رئيس بلدية فرنسية مصنف رسميا إرهابيا محتملا

عبدالعزيز حميدة مقرب من مجموعات تسفير الفرنسيين للقتال في سوريا والعراق.

كشفت مجلة “إكسبريس” الأسبوعية الفرنسية وفق معلومات خاصة تحصلت عليها من مصدر أمني عن مدى الخطورة التي يشكلها عبدالعزيز حميدة الفائز الجديد برئاسة بلدية غوسنفييل، المعزولة المحرومة والواقعة في منطقة الفال دواز التابعة لإقليم إيل دو فرانس. وكانت المجلة قد كشفت أن الأنشطة الدعوية المكثفة لعبدالعزيز حميدة ونوعية الأشخاص المحيطين به جعلت المخابرات الفرنسية تراقبه بشكل خاص وتصنفه إرهابيا محتملا فهو المشرف على مسجد لهيئة “مسلمي فرنسا” وهي فرع للإخوان المسلمين هناك كما أنه قريب من مجموعة متورطة في تسفير شباب فرنسيين للقتال في سوريا والعراق.

في سبتمبر الماضي نشرت أسبوعية “إكسبريس” الفرنسية استنادا إلى تقرير أمني مقالا جاء فيه أن السيد عبدالعزيز حميدة المرشح للانتخابات البلدية يثير انتباه المخابرات نظرا لأنشطته الدعوية المكثفة ونوعية الأشخاص الذين يحيطون به.

وليس سرا أن هذا الرجل الفرنسي – المغربي قريب جدا من الإسلام الحركي المتشدد ومع ذلك، لم يتكتل اليسار واليمين المتمثلين في قائمة “تجمع اليسار” وقائمة “الجمهوريين” اليمينية من أجل قطع الطريق أمامه كما يحدث دائما في مثل هذه الحالات حينما يتعلق الأمر بمرشحي اليمين المتطرف الذي يجد دائما في مواجهته تكتلا جمهوريا في الدور الثاني من الانتخابات.

من الغريب الوقوف سلبيا أمام هذا “الإرهابي المحتمل” المدرج اسمه ضمن قائمة الإسلاميين المصنفين في خانة (س) حسب أسبوعية “إكسبريس”، وتركه يفوز في الانتخابات البلدية ويصبح في 28 يونيو 2020 رئيسا لبلدية غوسنفييل، تلك البلدية المعزولة المحرومة الواقعة في منطقة الفال دواز غير البعيدة عن مطار شارل دي غول والتي يبلغ عدد سكانها 30000 نسمة، ثلثهم من أصول أفريقية.

عبدالعزيز حميدة كان مشرفا على المسجد المعروف بأنه مسجد "مسلمي فرنسا" ممثل الإخوان المسلمين في فرنسا
عبدالعزيز حميدة كان مشرفا على المسجد المعروف بأنه مسجد “مسلمي فرنسا” ممثل الإخوان المسلمين في فرنسا

تكتب أسبوعية “إكسبريس” أنها تحصلت على معلومات من مصدر بوليسي كشف لها أن الفائز برئاسة البلدية كان قريبا جدا من جماعة “التبليغ” الإسلاموية. وهي الجماعة التي ذكر اسمها في الملف القضائي المتعلق بالمجموعة الجهادية الشهيرة لمدينة لونال، جنوب فرنسا، التي كان لها ضلع في إرسال الكثير من الشبان الفرنسيين من ذوي الأصول المغاربية للقتال في سوريا والعراق في عامي 2014 و2015.

وعلاوة على هذا الانتماء والنشاط الإسلاموي، يقول التقرير إن الكثير من المتشددين المدرجة أسماؤهم على قوائم المتعصبين العنيفين يحومون حول رئيس البلدية الجديد، السيد عبدالعزيز حميدة، من بينهم شخص معروف بتشدده وحبه للإرهابيين، شخص بكى الإرهابي محمد مراح الذي ارتكب مجزرة تولوز ومونتوبان سنة 2012 وقد ذهب هذا الشخص الذي لم يذكر اسمه في التقرير إلى صوم يومين حزنا على مقتل المجرم محمد مراح.

ولد عبدالعزيز حميدة في نفس المدينة التي يترأسها اليوم منذ 40 سنة وقد أصبح معروفا فيها من خلال ترأسه لفريق كرة القدم المحلي. وهو الذي تفاوض منذ عشر سنوات مع رئيس البلدية السابق آلان لوي من أجل بناء مسجد “السلام” في المدينة، ثم أصبح من المشرفين عليه. هذا المسجد المعروف بأنه مسجد “مسلمي فرنسا” – أو “اتحاد الجمعيات الإسلامية الفرنسية” سابقا – ممثل الإخوان المسلمين في فرنسا.

هذا المسجد كان يستقبل المتطرف هاني رمضان قبل أن يمنع من دخول الأراضي الفرنسية مع أخيه طارق قبل أن تكشف حقيقته ويزج به في السجن بتهمة الاغتصاب.

لقد ضم رئيس البلدية اليساري السابق آلان لوي سنة 2014 عبدالعزيز حميدة إلى قائمته من أجل حصد أصوات المسلمين وبعد أربع سنوات انقلب عليه والتحق بالمعارضة وبدأ يعمل بكل ما أوتي من قوة لينتزع مفاتيح البلدية من الرجل الذي أدخله إلى المجلس البلدي. وقد نجح في إيهام الكثير من سكان البلدية بأنه تغيّر وأصبح “جمهوريا حقيقيا” لما ترك العباءة والسروال القصير وقصّر من طول لحيته وتبنى البذلة العصرية والخطاب التوافقي. وحتى زوجته التي كانت أول امرأة في مدينة غوسنفييل ترتدي جلبابا يغطي جسدها ووجهها كلية فقد استبدلته بحجاب عصري خفيف تماشيا مع طموحات زوجها السياسية.

وعلى الرغم من بذله مجهودات كبيرة لإخفاء هويته وتفكيره فكثيرا ما تخونه كلماته لتطفو على السطح حقيقته، ففي تصريح لأسبوعية “لوبوان” قال ذات يوم إن “القائمة التي أترأسها ليست طائفية وإنما هي جامعة، سيكون فيها عرب وفرنسيون وسود وأتراك”! فأين الجمهورية الجامعة في جملة كهذه تفرق بين المواطنين وتعتبر بعضهم غير فرنسيين أصلا؟

في كتابه “على فرنسا أن تعلم” المنشور سنة 2019 يكشف نعوم أنور، زميل عبدالعزيز حميدة في الثانوية ورجل الأمن اليوم المكلف بمراقبة النشاطات الإسلاموية، كيف سيطر الإسلاميون على مدينة غوسنفييل ويكشف على أمواج “راديو الجنوب” أن عبدالعزيز حميدة قد أمضى فترة تكوين ديني في منطقة بين الهند وباكستان ولا أحد يعرف مضمون وبرنامج ذلك التكوين.

لم يتردد المعني بتكذيب ما كتب عنه وقيل وقد رفع دعوى ضد أسبوعية “إكسبريس” مؤكدا أنه غير مصنف كـ”إرهابي محتمل”. ولكن كيف له أن يعرف إن كان كذلك أم لا؟ فالأمر سري للغاية ولا يمكن معرفة اسم أحد المصنفين في القائمة إلا عن طريق التسريب. ومن هنا تبقى العدالة عاجزة عن قول أي شيء في القضية إذ من المستحيل إرغام مجلة “إكسبريس” على الكشف عن مصدرها ولا إجبار وزارة الداخلية عن نفي أو تأكيد التصنيف ويبقى السكان يتساءلون عن مصير بلدية غوسنفييل “الفرنسية سابقا” كما أصبح يقول البعض منهم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: