تبون يستعين بجهاز الاستخبارات السابق لمواجهة الأزمات

كرس إطلاق سراح مدير أمن الجيش السابق، الجنرال جبار مهنا، العودة التدريجية لعناصر جهاز الاستخبارات السابق إلى الواجهة، وهو ما يثير إمكانية استنجاد الرئيس عبدالمجيد تبون بهذا الجهاز في التعاطي مع الملفات الحارقة داخليا وإقليميا.

وتحدثت مصادر متابعة عن إطلاق سراح مدير دائرة أمن الجيش في جهاز الاستخبارات السابق الجنرال جبار مهنا من سجنه العسكري بالبليدة، ليشكل بذلك عودة قوية لوجوه الجهاز المنحل عام 2015 من طرف الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

وتداولت تقارير محلية أنباء عن تعيين عدد من الوجوه والضباط السابقين المنحدرين من هذا الجهاز، والذين ظلوا يحسبون على رجل الاستخبارات القوي الجنرال محمد مدين (توفيق) المسجون بالبليدة بتهم التخطيط والمساس بأمن الدولة وقيادة المؤسسة العسكرية، في مناصب مهمة برئاسة الجمهورية.

وكان تبون قد استعان باللواء السابق عبدالعزيز مجاهد لشغل منصب المستشار الأمني والعسكري، في الرئاسة، وهو المحسوب على جهاز الاستخبارات السابق وإحدى أذرع الجنرال توفيق، ليطرح بذلك إمكانية مراجعة موقف السلطة الجديدة من الجهاز المنحل، لاسيما بعد رحيل خصمه اللدود الجنرال أحمد قايد صالح.

ويعد اللواء جبار مهنا واحدا من الصقور الذين كان يستعين بهم الجنرال توفيق في إدارة الشأن الداخلي، خاصة ما يتعلق بالصراع الذي دار بين الاستخبارات والرئاسة (2010 – 2015)، قبل أن يستقر الوضع في نهاية المطاف لصالح بوتفليقة.

ويرى متابعون للشأن الجزائري أن الحديث عن عودة رجالات الجهاز إلى مناصب حساسة في السلطة الجديدة، هو مؤشر على إمكانيات عودة القبضة الحديدية في التعاطي مع الاحتجاجات السياسية التي انطفأت بسبب وباء كورونا، وأن عودة هؤلاء لا يمكن أن تكون دون مراجعة الموقف وبحث مصير العراب المسجون الجنرال توفيق.

ومنذ اعتلاء قائد أركان الجيش السابق الجنرال أحمد قايد صالح لواجهة الشأن العام بعد تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة عن السلطة في أفريل 2019، لقي العديد من الجنرالات والضباط السامين في الجهاز أنفسهم في السجن بتهم مختلفة، ومنهم من هو فار في عواصم غربية على غرار الجنرال عبدالرزاق شريف، الغالي بلقصير ووزير الدفاع الأسبق خالد نزار.

وخلال أشهر فقط، استطاع قايد صالح افتكاك كل دوائر النفوذ لصالح قيادة الأركان، بما فيها الوصاية الرسمية على جهاز الاستخبارات الذي كان يتبع لسلطة الرئيس، وأزاح من طريقه كل الوجوه والرموز التي كانت تغطي على دوره ونفوذه في الشأن العام، في خطوة أكدت خصومة قديمة بينه وبين ضباط جهاز الاستخبارات.

ويبدو أن ظروفا داخلية وخارجية حتمت على تبون مراجعة العديد من الأوراق لاسيما داخل العسكر والاستخبارات، بشكل يمكنه من تقويض وتفكيك تنامي الاحتجاجات التي استطاعت الصمود لأكثر من عام ولم تخمد جذوتها إلا تحت جائحة كورونا.

كما أن هذه الخطوة حتمها الوضع الأمني والاستراتيجي الذي تعيشه البلاد جراء الأوضاع الحساسة في الشريط الحدودي الجنوبي والشرقي، فتدخل الأيادي الإقليمية في مالي وليبيا فرض على الرجل الاستعانة بالترسانة البشرية المتمرسة لملء الفراغ المسجل خلال السنوات الأخيرة، لاسيما وأن الصراعات الهامشية فوتت على الجزائر متابعة دقيقة ومفصلة لما يجري في البلدين المذكورين.

ويبقى قائدا جهاز الاستخبارات توفيق وعثمان طرطاق في سجن البليدة العسكري، إلى جانب مستشار وشقيق الرئيس السابق سعيد بوتفليقة، متابعين بتهمة التآمر على أمن ومؤسسة الجيش، لكن التوازنات الجديدة لا تستبعد مراجعة الأمر بالنسبة للأول والثاني، قياسا بخبرتهما في صناعة الجهاز الذي كان يعد من أبرز الأجهزة الاستخباراتية في المنطقة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: