الجالية المغربية كغثاء السيل وأهون من خيط العنكبوت
إبنة البحر والوادي: الحراق فاطمة الزهراء
عندما نتحدث عن الجالية المغربية، فإننا نتحدث عن أزيد من خمسة ملايين مهاجر مغربي تقريباً، يقيمون خارج أرض الوطن في جميع أنحاء العالم، وتعد هذه النسبة ثروة قيِّمة لأنها تساهم بشكل كبير في اقتصاد البلد، حيث تراوحت تحويلات الأموال من العملة الصعبة في السنة الماضية، على سبيل المثال، إلى ما يقارب 65 مليار درهم.
إن أهم ما يربط المهاجرين المغاربة ببلدهم هو رابط الدم وذلك الحب الذي يحمله أبناء الوطن معهم أينما حلُّوا، حيث يجعل القلب ينبض في مكان والعقل منشغل في مكان آخر، مما يجعل هذه الجالية تساهم دائماً وباستمرار عبر التحويلات الأسرية التي يرسلونها بشكل منتظم إلى أسرهم بالإضافة إلى السخاء الذي يتميزون به وخير مثال هو كيفية تضامنهم مع إخوانهم في الوطن وخصوصاً ما لمسناه مؤخراً في ظل هذه الجائحة.
كما نجد أن هذا المهاجر دائماً ما يحلم بالعودة وبالاستثمار في بلده، لكن هذه التحويلات التي تساهم بها هذه الجالية وكذلك هذه التضحيات لا يُحسب لها أي حساب من طرف الحكومة الموقرة ولم تشفع لها، حيث نرى أن هاته الأخيرة لاتعير أي اعتبار لهذه الجالية كونها على يقين أن هذه التحويلات بحكم الروابط العائلية وكذلك الاستثمار لن تلغى وإن مسحوا بأفرادها البلاط.
كما أن هذه الحكومة لا تسعى إلى التقرب من الجالية والعمل على حل مشاكلها وكذلك تبديد الفجوة العميقة التي كرستها بين أفرادها من أجل المحافظة على روابط التواصل.
فالتعامل بالتجاهل بخصوص ملفها المطلبي يجعل الجالية في سخط دائم، وما زاد الطين بلة هو الأخبار غير المؤكدة عن فتح الحدود، فتارة نقرأ عن فتح الحدود بشروط تعجيزية ودون ضمانات بخصوص العودة إلى أرض الإقامة وتارة عدم السماح بفتح الحدود وتسهيل عملية دخول الجالية فقط باستثناءات، كما هو الأمر بين دول الاتحاد الأوروبي تحت تدابير وقائية والتي ليست من المستحيلات.
في اعتقادي، أن الجالية المُهجرة وأنا واحدة منها، مشلولة، غير منظمة و ضعيفة جداً جداً ولا تعني للحكومة أي شيء بسبب الشتات الذي تعيشه من جهة، وبسبب عزوف الكفاءات و الكوادر والأدمغة المهاجرة وجهل البعض بالأمور من جهة أخرى، وهَمُّ الاغلبية هو البحث عن لقمة العيش فقط، فلو كنا فعلا أصحاب مواقف متحدين، لحُسب لنا ألف حساب، وهذا ما جعلني أصف الجالية المغربية كغثاء السيل وأهون من خيط العنكبوت، فرغم عدد أفرادها الكبير المشتت في أنحاء العالم، إلا أن وزنها وقيمتها ضعيفة جدا “لا بتهش ولا بتنش”، وكل نضالات أفرادها على صفحاتها الفيسبوكية فقط.
لهذا، وبكل تواضع، وجب علينا نحن أبناء المهجر أن نأخد العبرة من تضامن المحاميين مع بعضهم ومن تضامن أساتذة التعاقد أيضاً، فلابد من مراجعة ذاتية نقدية ولابد من الوعي السياسي والإلمام بمجريات الأحداث السياسية في المغرب، لا أقول الإنخراط في العمل السياسي بالضرورة، ولكن الإلمام بالمجريات السياسية مهم جداً، كما أن التفكير في حل عملي، يجعل هذه الحكومة تقف لنا وقفة إجلال واحترام، وإن كنا في نظرهم كالبقرة الحلوب، فإننا سفراء هذا الوطن ونمثله أحسن تمثيل حتى وإن انتقدنا هاته السياسة الفاشلة، والوزارة الميتة وذك المجلس الفاقد الأهلية والشرعية فهذا إن دل إنما يدل على حبنا وغيرتنا على بلدنا كما يدل أيضاً على أننا نتحدث بصوت مرتفع عسى أن تصل أصواتنا بدون نفاق بالإضافة إلى أننا لا نخشي أحداً غير الله، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.
إن ما تجهله هاته الحكومة، أو ربما تدركه وتتجاهله، هو أن تعاملها بهذا الشكل مع الجالية، سوف يزيد في توسيع الفجوة والهوة بين الوطن والمواطن، وهذا ما سوف يترتب عنه عزوف كثيرين من أفراد الجالية كلياً عن التفكير في العودة إلى الوطن، فعندما ينقرض الجيل الأول والثاني، فسينتهي ما يسمى بالجالية المقيمة بالخارج.
ويبقى السؤال المطروح للحكومة الموقرة هو “عند خروجكم بقرارات مجحفة في حق المواطن ككل، هل فعلاً تضعون أمام أعينكم مصلحة الوطن؟، أم أن هذه السياسة في التعامل مقصودة لشحن النفوس لكي يثور الناس بسببكم؟
أليس فيكم رجل حكيم؟
إبنة البحر والوادي: الحراق فاطمة الزهراء.