديدة من أجل ضمان مكافحة الفساد الذي أرهق كاهل الدولة والمجتمع”.
وتقدم المغرب في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2018 في التقرير الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية، من المرتبة 81 إلى 73، من أصل 180 دولة.
وخلال عام 2019، تراجع المغرب بحسب ذات المنظمة، ليحتل المرتبة الـ80.

وخلال نوفمبر الماضي قال رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، إن” محاربة الفساد والاحتكار مطالب ملحة”.

ولفت العثماني في كلمة له خلال انعقاد ندوة دولية بالرباط، إلى أن “محاربة مختلف اشكال الريع (الاستفادة من أموال أو رخص دون مجهود، أو دون عمل)، والاحتكار، والفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية، هي مطالب الجميع دولة وحكومة ومجتمعا مدنيا”.

وبحسب إحصاءات رسمية، فقد وصلت إلى النيابة العامة المغربية أكثر من عشرة آلاف شكوى بخصوص الفساد والرشوة خلال 2018، نحو 80 في المئة منها تم إيداعها من طرف المشتكين أنفسهم بقسم الشكاوى المفتوحة بمقر رئاسة النيابة العامة”.

وخلال يناير/ كانون ثاني الماضي، قالت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، إن “الحكومة المغربية اعتمدت استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد، ولم تشرع في تنفيذها بعد ثلاث سنوات من إقرارها”.

وقال العثماني، إن “آفة الفساد تشكل إحدى العقبات الرئيسة التي تعيق التنمية والاستقرار في أي بلد”.

جاء ذلك في كلمة للعثماني بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) الثلاثاء لدى رده على أسئلة برلمانيين بخصوص الفساد.

ورفض العثماني “اعتبار أن هذه الظاهرة لا زالت مستشرية، أو أن الفساد ينتشر بشكل كبير في مختلف مناحي الحياة العامة”.

وكان رئيس الحكومة المغربية قال في 28 يوليوز/ تموز الماضي، إن الفساد يلتهم ما بين 5 إلى 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: