ميسي إلى أين.. سؤال الممكن والمستحيل!
سؤال ميسي إلى أين؟ ربما يبدو منطقيا ويتم تداوله على أوسع نطاق هذه الأيام. لكنّ هذا السؤال وإن بدا وجيها قياسا بالنتائج الحاصلة إلى حد الآن في الفريق الكتالوني، فإنه يفرض أيضا المزيد من التروي قبل الإقرار بمآلات جديدة تنتظر النجم الأوحد للبارسا.
هل حان وقت رحيل ميسي الجوهرة التي بُني عليها الصرح البرشلوني، هل يفكر “البرغوث” حقيقة في الرحيل عن كامب نو، هل يمكن طرح أسئلة من هذا القبيل بخصوص أعظم لاعب تربى وعاش وبزغ نجمه في القلعة الكتالونية؟
منطقيا قد يجد هذا الكلام مسوغا له قياسا بما هو حاصل الآن في النادي العريق من أزمات إدارية انعكست سلبا على نتائج الفريق وحضوره الميداني في موسم مخيب لآمال الآلاف من عشاقه عبر العالم.
الآن وبعد أن فقد برشلونة لقب الكأس والدوري محليا بعدما كان في السنوات الماضية البطل الذي لا يشق له غبار، تراجعت هيبته وبات يبحث عن توازن مفقود في التشكيلة ومردود هزيل لأغلب نجومه الذين شقّهم قطار الشك وباتوا يبكون حظهم العاثر جراء قيادة فنية مترنّحة وتواضع في المستوى وخلافات حادة بين المسؤولين.
في ظل هذا الجو المشحون حريّ بالصحف أن تكتب وحرّي بها أيضا أن تنبش في كواليس الفريق العملاق الذي هيمن نجمه على جائزة الكرة الذهبية واللقب الأغلى عالميا وقاد ثورة حقيقية في عالم كرة القدم في إسبانيا. لكنه بات مكسور الجناح طيلة الأيام الماضية، يعدّ سقطاته هذا الموسم أكثر من أي موسم آخر لم يعرف معه مرارة الهزيمة، حتى أن تعثره هذا العام أنساه خيبات كأس العالم وكوبا أميركا برفقة منتخب بلاده الأرجنتين على كثرتها. من الطبيعي أن يفكر ميسي في الرحيل، لكن إلى أين؟ وهل يقدر على فعل ذلك؟ هل هناك من يقدر على إقناع النجم الموهوب باحتضان جديد في صفوفه من بين الأندية الأوروبية الكبرى، وإذا اختار أيّا منها، فمن سيكون صاحب الحظ بارتداء قميصه؟ هي أسئلة تبقى معلقة في الذاكرة وخواطر يكتبها المتفائلون بتغيير البرغوث لجلده في لحظة فقد فيها كل شيء ومن الممكن أن يراوده حلم التغيير، لكنه تغيير يلوح غير منطقي قياسا بالمشروع الذي بنيت ركائزه الأساسية على هذا اللاعب الظاهرة.
أن يفكر ميسي في الرحيل، طبعا يبقى أمرا مشروعا، لكن هل هو التوقيت المناسب لتغيير المكان؟ لا يعتقد أغلب المولعين بكرة القدم العالمية أنه خيار صائب.
فبرشلونة مهما قيل يظل فريقا قويا بثوابته التي لا تتغير وإن تغيّرت الوجوه. فقط ربما هي مرحلة صعبة من الفراغ التي يمر بها أي ناد في العالم ولا بد من خوضها بكل تفاصيلها، وهذا كلام أشد المتفائلين بمستقبل العملاق الكتالوني في السنوات القادمة مع إدارة جديدة ورئيس جديد ربما يقلب المعادلة تماما.
معلوم أن مسيرة أي نجم في كرة قدم تبلغ نقطة الذروة وتبدأ في التراجع إلى أن ينتهي به القرار إلى تغيير المكان قبل التفكير في الاعتزال. لكن في وضعية ميسي الأمر مختلف. فاللاعب الموهوب ما زال قادرا على العطاء وتقديم الإضافة وحمل لواء الفريق شرط توفر جملة من العوامل التي يراها متابعون ضرورية لتصحيح المسار والعودة بالنادي إلى السكة الصحيحة.
العامل الأول يتعلق أساسا بالقيادة الفنية أو المدرب حيث يبدو أن إدارة الفريق تفطنت إلى خيارها الخاطئ وتدرس ملف تغيير وشيك للإسباني كيكي سيتيين بعد انتهاء دوري رابطة الأبطال ووضعت عدة أسماء سيقع النقاش حولها.
العامل الثاني الذي يراه البعض مهمّا يتعلق بإدارة الفريق الذي يستعد لانتخابات الموسم المقبل، وعلى المرشحين لخلافة جوزيب ماريا بارتوميو أن يفكروا جيدا في وضع استراتيجية إصلاحية طموحة تراعي جميع الجوانب ومنها أساسا الفصل بين ما هو إداري وما هو رياضي.
العامل الثالث والأهم هو القيام بتعاقدات وازنة والتسريع في حسم ملف نيمار الذي ربما تشكل عودته بداية نهوض الفريق من كبوته التي بدأ يفقدها منذ اتخذ النجم البرازيلي خياره الخاطئ، الذي عاد عليه بالوبال والأكيد أنه سيبقى نادما عليه إلى حين اعتزاله اللعب.
هكذا يمكن أن يوفر برشلونة أرضية ملائمة للمنافسة وهي خطوة لا تحتاج منه الكثير والأهم أنها قادرة على تثبيت نجمه الذي بدأ العد التنازلي للتباحث معه حول مسألة تجديد عقده. وسواها فإن الأمر سيبقى مفتوحا على كل السيناريوهات ومنها تواصل الفشل كالذي كُتب أحد فصوله هذا العام بخروج العملاق الكتالوني خالي الوفاض من جميع المسابقات، وحتى بطولة دوري الأبطال آخر أمله، فلا يعتقد أنه سيكون قادرا على مجابهة الكبار للفوز بها.
حتما نهاية الموسم الحالي سترسم مسارا جديدا لبرشلونة وتفتح الباب أمام قرارات ثورية في إدارة الفريق الكتالوني الذي لا يمكنه أن يفرط بسهولة في نجم مثل ميسي كتب تاريخ هذا النادي ووضعه في مرتبة عليا بين كبار أوروبا.