المغرب يعدل بنود الميزانية لمحاصرة تداعيات الإغلاق الاقتصادي

خطوة تعديل بنود الميزانية في المغرب تشكل أداة لإعادة التوازن وإعطاء صورة واضحة عن الوضع المالي والاقتصادي والذي سيمكن الحكومة من اتخاذ التدابير الصحيحة.

يؤكد محللون أن إقرار المغرب تعديلات على ميزانية 2020 ستسمح للحكومة بالتحرك بشكل أكثر مرونة عن طريق معالجة مخلّفات الإغلاق وإعادة إحياء كافة الخطط لإنعاش الاقتصاد رغم أنها ستحتاج إلى تمويلات إضافية قد تضاعف مستوى الديون المقرر في الميزانية الأصلية.

دخلت الحكومة المغربية مرحلة جديدة في سياق مساعيها لمواجهة تداعيات جائحة فايروس كورونا المستجد على الاقتصاد في أعقاب إجراء تعديلات على بنود ميزانية العام الحالي.

وبعد يوم من إقرار مجلس الوزراء في اجتماع استثنائي ترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس مشروع قانون تعديل الميزانية، صادق البرلمان عليها الأربعاء الماضي، لتدخل بذلك حيز التنفيذ.

وتأثر الاقتصاد المغربي بفعل تدابير الإغلاق، إذ أعلنت السلطات في العشرين من مارس الماضي حالة الطوارئ الصحية لمدة شهر واحد ثم تم تمديدها ثلاث مرات متتالية تنتهي الجمعة.

ويكشف مشروع القانون المرتكزات الرئيسية التي تستند إليها توجهاته العامة، وتتمثل أساسا في مواكبة الاستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي والحفاظ على مناصب الشغل وتسريع تنزيل الإصلاحات الإدارية.

وطبقا لتوجيهات الملك محمد السادس في المجلس الوزاري المنعقد الثلاثاء الماضي، سيتم الحفاظ على فرص العمل والاستمرار في المواكبة الاجتماعية والاقتصادية للقطاعات التي يتوقع أن تشهد صعوبات.

وتظهر الميزانية التعديلية أن سقف الاقتراض سيرتفع إلى أكثر من 93 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، خاصة وأن الرباط في حاجة إلى تمويلات إضافية حتى تتأقلم مع ظروف الأزمة.

ويُتوقع أن يتضاعف الاقتراض إلى 60 مليار درهم (6.2 مليار دولار) بنهاية العام الحالي من نحو 3.1 مليار دولار كانت مقررة في الميزانية الأصلية.

وربط مشروع قانون المالية المعدل، الاستفادة من الدعم المخصص لاستئناف النشاط الاقتصادي بالحفاظ على 80 في المئة من الأجراء المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مع التسوية السريعة لوضعية المستخدمين غير المصرح بهم.

محمد بنشعبون: تجاوز الأضرار الاقتصادية سيتم في إطار اتفاقيات قطاعية
محمد بنشعبون: تجاوز الأضرار الاقتصادية سيتم في إطار اتفاقيات قطاعية

ونص كذلك على تفعيل المواكبة الخاصة لمختلف القطاعات، في إطار تعاقدي مع الفاعلين الاقتصاديين المعنيين. ولتسريع الحركية الاقتصادية في هذه الظرفية الصعبة قررت الحكومة برسم قانون المالية المعدل رفع ميزانية الاستثمارات في القطاع العام.

ويتعلق الأمر بتخصيص نحو 1.5 مليار دولار إضافية ليصل بذلك حجم التمويل لميزانية الاستثمار العام إلى 8.9 مليار دولار. وتراهن الحكومة على هذه الخطوة من أجل استعادة الاقتصاد المحلي لحركيته المعهودة عبر تمكين الشركات من طلبيات لتنفيذ مشاريع لفائدة الدولة.

ووفقا للمشروع سيتم تخصيص 518 مليون دولار، لمواكبة تفعيل آليات الضمان لفائدة كل أصناف الشركات، بما في ذلك الشركات العمومية، والتي ستستفيد من شروط تفضيلية.

وتتمثل الشروط في سعر فائدة أقصى لا يتعدى 3.5 في المئة ومدة سداد تعادل 7 سنوات، مع فترة إعفاء لمدة سنتين وضمان من طرف الدولة يتراوح بين 80 في المئة و90 في المئة، ويصل إلى 95 في المئة بالنسبة للشركات الصغيرة جدا.

وقال وزير المالية والاقتصاد محمد بنشعبون إنه “تم التركيز على ضرورة الاستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي من خلال تنزيل تدابير تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل قطاع على حدة”.

وأشار إلى أن تجاوز حجم الضرر الذي تكبده الاقتصاد جراء أزمة كورونا والفترة اللازمة لاستعادة نشاطه، سيتم في إطار اتفاقيات قطاعية.

وتشكل خطوة تعديل بنود الميزانية الحالية أداة لإعادة التوازن من خلال تجاوز التوقعات المبدئية وتحيين المعطيات مما سيمكن من إعطاء صورة واضحة عن الوضع المالي والاقتصادي والذي سيمكن الحكومة من اتخاذ التدابير الصحيحة.

وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط أن ينمو الاقتصاد خلال الربع الثالث من هذا العام في ظل ظرفية دولية تتسم بتخفيف الإجراءات المتعلقة بالحجر الصحي وإعادة فتح الحدود وانتعاش تدريجي لمختلف الأنشطة في معظم الدول وخاصة الأوروبية.

وفي ما يخص الطلب الداخلي، ترجح المندوبية أن يشهد انتعاشا طفيفا مقارنة مع الربع السابق، حيث ستعرف نفقات الأسر الموجهة نحو الاستهلاك بعض التقلص في وتيرة انخفاضها، لتتراجع بحوالي 4.6 في المئة، وذلك بالموازاة مع انتعاش مبيعات المواد المصنعة.

ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد هذا العام بأقل من 5 في المئة وذلك مقابل نمو بنحو 3.5 في المئة بالنسبة لقانون مالية سنة 2020.

ورفعت الحكومة توقعاتها في ما يخص العجز في الميزانية والذي سيصل إلى سالب 7.5 في المئة، إذ من المتوقع أن يعرف الناتج المحلي الإجمالي هذا العام تراجعا بنحو خمسة في المئة.

6.2 مليار دولار حجم الاقتراض المتوقع في 2020 من 3.1 مليار دولار في الميزانية الأصلية

ويقول خبراء اقتصاد إن تداعيات جائحة كورونا أنتجت تراجعا ملحوظا في عائدات الضرائب وكذلك بسبب استمرار موجة الجفاف ما أثر على توقعات محصول الحبوب والتي قد بنيت عليها توقعات قانون المالية 2020، الأمر الذي أربك عملية تنفيذ الخطوط والمعالم الكبرى للتوازن المضمنة في القانون.

وأكد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني أن تعديل الميزانية سيكون مرتكزا على تفعيل خطة إنعاش الاقتصاد، معبرا عن تفاؤله بقدرة الاقتصاد على التعافي، بحكم توفره على أسس متينة وعلى صناعة قوية ستسمح باستثمار الفرص مستقبلا.

وقالت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أكبر نقابة في البلاد، إن قانون المالية التعديلي يجب أن يشكل مناسبة لإعادة النظر في السياسات العامة والتأسيس لتصور جديد يهدف إلى التنمية الشاملة والمستدامة ويستحضر التوازنات الاجتماعية كأولوية لتقليص الفوارق الاجتماعية وتلبية حاجات المواطن.

ووعدت الحكومة بأن تواصل العمل على تحسين مناخ الأعمال وتسريع وتيرة اعتماد ميثاق جديد للاستثمار، مما سينعكس إيجابا على جاذبية المغرب للاستثمار.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: