وباء كورونا يفاقم عدد الفقراء والعاطلين في أوروبا
تغيرت حياتهم جراء الوباء وسواء كانوا موظفين أو يعملون بدوام جزئي، ميسورين أو فقراء، في السياحة والمطاعم أو في قطاع الطيران، يعيش من فقدوا وظائفهم حالة من اليأس ويشعرون أحيانا بالخجل وحتى بالانحطاط.
جراء الأزمة الناجمة عن وباء كورونا، يتوقع صندوق النقد الدولي ركودا بنسبة 4.9 في المئة هذا العام، ووفق كبيرة الاقتصاديين لدى الصندوق غيتا غوبيناث، ستكون “الأسر ذات الدخل المنخفض والعاملون غير المهرة هم الأكثر تضررا”. لقد تحول الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم إلى عاطلين عن العمل أو سيصيرون كذلك في عام 2020.
تعمل الفرنسية ماري سيديل التي تبلغ من العمر 54 عاما لدى مصنع أندريه للأحذية في باريس وتخشى فقدان وظيفتها منذ أن قدمت الشركة طلبا لإعلان الإفلاس في 21 مارس، قبل وضعها تحت الحراسة القضائية. وعرض الاستحواذ الوحيد المطروح سيحتفظ فقط بنصف العاملين وعددهم 450 موظفا.
تقول سيديل “لقد قضيت حياتي المهنية بالكامل لدى أندريه، وها أنا أعيش اليوم على الحد الأدنى للأجر وربما أصرف من العمل.. لو كان عمري 20 عاما لما قلقت كثيرا، لكن الأمر معقد اليوم”.
أصيبت ماري بالفزع فعلا قبل عامين عندما استحوذ موقع سبارتو على أندريه. أغلق المتجر الذي كانت تعمل فيه ونقلت. لكنها لم تحاول تغيير وظيفتها.
وتقول سيدل “عندما تقضين 30 عاما في شركة بينما تحصل على راتب بالحد الأدنى للأجر، ستحبين ذلك! لدي زبائن خدمتهم عندما كانوا صغارا ويأتون اليوم لشراء أحذية لأطفالهم!”.
وتضيف “توفيت ابنتي البالغة من العمر 29 عاما بسبب سرطان الدماغ العام الماضي، كان الأمر صعبا… ولحسن الحظ كانت لدي وظيفتي، العلاقات مع الزبائن تساعد”.
تكسب سيديل 1250 يورو وزوجها عاطل عن العمل، ولديهما ابنة أخرى تبلغ من العمر 24 عاما. ورغم عدم تسديدها أي قرض عليها دفع إيجار شقتها الذي يبلغ 1040 يورو.
وتقول “نحتاج إلى راتب شخصين لنعيش. زوجي عاطل عن العمل لكنه أصغر مني ويفترض أن يجد عملا. أما أنا، إذا فقدت عملي فسأقبل بأي شيء حتى لو تطلب الأمر الخدمة في المنازل. سأعثر على شيء ما”.
“أعيش في حالة عدم استقرار”، بهذه الكلمات يصف كزافييه شيرغي حالته. كان هذا الفرنسي البالغ من العمر 44 عاما يعمل في مطعم في منطقة باريس ويجني ما بين 1800 و2600 يورو شهريا ويصل دخله أحيانا إلى 4 آلاف.
ويقول “مع وصول كوفيد – 19، انهار كل شيء. في 13 مارس قالوا لي: كزافييه، ليس لدينا عمل لك. انتهى الأمر”.
ويضيف “لم أدفع إيجار شقتي منذ مارس (…) أواصل دفع 250 يورو شهريا لتسديد قرض سيارتي ولكني لم أدفع فاتورة الكهرباء منذ ثلاثة أشهر. كل ما أجنيه أصرفه على الطعام ولقد ألغينا مشروع الذهاب في إجازة (…) لقد فقدنا كل شيء”.
يعيش كزافييه مع زوجته التي لا تعمل وطفليه بفضل 875 يورو من المساعدة الحكومية التي تمثل الحدّ الأدنى من الدخل لمن فقدوا مصدر رزقهم.
ويقول “زوجتي في حالة اكتئاب، إنها تبكي كل يوم”. أما هو فيقول إنه يحاول أن يصبر متوقعا أن تتحسن الأمور في سبتمبر، وأن يتقاضى أول راتب في بداية أكتوبر. ويقول “علينا أن نتجاوز كورونا”.
وفي مدريد، ليس لدى سونيا هيريرا الكثير من الخيارات لملء الثلاجة وإطعام ابنها وابنتها وحفيدها، فهي تعتمد على بنك الطعام. وتقول “أشعر بنوع من الخجل لطلب المساعدة”، فهناك نظرات الآخرين والشعور بالذنب لأن “أشخاصا آخرين قد يكونون بحاجة لذلك أكثر منا”.
تعمل المرأة البالغة من العمر 52 عاما وهي من هندوراس في خدمة المنازل في السوق السوداء وكانت تكسب 480 يورو شهريا. وقد استغنى أصحاب عملها عنها في اليوم التالي للحجر الصحي. ونظرا لأنها غير مسجلة، لا يحق لها المطالبة بتعويض بطالة.
وفقدت ابنتها أليخاندرا البالغة من العمر 32 عاما، عملها كطاهية في روضة أطفال مقابل 1000 يورو شهريا، مع إغلاق المؤسسات التعليمية أثناء الحجر. ولكنها تتلقى تعويض بطالة بنحو 600 يورو وتتحمل أعباء الأسرة بأكملها.
ومع مدخرات العائلة الضئيلة بالكاد يسددون الفواتير والإيجار. لم يعد بوسعهم الحصول على أشياء بسيطة يومية “ندرك أهميتها عندما نفقدها”. وتقول “في السابق، كان بإمكاننا الخروج من وقت لآخر، لتناول الطعام أو المثلجات…”. وتقول هيريرا “تخيفني نهاية الشهر أكثر من الفايروس. نحن بحاجة لأن نأكل”.
وفي العاصمة الأوكرانية كييف، كانت اختصاصية المعلوماتية الأوكرانية ناتاليا موراتشكو البالغة من العمر 39 عاما تترقب ترقية. فعلى مدى السنوات الأربع الماضية، عملت مهندسة لمراقبة الجودة لدى مجموعة السفر الأميركية فريبورتال.
وعندما تفشى الوباء، فُصل خمسة عشر موظفا في 31 مارس. وطمأنها رؤساؤها بأنها باقية في عملها لكنها تلقت في اليوم التالي إشعارا بالفصل خلال أسبوعين.
تقول “ظننت في البداية أنها كذبة أول أبريل. لقد كانت صدمة كبيرة”.
تنتمي موراتشكو إلى مجتمع المعلوماتيين الذين يكسبون في أوكرانيا عادة عدة آلاف من اليورو شهريا في حين أن متوسط الراتب يكاد لا يتجاوز 300 يورو.
حتى ذلك الحين، كان راتبها يوفر لها حياة مريحة. وبين عشية وضحاها، تغير وضعها وهي تعيش من مدخراتها وبعض الأعمال الصغيرة وقد جنت في الشهر الماضي 600 يورو. وهي تعيل ابنيها اليافعين وأمها البالغة من العمر 73 عاما.
ونظرا لصعوبة العثور على عمل، قلصت مصاريفها إلى الحد الأدنى. وتقول إن ما لم تستغن عنه هي معالجتها النفسية فهي تعاني من اضطرابات النوم والقلق.