أكبر أحزاب المعارضة المغربية يتخطى الخطوط الحمراء في علاقته بالعدالة والتنمية

عدم حضور فاطمة الزهراء المنصوري رئيسة المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة، قد يكون تعبيرا عن موقف يحذر من خطوة السقوط في فخ التحالف مع العدالة والتنمية.

يسعى حزب العدالة والتنمية المغربي إلى استقطاب داعمين سياسيين جدد، في المقابل تحاول قيادة حزب الأصالة والمعاصرة (أكبر حزب معارض) تعزيز حضورها في المشهد السياسي في البلاد من أجل لعب دور أكبر حتى وإن كان هذا الأمر يعني القفز على الخطوط الحمر التي تفرق النهج السياسي لهذا الحزب الحامل للمشروع الديمقراطي الحداثي على حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية وهو ما كان السبب الأساسي للانتقادات التي طالت رئيس حزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي بعد لقائه برئيس حزب العدالة والتنمية سعدالدين العثماني والتصريحات التي تلته.

وأكد مراقبون أن زيارة عبداللطيف وهبي لمقر العدالة والتنمية جاء لكسر الجفاء بين الحزبين وتخفيف الخلاف السياسي والأيديولوجي الذي يجمعهما، والذي بلغ في فترات كثيرة القطيعة وتبادل الاتهامات.

لكن قياديين من حزب الأصالة والمعاصرة أكدوا لـ”.أخبارنا الجالية ”، أن الورقة السياسية للحزب حسمت في الخطوط الحمراء التي بموجبها لا يمكن الدخول في تحالفات سياسية مع الإسلاميين والتي ستكون ضد مشروع الأصالة والمعاصرة وهويته السياسية والأيديولوجية.

وكان العثماني، الذي يشغل أيضا منصب رئيس الحكومة المغربية، قد دعا إلى الانفتاح على الحوار مع حزب الأصالة والمعاصرة لمعرفة أسباب التوترات التي ميزت العلاقة بين الحزبين خلال فترات سابقة والتداول في الصيغ الممكنة للعمل سويا على معالجتها حاضرا ومستقبلا.

كما أكد العثماني، عقب لقائه بوهبي الأحد، أن مستقبل المشهد الحزبي بالمغرب يجب أن يكون متنوعا، فيه أحزاب سياسية مستقلة ذات قرار سياسي مستقل وتخدم مصالح المواطنين.

لا يمكن لحزب الأصالة والمعاصرة التحالف مع الإسلاميين لأنه ضد مشروعه وهويته السياسية

أما وهبي فقد أشار إلى المساعي التي يبذلها في إطار محاولات التقارب مع حزب العدالة والتنمية والتي تخالف عقيدة حزبه وهويته السياسية، حيث شدد على أنه ومنذ المؤتمر الوطني الرابع للحزب -الذي أوصله إلى الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة- لم تعد العلاقة بين الحزبين تتحكم فيها ما أسماها بـ”الخطوط الحمراء”.

وأوضح رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية لـ”أخبارنا الجالية ”، أن سلوك وهبي ومواقفه المتناقضة غير المرتكزة على أرضية ديمقراطية صلبة وحقيقية يحركها خوفه من خسارة حزب الأصالة والمعاصرة لقاعدته الانتخابية لصالح أحزاب منافسة.
واعتبر أن الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة يريد إعادة تدوير نفسه بإظهار وجه ديمقراطي قبل موعد الانتخابات القادمة وهو ما يقوده تخوف من أن يعود حزبه إلى مجرد حزب كارتوني داخل المشهد السياسي المغربي.

وأكد العثماني على استعداد وانفتاح حزب العدالة والتنمية للحوار مع مختلف المكونات السياسية في البلاد، في محاولة لتوجيه زمام المناقشات بما يخدم مصلحة حزبه من خلال اعتماد أسلوبه القديم القائم على تمطيط المصطلحات والتلاعب بها حيث أشار إلى أن النقاش السياسي يجب أن يكون داخل أجهزة ومؤسسات الحزبين معا على اعتبار أنها الجهات الوحيدة التي تملك صلاحية تحديد طبيعة العلاقة السياسية بين الحزبين وإمكانيات خلق تحالفات سياسية مستقبلا.

وسعى وهبي لإعطاء شرعية للقاء الذي جمعه بالعثماني حيث حضر إلى جانبه كل من فاطمة الحساني رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ورشيد العبدي رئيس كتلة حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب.

لكن مراقبين لفتوا إلى أن عدم حضور فاطمة الزهراء المنصوري رئيسة المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة، والداعمة الأساسية لوهبي في المؤتمر الأخير للحزب، قد يكون تعبيرا عن موقف يحذر من خطوة السقوط في فخ التحالف مع العدالة والتنمية.

Thumbnail

ومنذ تولي وهبي منصب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في فبراير الماضي، بدأ يقوم بخطوات حثيثة لإحداث تقارب بين الحزبين خاصة بعد تنحية إلياس العماري الأمين العام السابق للحزب والذي كانت كل قيادات العدالة والتنمية تعتبره خصمها السياسي الأول.

وانتقد عبداللطيف اعميار، القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، خطوة وهبي مؤكدا أنها توحي وكأن حزبه يستجدي من العدالة والتنمية مشروعية تواجده في المشهد السياسي، مشيرا إلى أنه من الآن فصاعدا لن يصبح الأصالة والمعاصرة حزب الدولة كما كان يصفه خصمه العدالة والتنمية بفضل تأشيرة حسن السيرة التي سيمنحها إياه العثماني وقيادات الحزب.

واعتبر لزرق أن وهبي يحاول شرعنة وجود الحزب في الساحة السياسية بخلط الأوراق على الأرض، من خلال تقربه من العدالة والتنمية أولا تم زياراته لباقي الأحزاب.

فيما ينظر لزرق إلى اللقاء أيضا على أنه “مناورة سياسية من العثماني لكسب حليف أو على الأقل كف أذاه السياسي والإعلامي في المرحلة المقبلة وعدم التشويش على قراراته داخل الحكومة”.

وسبق لوهبي أن انتقد لعماري عندما أكد في أكثر من مناسبة أن حزب الأصالة والمعاصرة ولد لمحاربة الإسلاميين، وهو ما اعتبره وهبي عبثا وبلادة. وقال وهبي إنه حان الوقت لوضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار والتحالف مع حزب العدالة والتنمية لتشكيل تحالف قوي، مؤكدا أنه سيظل يدافع عن هذا النهج المنفتح على جميع التيارات السياسية لما فيه مصلحة البلاد.

وترى بعض قيادات الحزب المعارضة لوهبي أنه لم يستفد من أساليب رؤساء الحزب السابقين في تعاطيهم مع حزب العدالة والتنمية، محذرين من أنه سيتسبب في تفكك الحزب من الداخل إذا ما ذهب بعيدا في تحالفه مع الحزب الإسلامي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: