الجزائر تحت وطأة تفشّ متسارع لوباء كورونا

مددت الجزائر إجراءات الوقاية من تفشي وباء كورونا، بعشرة أيام إضافية، وسط أجواء من القلق من التفشي اللافت للعدوى خلال الأسابيع الأخيرة، حيث سجلت البلاد أرقاما قياسية جديدة في عدد الإصابات التي تقف على عتبة الـ600 حالة يوميا.

وتتصاعد الاستفهامات حول الأسباب الحقيقية وراء العودة القوية للوباء في المدة الأخيرة، رغم أن البلاد دخلت قبل ذلك مرحلة العد التنازلي، وكانت على وشك إعلان العودة شبه الكلية للحياة العادية، حيث يجري تبادل التهم بين الشارع والسلط الرسمية في البلاد.

وفيما عبرت جهات حكومية عن التراخي وعدم الانضباط لدى المواطنين في العودة القوية لوباء كورونا، يتهم أشخاص عاديون السلط الصحية بالفشل في السياسة الاتصالية والعجز عن توفير الإمكانيات اللوجيستية والبشرية للتكفل بالأعداد المتزايدة للمصابين.

والأربعاء، نظم أفراد السلك الطبي وشبه الطبي بالمستشفى الحكومي لبلدة بريكة، في محافظة باتنة (شرقي العاصمة)، وقفة دعوا فيها الجهات إلى التدخل السريع من أجل إنقاذ الوضع، لاسيما بعد إصابة نصف العاملين من أطباء وممرضين، وهو ما خلق نقصا كبيرا في الكوادر المتخصصة للتكفل بالمرضى.

ووجه أحد المتحدثين في الوقفة، نداء مزدوجا للسلط الصحية وللمواطنين من أجل “التحلي بروح المسؤولية، ومساعدة الأطباء على أداء مهامهم في ظروف ملائمة، من خلال تعبئة إمكانيات لوجيستية وبشرية إضافية، فضلا عن التحلي بالوعي اللازم لوقف العدوى”.

وأعلن التلفزيون الحكومي بأن “رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد، وبعد استشارة اللجنة العلمية لرصد ومتابعة فايروس كورونا وموافقة رئيس الجمهورية، قرر تمديد العمل بالتدابير التي تم اتخاذها في التاسع من  شهر يوليو الجاري لعشرة أيام أخرى”.

عودة قوية للوباء في المدة الأخيرة

ورغم الاستقرار النسبي في عدد الوفيات الذي لم يتجاوز سقف الـ10 حالات يوميا، فإن قلقا رسميا بدا لدى الحكومة، فبالتوازي مع موجة الانتقادات الداخلية حول ما بات يوصف بـ”الفشل في التعاطي مع الجائحة، تسجل البلاد خسائر اقتصادية معتبرة تدفع حتى المؤسسات الحكومية الكبرى نحو الإفلاس”.

ولم يسلم من حملة الانتقادات، الرئيس عبدالمجيد تبون، بعدما ذكر في تصريح لتلفزيون “فرانس 24”، بأن “بلاده تملك أقوى منظومة صحية في أفريقيا والمنطقة”، حيث واجهه ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي وعاملون في القطاع بـ”وقائع تنطوي على اختلالات كبيرة في القطاع الصحي”.

وتعتبر الجزائر أكبر بلد متضرر من جائحة كورونا في منطقة شمال أفريقيا، حيث سجلت إصابة ووفاة أكثر من 1700 طبيب وممرض، فضلا عن وفاة 1040 شخصا، وأكثر من 20 ألف إصابة، مقابل تعافي أكثر من 14 ألف مصاب، وهي إحصائيات كفيلة بدق أجراس الإنذار.

وتتوزع حالات الإصابة المؤكدة بفايروس كوفيد – 19 في الجزائر عبر محافظات الوطن الـ48، تتصدرها البليدة بـ2024 حالات، ثم العاصمة بـ2012 حالات، وسطيف بـ1913 حالة.

وينتظر أن تعقد الحكومة السبت لقاء مع ممثلي النقابات وأرباب العمل، في إطار ما يعرف بـ”الثلاثية”، التي تخصص لدراسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وذلك من أجل بحث صيغ توافقية حول معالجة التركة الثقيلة التي تخلفها جائحة كورونا على الوضع الداخلي، خاصة بعد الشلل والإفلاس وتسريح العمال الذي سجل أرقاما مفزعة في الآونة الأخيرة.

وكان مدير معهد باستور فوزي درار، قد طرح فرضية تكيف جديد في الفايروس بشكل يسمح له بانتشار سريع، مما أدى إلى تصاعد حالات الإصابة في البلاد، إلا أن ارتفاع إمكانيات إجراء التحاليل اليومية إلى نحو ثلاثة آلاف تحليل بعدما لم يكن يتعدى الـ100 تحليل في اليوم، وإنشاء فروع جديدة للمخبر في عدد من المحافظات، سمح بالوصول إلى العدد الحقيقي للإصابات وهو مبرر ارتفاع الحالات المسجلة يوميا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: