إجراءات مغربية لمواجهة المخاطر المهددة لاستقرار سوق العمل

أطلقت الحكومة المغربية مبادرة لحماية سوق العمل والوظائف في القطاع العام بهدف الحفاظ على الأمان الاجتماعي والحد من تداعيات كورونا على الأفراد بغية تعزيز الآفاق أمام الشباب وتحقيق الإنتاجية على أسس مستدامة ما يخدم مناخ الأعمال والاستثمار.

منح المغرب فرصا جديدة للشباب بإعلان الحكومة عن إجراءات لدعم استقرار الوظائف في القطاع العام لتعويض خسائر الوباء، التي تسببت في إرباك سوق العمل.

ويقول محللون إن الخطوة تعكس حرص الحكومة على تغليب الطابع الاجتماعي للقرارات ومواكبة حاجيات الطبقة العاملة.

وضمّنت الحكومة الميزانية المقبلة بندا لتوظيف عدد من الشباب العاطلين عن العمل قد تساعد في امتصاص البطالة التي بلغت 10.5 في المئة في الربع الأول من 2020 مقارنة بنحو 9.1 في المئة قبل عام.

وتأتي هذه المبادرة بعد سلسلة من الاضطرابات عرفها سوق العمل طيلة فترة الإغلاق ما أدى إلى شطب الآلاف من الوظائف الأمر الذي دفع الحكومة إلى دعم القطاع بإجراءات جديدة.

وكشف وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون أن الحكومة ستوفر ضعف فرص العمل المفتوحة سنويا من طرف الدولة خلال سنة 2021، ما سيمكن من فتح آفاق أكبر لتشغيل الشباب.

وبموجب هذا القرار سيوفر قانون المالية الحالي توظيف نحو 44 ألف شخص في مختلف القطاعات، وذلك إلى غاية نهاية يوينو المقبل، كما تنضاف إليها فرص العمل التي سيتم إحداثها لصالح المؤسسات الحكومية، مثل المراكز الاستشفائية الجامعية وغيرها.

وأوضح رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، أن الرهان في المرحلة الحالية هو اتخاذ تدابير اجتماعية واقتصادية للحفاظ على فرص العمل، مشيرا إلى جهود الدولة المبذولة في دعم الاستثمار العمومي في مشروع قانون المالية المعدل.

محمد بنشعبون: مؤسسات الدولة ستوفر ضعف فرص العمل المتاحة سنويا

وستقوم الحكومة على تعبئة كل الإمكانيات المالية لدعم الاقتصاد والحفاظ على فرص العمل، فقد أكد بنشعبون أن مشروع قانون المالية المعدل للسنة المالية 2020، يشكل استمرارية للأولويات الاقتصادية والاجتماعية.

وسيتم تخصيص 1.5 مليار دولار التي تمت تعبئتها عبر الرفع من نفقات الاستثمار للميزانية العامة للدولة، لدعم الشركات والوظائف من خلال إطلاق مشاريع تستند إلى آليات مبتكرة للتمويل في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وستعيد الحكومة النظر في توقعات الموارد والنفقات على ضوء ما تفرضه مواجهة جائحة كورونا من تدابير، إذ أنه لم يتم تقليص نفقات الاستثمار بالقطاعات الاجتماعية، بل ستتم مواصلة الاستثمار في هذه القطاعات بنفس الوتيرة.

وفي ما يتعلق بنفقات الاستثمار للميزانية العامة، أكد وزير الاقتصاد أنه تم إعطاء الأولوية لتوطيد المشاريع الجاري تنفيذها خاصة تلك التي تشكل موضوع اتفاقيات موقعة أمام الملك محمد السادس والمشاريع المستفيدة من تمويلات خارجية.

وستتيح اعتمادات الاستثمار للميزانية العامة للدولة إطلاق برامج ذات أولوية لمواجهة الظرفية المتسمة بالجفاف، خصوصا من خلال إنجاز تدابير استعجالية ذات أولوية، حيث تمت برمجة 82 مليون دولار،  بميزانية الاستثمار لفائدة قطاع الماء.

وقال وزير المالية إنه “سيتم إيلاء أهمية خاصة لتفعيل الأفضلية بالنسبة للشركات والمواد والمنتجات المحلية في إطار الصفقات العامة”.

ورغم التراجع المتوقع للموارد بحوالي 4 مليارات دولار، فقد تم الرفع من استثمارات الميزانية العامة للدولة بحوالي 730 مليون دولار من خلال إعادة ترتيب الأولويات على مستوى النفقات.

وأشار بنشعبون إلى أن هذه الإجراءات تندرج في إطار التدبير الأمثل للنفقات من خلال ربطها بأهداف واضحة، من قبيل الحفاظ على فرص العمل وإحداث فرص شغل جديدة وتشجيع المنتوج المحلي.

وأكد الاتحاد العام لشركات المغرب صعوبة استمرار ضمان نفس عدد الوظائف بعد جائحة كورونا، كالقطاع السياحي الذي تضرر إلى حد كبير والأزمة فيه ستظل مستمرة لأشهر وأكثر.

ويقول مهنيون إنه لا يمكن لفندق يشغل المئات، على سبيل المثال، الاستمرار في صرف أجور عماله ومستحقاتهم الاجتماعية وتأدية الضرائب مع الاستثمار في شروط الوقاية والسلامة الصحية، أمام غياب الدعم.

وعلى هذا المستوى أكد العربي حبشي الخبير في المالية أن أهمية اعتماد لجنة اليقظة الاجتماعية التي تضم الحكومة والقطاع الخاص والنقابات لوضع تدابير تحفيزية مالية وضريبية ومصرفية لإنقاذ الشركات المتضررة والعمال للحفاظ على الوظائف وفق مقاربة تستحضر الاستقرار الاجتماعي.

ولدعم توفير الوظائف ومحاصرة البطالة شددت أحزاب الأغلبية بمجلس النواب، على إعفاء الشركات المشتغلة في القطاع السياحي والمهن المرتبطة به من التكاليف الاجتماعية للعاملين فيه والمساهمين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لغاية ديسمبر 2021،  وتتحمل الدولة حصة الأجراء والمشغلين في هذا الصندوق.

وكان بنشعبون قد دعا الشركاء الاجتماعيين والقطاع الخاص لفتح حوار حول الرهانات المرتبطة بتجاوز أزمة الوباء وضرورة بذل مجهود من كل الأطراف لتجاوز هذه المرحلة الاستثنائية وربح رهان الحفاظ على الوظائف”.

وأوضحت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرة بحثية حديثة أن الأسر المغربية تتوقع ارتفاعا حادا في مستوى البطالة، حيث توقعت 82.7  في المئة من الأسر مقابل 7.5 في المئة ارتفاعا في مستوى البطالة خلال 12 شهرا المقبلة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: