البرلمان الأوروبي يكشف تلاعب البوليساريو بحقوق المحتجزين في تندوف

تقارير إعلامية تتهم الجبهة الانفصالية بنهب المساعدات الأممية مستغلة الانشغال العالمي بمواجهة الوباء.

 أثار تلاعب السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو بالمساعدات الأممية والمتاجرة بها على حساب احتياجات سكان المخيمات، إضافة إلى رفض إحصاء رسمي للسكان قلقا أوروبيا، ما دفع البرلمان الأوروبي لتفعيل آلية هدفها التحقيق في نهب الجبهة للحقوق المالية لسكان تندوف.

أدان البرلمان الأوروبي ممارسات جبهة البوليساريو الانفصالية في مخيمات تندوف بعد أن كشفت تقارير إعلامية نهب البوليساريو المساعدات الإنسانية الموجهة للسكان المحتجزين في مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر.

وقام أعضاء بالبرلمان الأوروبي، مؤخرا، بتفعيل آلية رسمية تدعو إلى التحقيق في المساعدات الأوروبية التي تم اختلاسها من طرف جبهة البوليساريو والجزائر.

وكشفت تقارير إعلامية أوروبية، في الآونة الأخيرة، أن الجزائر والبوليساريو استغلتا انشغال العالم بمواجهة جائحة كورونا، للاستيلاء مجددا على المساعدات المخصصة لسكان مخيمات تندوف بهدف تحقيق ربح مادي كبير.

واتهم البرلمان الأوروبي الجزائر بفرض ضريبة نسبتها 5 في المئة على المساعدات الأممية، إضافة إلى رفضها طلبات لإحصاء عدد اللاجئين تقدمت بها مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في أعوام 1977 و2003 و2005 و2015.

وأشار يوسف غربي رئيس لجنة الخارجية والدفاع والأوقاف بمجلس النواب، في تصريح لـ” أخبارنا الجالية ، أن تقرير البرلمان الأوروبي عرى التلاعب بحقوق المحتجزين بتندوف في المساعدات الدولية وأظهر الحقيقة اللاإنسانية للانفصاليين ومن يدعمهم.

ولطالما حذر خبراء وحقوقيون من انتهاكات البوليساريو المتواصلة في حق سكان تندوف، حيث تعمل على السطو على المساعدات لبيعها في السوق السوداء وتحقيق مكاسب مالية على حساب حاجيات السكان.

وأشار خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، لـ”أخبارنا الجالية ”، إلى أن”زعماء بوليساريو استغلوا مأساة مجموعة من نساء وأطفال الصحراء وحولوهم إلى غنيمة حرب، ورصيد للاتجار اللامشروع، ووسيلة للصراع الدبلوماسي مع دولة المغرب منذ أكثر من خمسين سنة”.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس أشار في خطاب ألقاه بمدينة العيون جنوب المغرب، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء في العام 2015، إلى أن “سكان تندوف بالجزائر ما زالوا يقاسون الفقر والحرمان، ويعانون من الخرق المنهجي لحقوقهم الأساسية رغم المساعدات الإنسانية التي يتلقونها”.

ويذهب الموقف الذي اتخذه البرلمان الأوروبي في الاتجاه الذي عبرت عنه الدولة المغربية ومنظمات حقوقية وشخصيات بارزة، بأن بوليساريو فقدت شرعية تمثيلها للمحتجزين بمخيمات تندوف بعدما ثبت أنها تتاجر بكرامتهم وحقوقهم وإنسانيتهم.

رغم المساعدات الأممية المستمرة لم تتحسن أوضاع سكان تندوف الذين لا يتجاوز عددهم 40 ألفا على أقصى تقدير

واستحضر مشروع قرار البرلمان الأوروبي الجديد تقريرا سابقا للمكتب الأوروبي لمكافحة الغش نشره في 2015 الذي كشف عن وجود تحويل لوجهة المساعدات الإنسانية الممنوحة من الاتحاد الأوروبي لجبهة البوليساريو، واستعمالها في شراء الأسلحة، وبلغت قيمة تلك المساعدات آنذاك 105 ملايين يورو بين عامي 1994 و2004.

ويرى يوسف غربي أن المحتجزين بالمخيمات ضحايا لأجندات محددة حيث يوظفون كورقة في يد الجزائر وتستعملهم للمقايضة، مع إصرار السلطات الجزائرية على رفض إحصائهم ليبقى الرقم متلاعبا به ولتضخ المساعدات التي تحول لأغراض أخرى بعدما تباع مهربة في أسواق دول مجاورة.

وما يؤكد التلاعب بالأموال المتحصل عليها من الاتحاد الأوروبي هو عدم رغبة الجزائر الكشف عن أعداد السكان بالمخيمات، ما يثير شكوكا حول الأرقام الحقيقية، حسب ما ذهب إليه السموني. ودفع هذا الأمر الاتحاد الأوروبي إلى طلب العمل بشكل مشترك مع منظمة الأمم المتحدة للإشراف على إحصاء أعداد اللاجئين في مخيمات تندوف، بالتعاون مع السلطات المختصة في الجزائر.

ويقول مراقبون إن الجزائر تغطي على الرقم الحقيقي للمحتجزين بالمخيمات لأسباب تتعلق بالأمور العسكرية والأمنية، ناهيك عن نهب المساعدات المقدمة لهم فالنظام الجزائري يتخذهم دروعا بشرية في أي مواجهة محتملة مع المغرب إضافة إلى أنها ورقة مساومة للمجتمع الدولي الذي أصبح أكثر دراية بهذه المناورات المكشوفة.

وترصد الدول والمنظمات الدولية الداعمة للجبهة الانفصالية، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، مئات الملايين من الدولارات كمساعدات إنسانية والتي تتجاوز 60 مليون يورو سنويا.

ويلاحظ غربي أنه “رغم المساعدات، لم تتحسن أوضاع سكان تندوف الذين لا يتجاوز عددهم 40 ألفا على أقصى تقدير، ناهيك عن الغنى الفاحش لزعماء الجبهة الانفصالية الذين يملكون العقارات ويتوفرون على حسابات وأرصدة بنكية بأوروبا وأميركا اللاتينية”.

وأعربت مؤسسات أممية وأخرى تابعة للاتحاد الأوروبي وأخرى غير حكومية عن بالغ قلقها من طرق توزيع المساعدات المقدمة، وعمليات نهب وتهريب المساعدات الإنسانية إلى أماكن أخرى خارج تندوف.

وأكد الكولونيل بريستن ماغلوكلن، الخبير الدولي في قضايا الأمن القومي، أن”البوليساريو تستولي على المساعدات الدولية الموجهة للمحتجزين بتندوف من أجل إعادة بيعها، لاسيما خلال الأزمة الصحية الحالية الناجمة عن تفشي فايروس كورونا”.

وأبرز ماغلوكلن، الذي سبق له العمل في بعثة الأمم المتحدة للصحراء “مينورسو”، وزيارة مخيمات تندوف، أن “هناك تاريخا طويلا من سوء توزيع المساعدات الموجهة للمحتجزين الصحراويين بتندوف، مؤكدا على ضرورة اتخاذ الأمم المتحدة قرارات حازمة ولاسيما في ما يتعلق بالمسائل الإنسانية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: