المعارضة المغربية تكشف خطة إصلاحية للقطع مع العزوف الانتخابي

شدد رؤساء أحزاب المعارضة المغربية في ندوة مشتركة الأربعاء لتقديم مذكرة تتعلق بـ”الإصلاحات السياسية والانتخابية”، على ضرورة معالجة الأزمة السياسية وأزمة الثقة التي باتت لدى المواطن من الفاعل السياسي وفي المؤسسات.

ويستهدف هذا اللقاء بين الأحزاب المغربية صياغة تعاقد سياسي جديد بمكونات وهياكل سياسية ومؤسساتية قوية، وقواعد ديمقراطية صلبة.

وقال نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال إن ’’المذكرة التي قدمتها أحزاب المعارضة البرلمانية المكونة من الاستقلال، التقدم والاشتراكية، والأصالة والمعاصرة، تهدف إلى استعادة الثقة في الطبقة السياسية وتحقيق مصالحة بين المواطن والأطراف السياسية والانتخابات’’.

ورفضت أحزاب المعارضة البرلمانية التصويت الإجباري، بل دعت إلى تحفيز المواطنين على المشاركة في الانتخابات.

وعلق نبيل بنعبدالله، رئيس حزب التقدم والاشتراكية، قائلا “لا نؤمن بالتصويت الإجباري، بل هو اختيار كارثي مجنون وسيعطي نتائج عكسية، وما اقترحناه هو تقديم تحفيزات للمواطنين للمشاركة في الانتخابات”.

وفي هذا الإطار تضمنت مذكرة أحزاب المعارضة مقترحات تهدف إلى محاربة العزوف الانتخابي وضمان المشاركة السياسية للشباب في الاستحقاقات المقبلة، وذلك بالتنصيص على امتيازات للمصوتين اعتبرها البعض بمثابة فرض التصويت الإجباري بطريقة غير مباشرة لتفادي سيناريو عزوف انتخابي قد يكون كارثيا.

وفي هذا الصدد اقترحت الأحزاب المعارضة القيد التلقائي للبالغين 18 سنة في اللوائح الانتخابية من طرف السلطة، مع القيام بحملة لتمكين الشباب من البطاقة الوطنية.

نزار بركة: الإصلاح السياسي يمر عبر تجديد النخب السياسية في المغرب

كما طالبت الأحزاب الثلاثة المعارضة، بإعفاء المصوتين من الشباب من أداءات استخراج الوثائق للحصول على بطاقة التعريف الإلكترونية، وبإعفاء جزئي من واجبات استخراج وثائق جواز السفر البيومتري.

واقترحت تلك الأحزاب اعتبار التصويت شرطا ترجيحيا عند تساوي المرشحين في الولوج إلى الوظيفة العمومية أو التعيين في المناصب العليا، بالإضافة إلى اعتباره شرطا للاستفادة من الخدمات والبرامج الاجتماعية، كالسكن الاجتماعي، الإنعاش الوطني، الدعم والتكافل الاجتماعي.

وتصر أحزاب المعارضة في مذكرة حصلت “أخبارنا الجالية ” على نسخة منها، على العمل على رفع سقف المشاركة في الشأن السياسي ، والقيام بالإصلاحات السياسية والمؤسساتية، وتقوية الأدوار الدستورية للأحزاب السياسية باعتبارها شرطا وجوديا للديمقراطية.

وأكدت المعارضة أن هناك أزمة موسومة بضعف ثقة المواطنين في الأحزاب وفي المؤسسات المنتخبة وظاهرة العزوف عن المشاركة السياسية، مشيرة إلى أن هناك حالة من الإحباط في صفوف الشباب إلى درجة بروز بعض الدعوات إلى مقاطعة الانتخابات.

وفي هذا الصدد أكد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبدالله فاس، لـ”أخبارنا الجالية ”، أن المعارضة، والغالبية البرلمانية، تواجه ’’تحديات مرتبطة بتأزم علاقتها مع قواعدها وأجهزتها الداخلية، وأخرى بضعف قدرتها على الدخول إلى المعركة الانتخابية في ظل سياق داخلي مطبوع بسخط مجتمعي وبطلب شبابي واسع يتجاوز بكثير البرامج التي تطرحها الأحزاب’’.

ولهذا كشفت تلك التنظيمات السياسية، ما تراه كفيلا بتحقيق إصلاحات سياسية وانتخابية، مهمتها تحصين المكتسبات الديمقراطية والحقوقية والسياسية التي تحققت في عهد الملك محمد السادس، ومواصلة العمل على التثبيت النهائي للديمقراطية، وتقوية دولة القانون والمؤسسات.

وبالنسبة للإخلالات البنيوية العميقة التي تنخر الأحزاب في المغرب (معارضة وحاكمة)، تجعلها، حسب أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبدالله فاس، ’’غير جاهزة للدخول في الانتخابات سواء عقدت في السنة المقبلة أو تم تأجيلها’’.

وشدد أمين السعيد في تصريح لـ”أخبارنا ” على أن ’’الرهان هو التفكير في إصلاحات جوهرية تهم المنظومة الانتخابية وإقرار تدابير وإجراءات مغرية تستقطب كفاءات جديدة قادرة على ابتكار وإبداع خطاب يلامس الأسئلة المجتمعية الحارقة’’.

وبالنسبة للإصلاحات الانتخابية فهي تمر من خلال ثلاثة أهداف أساسية، أولها تحقيق نسبة مشاركة مرتفعة، لأنها هي التي تعطي المصداقية والشرعية للعمل السياسي والمؤسسات المنتخبة، وثانيا ضمان نزاهة الانتخابات، وثالثا ضرورة أن تكون هناك تمثيلية حقيقية للمواطنين والمواطنات.

ومن وجهة نظره أكد نزار بركة أن ’’الإصلاح السياسي يجب أن يمر عبر تجديد النخب السياسية في بلادنا والعمل على منطق أساسي’’، موضحا أنه ’’تبين من خلال تقييم الأوضاع أن هناك إشكالية في المصداقية، ناتجة أساسا عن غياب الربط بين الأقوال والأفعال، لذلك من الضروري العمل على تنفيذ الالتزامات وتفعيل مبدأ تقديم الحساب كما جاء به الدستور الذي ربط المسؤولية بالمحاسبة’’.

وبالنسبة لمسألة العتبة كمحدد ضروري للإصلاحات الانتخابية، أكد نبيل بنعبدالله أنه ’’يجب أن تتجاوز أو أن توضع في حد أدنى، لأن هناك تيارات سياسية من الضروري أن تمثل في البرلمان”، مشيرا إلى أنه تم التوافق في اتجاه اقتراح عتبة في حدود 3 في المئة، وأنه مع استمرار النقاش سيتم التوافق بين الأحزاب الثلاثة في هذه المسألة.

وعكس أحزاب المعارضة طالب حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي يقود الحكومة، برفع العتبة الانتخابية إلى 6 في المئة عوض 3 في المئة التي تم العمل بها في انتخابات سنة 2016، وهو ما يخدم أجندته الانتخابية حتى لا يتم التشويش على وجوده البرلماني بالأحزاب الصغيرة التي قد تضيق عليه الخناق سياسيا.

وفي رد غير مباشر على قيادة العدالة والتنمية أكد عبداللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أنهم ’’كأحزاب معارضة لا نستجدي أحدا ولا نطلب منحة من أحد، وأن الديمقراطية إن لم تقبل بالأحزاب الصغيرة، فإنها ليست ديمقراطية، لأنه لا ينبغي أن تبقى الأحزاب الكبيرة مهيمنة على الديمقراطية’’.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: