تقرير حقوقي يشيد بأداء المغرب في مواجهة كورونا

نوّه مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، ومركزه جنيف، بالتجربة المغربية في مواجهة جائحة كورونا منذ إعلان حالة الطوارئ، داعيا إلى إحداث المجلس الأعلى للأمن والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي.

وسجل التقرير الذي صدر الاثنين أهم المحطات والإجراءات التي قام بها المغرب في مواجهة الجائحة، مستحضرا كخلفية المكتسبات التي حققها في مجال حقوق الإنسان خلال العقدين الأخيرين، مع الوقوف على الإرادة السياسية المصاحبة لذلك، واستخلاص أهم الدروس من هذه التجربة، بما يساعد على معالجة الإخلالات والتحديات التي برزت في خضمها.

وحسب التقرير الذي حصلت “أخبارنا الجالية ” على نسخة منه، فقد “اعتمد المغرب مقاربة شاملة مكنت التجربة من تحقيق الأهداف الأساسية المتمثلة في حماية صحة وأمن المواطن.. صحيح أن هناك بعض الإخلالات.. إلا أنها لم تكن لتنال من التوجه العام الذي استطاع كسب انخراط عموم المواطنين، وتعبئة إمكانيات الدولة”.

وقدم التقرير قراءة للمسار الذي توخاه المغرب لتلمس مميزات العملية الديمقراطية في ظرف استثنائي كمؤشر للوقوف على درجة الاشتغال المؤسساتي وفق مقتضيات دستور 2011، إذ أبرزت التجربة المغربية في مواجهة كوفيد – 19 الأهمية البالغة للإرادة السياسية ودور الدولة في ضمان الأمن بمعناه الشامل وسيادة القانون.

وأضاف التقرير الذي جاء في 160 صفحة، أن هذا الاختيار “لم يكن محط اهتمام وتتبع خارجي فقط، بل استطاع بالدرجة الأولى أن يكسب ثقة المغاربة وانخراطهم في دينامية بوعي ومسؤولية وانضباط على العموم”.

وواجه المغرب التحديات الناتجة عن الجائحة، فبعد أن استوعبت السلطات مخاطر الوضع، أقامت حالة الطوارئ الصحية 8 تدابير من بينها إغلاق الحدود، واتخاذ تدابير لدعم الاقتصاد والتشغيل، إلى جانب فرض قيود على حرية التنقل والتجمع والتظاهر.

وواجهت السلطات أيضا تحديات كبرى، تتعلق بالتوفيق بين حماية الحقوق وضمان أمن المواطنين وذلك على مستويات احترام حماية المعطيات في سياق تزايد التهديدات الإجرامية الإلكترونية، والتواصل بخصوص الأزمة في مرحلة كثرة المصادر والطلب على المعلومة، ومتطلبات مواجهة الشائعات.

وحسب التقرير، فقد خاض المغرب هذه المعركة برؤية عملت على توفير تكامل مكوناتها وتداخل القطاعات المتدخلة لحماية صحة الأفراد والمجتمع، عبر بلورة الإجراءات القانونية والإدارية المطلوبة لتنزيل الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية وذلك منذ المراحل الأولى لاتخاذ القرارات.

وأما البعد الصحي والذي هو في صلب هذه المعركة وأداتها المركزية لمواجهة الجائحة، فقد أبرز قدرة على التعبئة والتدخل الفعال رغم ضعف إمكانياته، ذلك أن ميزانية القطاع تبقى ضعيفة جدا ضمن الميزانية العامة للدولة رغم التطور الذي عرفته خلال السنوات القليلة الماضية.

الحكومة المغربية اختارت اعتماد الشفافية تجاه المواطنين في متابعة تطور الحالة الوبائية

وقد كانت مواجهة هذه الجائحة مناسبة لتغيير الصورة النمطية الرائجة على القطاع والعاملين داخله ليبرز الوجه المهني والتضحية والكفاءة والقدرة على العطاء كرافعة لدوره ومكانته. إذ استطاع تدبير هذا البعد الأساسي من تمكين القطاع من أداء دوره- رغم محدودية الإمكانيات- في شروط يمكن اعتبارها متحكم فيها ولائقة بتقديم خدماته بشكل جيد إلى حد كبير.

ويرى خبراء حقوقيون، أن هذه المحطة أظهرت المكانة الهامة للقطاع العمومي في سياسة الدولة، في إرساء القواعد الضرورية والمكملة لضمان الأمن والاستقرار. وجنّد المغرب ما لديه من إمكانيات للتخفيف من حدة الأزمة في تداعياتها، الأمر الذي شكل نقطة قوة للتدبير في مواجهة كوفيد – 19، حيث ركز الخيار المغربي، على تأمين أساسيات العيش بعيدا عن الخوف والهلع الذي صاحب الجائحة.

ويقول التقرير “تم التركيز على تعاضد الجهود من خلال دعوة الملك محمد السادس القطاع الصحي العسكري للانخراط إلى جانب القطاع الصحي المدني لمواجهة التداعيات واستمرار الإنتاج الاقتصادي، هذا دون إغفال التضامن لمواكبة البلدان الأفريقية في تدبيرها لجائحة فايروس كورونا”.

وأضاف “يمكن القول إن وسائل الإعلام المغربية عملت على استيعاب حالة الهلع لدى عامة الناس في هذا الموضوع والتخفيض منها من خلال نشر الأخبار الحقيقية بعيداً عن كل ما هو زائف من أخبار تتوخى السبق الإعلامي، على حساب الحقيقة والموضوعية”.

وعلى الصعيد الحكومي، لاحظ التقرير أن الحكومة اختارت اعتماد الشفافية تجاه المواطنين في متابعة تطور الحالة الوبائية، حيث حرصت الحكومة وباقي المؤسسات على التواصل المستمر حول الوضعية الوطنية من خلال بلاغات صحفية منتظمة، ويبدو جليا أن استجابة السلطات كانت فعالة في مواجهة الوضع الاستثنائي، فعلى الرغم من أن المغرب لم يكن يتوفر على أي نظام صحي للتعامل مع موجة بهذا الحجم، فإنه تمكن من تعبئة الموارد وتحفيز الجهود الوطنية في جميع الجهات، بفضل الانخراط الشامل للدولة، بيد أن هذا لا ينفي ضرورة تقييم هذه التجربة.

وأوضح التقرير أن الدعوة إلى إحداث المجلس الأعلى للأمن كهيئة دستورية، يأتي بعدما تأكدت مكانة وأهمية قضايا الأمن بمعناه العام خلال تدبير جائحة كورونا، وأيضا كإطار للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي، وتدبير حالات الأزمات، ومأسسة ضوابط الحكامة الأمنية، كما نص على ذلك الفصل 54 من الدستور.

كما أن إحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي (الفصل 33 من الدستور) يدخل في إطار التفاعل مع الأدوار المتنامية والمتعددة له، ولما بينته عدة مكونات من داخله من خلال الدعوة لانخراط قوي وهام في إنجاح ورشات كبرى، وضمنها محطة مواجهة الجائحة. وحسب التقرير، يجب أن يلعب المستشفى العمومي دوره الطبي وأن يكون فضاء للابتكار العلمي، كما يجب تخصيص جزء كبير للبحث العلمي. وهذا يتطلب تفكيرا على نطاق واسع وإصلاح شامل لنظام التعليم في مجالي الطب والصيدلة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: