خطر المتطرفين الإسلاميين يقلق ألمانيا رغم تراجع أعدادهم

الذئاب المنفردة تؤرق أجهزة الاستخبارات

أعلنت الحكومة الألمانية أن أكثر من نصف الإسلاميين المصنفين على أنهم مصدر خطر على الأمن العام في ألمانيا أو أي “شخص ذي صلة” ليس لديهم جواز سفر ألماني، فيما صنفت السلطات الأمنية خلال عام 2019 عددا أقل من الإسلاميين كأشخاص “خطرين” مقارنة بعددهم العام الماضي، لكن خطرهم لم ينته.

وتصنف أجهزة الشرطة في نطاق الجريمة ذات الدوافع السياسية الأشخاص الذين تفترض قيامهم بجرائم خطيرة تصل إلى حد الهجمات الإرهابية بأنهم مصدر خطر على الأمن. أما عن الأشخاص “ذوي الصلة” فهم من يقومون بمساعدة لوجيستية مثلا.

وبحسب البيانات، أقام في ألمانيا 362 إسلاميا ممن يمثلون خطرا على الأمن في نهاية مارس الماضي، فضلا عن 436 شخصا “ذا صلة”.

وأظهر بحث أجرته الهيئة الاتحادية للهجرة وشؤون اللاجئين أن 485 شخصا من الأشخاص المصنفين كذلك لا يحملون الجنسية الألمانية، وأن 270 شخصا منهم تقدموا بطلب لجوء في الماضي. إلا أن الحكومة الألمانية لم تصرح بأية بيانات عن وضعية الإقامة الحالية الخاصة بهم.

كشفت تقارير إعلامية أن نحو 50 في المئة من الإسلاميين المصنفين في ألمانيا على أنهم خطيرون أمنيا لا يشكلون خطورة إرهابية بالغة

وبعد حوادث وهجمات شهدتها ألمانيا في السنوات القليلة الماضية، زادت السلطات المختصة الضغط على المتطرفين الإسلاميين وضيقت الخناق عليهم من خلال المداهمات والاعتقالات، بحيث تراجع عدد الخطرين منهم. لكن ذلك لا يعني تراجع خطرهم.

وأكدت وزارة الداخلية الألمانية أنها صنفت خلال عام 2019 عددا أقل من الإسلاميين كأشخاص “خطرين” مقارنة بعددهم العام الماضي.

وحتى بداية شهر نوفمبر الماضي تم تصنيف 679 شخصا من الوسط الإسلامي المتطرف كـ”خطرين”. في حين كان عدد هؤلاء “الإسلاميين الخطرين” قد وصل إلى 774 شخصا في شهر يوليو من عام 2018.

وقال آرمين شوستر، ممثل الاتحاد المسيحي في لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الاتحادي (بوندستاغ)، إن ذلك يعود أيضا إلى الضغط المتزايد وتضييق الخناق على الإسلاميين بعد هجوم أنيس عامري بشاحنة على سوق عيد الميلاد في برلين ومقتل 12 شخصا.

وأضاف شوستر أنه في إطار الضغوط على الإسلاميين، إلى جانب حملات المداهمات والاعتقالات، لا تتأخر السلطات الأمنية في تحديد الإسلاميين المتطرفين وتصنيفهم كخطرين، بحيث لا تغفل عن مراقبة نشاطاتهم.

وأكد أن الدوائر الأمنية لا تراقب الشبكات والمجموعات الإسلامية المتطرفة فقط، وإنما “الذئاب المنفردة” أيضا، أي الأفراد الذين يمكن أن يقوموا بهجمات إرهابية بمفردهم دون التنسيق مع شبكة أو مجموعة معينة.

ويقول يورغ راديك، نائب رئيس نقابة الشرطة الألمانية، “تراجع عدد الإسلاميين المتطرفين ‘الخطرين’ لا يعني تراجع خطرهم، صحيح أن كشفهم صار يتم أكثر من السابق بفضل زيادة عدد رجال الشرطة في هذا المجال، لكن ذلك لا يعني القول إن الخطر قد تراجع”.

وتراجع عدد الإسلاميين المتطرفين بشكل طفيف بسبب عمليات الترحيل والمحاكمات وكذلك الهزائم التي مني بها تنظيم الدولة الإسلامية، لكن مع ذلك تعتقد السلطات الألمانية أن ستة إسلاميين “خطرين” سافروا إلى سوريا أو العراق ما بين أكتوبر 2019 ومارس 2020. وصنفت الشرطة الألمانية 61 شخصاً من إجمالي أكثر من مئة شخص كانوا يقاتلون في صفوف تنظيم داعش في سوريا أو العراق وعادوا إلى ألمانيا، على أنهم “مصدر خطرٍ أمني” حالياً في ألمانيا.

وبحسب بيانات الحكومة الألمانية، فإن 32 شخصاً من هؤلاء يقبعون بالفعل في السجن أو الحبس الاحتياطي.

وقال النائب عن حزب البديل من أجل ألمانيا المعارض مارتين هيس إن الشرطة الألمانية ليست قادرة على مراقبة هؤلاء الأشخاص الخطرين أمنياً بلا أي ثغرات، وذلك لأسباب قانونية وأسباب تتعلق بضعف الموارد البشرية في جهاز الشرطة.

وأكد النائب الألماني أنه لهذا السبب يتعين على الحكومة العمل على تصنيف أي إسلاميين ذوي خبرة في القتال كأشخاص خطرين أمنياً أو ترحيلهم، “أو احتجازهم طويلاً في الحبس الاحتياطي، إلى أن يصبحوا لا يشكلون مصدراً للخطر”.

وقرارات ترحيل الخطيرين أمنيا يتخذها مركز تابع لوحدة مكافحة الإرهاب المشتركة على المستوى الاتحادي والولايات.

إسلاميا ممن يمثلون خطرا على الأمن أقاموا في ألمانيا نهاية مارس الماضي، فضلا عن 436 شخصا ذا صلة

والمركز عبارة عن هيئة تنسيق مشتركة لسلطات الأمن على المستوى الاتحادي والولايات، ويختص فقط بمكافحة الإرهاب الإسلاموي، ، حيث تمكن المركز عام 2017 من ترحيل 57 خطيرا أمنيا وإسلاميا متطرفا من ألمانيا.

وأضافت بيانات الوزارة أن أكثر من مئة شخص من مقاتلي داعش العائدين إلى ألمانيا لديهم خبرة في القتال أو استعدوا للمشاركة في معارك.

وفرض تنظيم داعش سيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا بدءا من صيف عام 2014، وفقد التنظيم آخر معقل له في شرقي سوريا في مارس 2019، لكن خلايا الجهاديين لا تزال نشطة في كلا البلدين.

ورغم دحر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، إلا أن شبكاته السرية لا تزال فاعلة على الأرض وفق مكتب حماية الدستور الألماني، وهو ما يزيد من حجم التهديد الموجه ضد “الغرب”، المصنّف من قبل التنظيم الإرهابي “عدوًّا”.

وكشفت تقارير إعلامية أن نحو 50 في المئة من الإسلاميين المصنفين في ألمانيا على أنهم خطيرون أمنيا لا يشكلون خطورة إرهابية بالغة، لكن متخصصين في الحركات المتشددة قالوا إن مثل هذه التقارير ترسل إشارات سلبية، وتساعد المجموعات المتشددة على التحرك بحرية أكبر في ضوء المعايير المرنة المتبعة في تعقبهم.

ويقول مراقبون إن تركيز الجهد على تتبع تحركات العائدين من سوريا والعراق قد يصرف الأنظار عن حقيقة أكبر، وهي الشبكات الإسلامية القائمة في أوروبا منذ عقود، حيث تقوم هذه الشبكات بعمليات استقطاب واسعة للشباب، وتحصل على تمويل كبير يتم ضخه دون رقابة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: