كورونا يعقد مشكلة الهجرة إلى أوروبا

أعلن مصدر في وزارة الداخلية الإيطالية السبت أنّ السلطات باشرت إجراء فحوصات طبيّة لـ180 مهاجرا عالقين على متن السفينة الإنسانية “أوشن فايكينغ” التي أنقذتهم أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط، مشيرا إلى أنّه عقب الفحوصات سيتم نقل المهاجرين إلى سفينة للحجر الصحّي في صقلية.

وأجبر انتشار وباء كورونا في أوروبا على غلق حدودها منذ بداية العام الحالي، وخلال هذه الفترة حاول أكثر من 13 ألف مهاجر عبور البحر المتوسط باتجاه القارة العجوز، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.

وبعد توقف قصير بسبب الإغلاق، استأنفت سفن منظمات غير حكومية مثل أوشن فاكينغ نشاطها في المتوسط الشهر الماضي، واستطاعت إنقاذ المئات من المهاجرين من الغرق، والآن تطالب هذه المنظمات دول الاتحاد الأوروبي بفتح موانئها، للسماح لسفنها بالرسو.

وقال لورانس بوندار، وهو أحد العاملين في جمعية “المتوسط للإنقاذ” وكان على متن سفينة أوشن فايكينغ، إنه يوجد على متن السفينة 180 مهاجرا على قيد الحياة، وقد كانوا جميعا على متن زوارق خشبية متهالكة ومزدحمة جدا.

منذ الخميس جرت شجارات على سطح السفينة بين مهاجرين، لكن منذ الجمعة تستهدف تهديدات صادرة عن مجموعة واحدة من المهاجرين، طاقم السفينة

وقال مصدر طلب عدم نشر اسمه إنّ أفراد الطاقم الطبي الذي أرسلته السلطات الإيطالية إلى ميناء بوزالو الصقلّي، “أكّدوا عدم وجود أيّ مشاكل صحيّة محدّدة، وأفادوا أيضا، أنّ التوتّرات التي حصلت على متن السفينة (التابعة لمنظمة إس.أو.إس ميديتيرانيه غير الحكومية) آخذة بالانحسار”.

وأضاف أنّ الفريق الطبي يجري حاليا فحوصات للمهاجرين لتبيان ما إذا كانوا مصابين بفايروس كورونا المستجدّ أم لا، وبنتيجة هذه الفحوصات سيتمّ نقلهم إلى سفينة الحجر الصحّي الراسية حاليا في بورتو إمبيدوكلي، على الساحل الجنوبي لصقلية.

وأكّد المصدر أنّ السلطات “تراقب الوضع بعناية بهدف نقل المهاجرين اليوم الاثنين إلى السفينة موبي زازا”.

وكانت السفينة أعلنت الجمعة “حالة الطوارئ” بسبب توترات شديدة سادت على متنها من جراء اندلاع شجارات بين ركابها ومحاولة بعضهم الانتحار أو تهديد أفراد طاقمها.

وكان رجلان ألقيا بنفسهما من على متنها في خطوة يائسة الخميس، حيث أقدم في ساعة الظهيرة المهاجر الأول على إلقاء نفسه في البحر، وقام آخر باللحاق به، بينما قام المهاجرون المتواجدون على السفينة باعتراض مهاجر ثالث حاول أن يقفز في المياه.

وبعد عدة دقائق من النقاش مع طاقم السفينة، تم إنقاذ المهاجرين عبر زورق سريع، حيث كانا قد ابتعدا لمسافة 100 متر فقط. ثم نُقلا إلى سطح أوشن فايكنغ بعد نحو 45 دقيقة.

يقول الشخص الثالث الذي حاول الإلقاء بنفسه في البحر، وهو مغربي الجنسية، “أفضل أن أموت، وأن تعرف عائلتي بأنني قد مت، على أن أبقى هنا دون أن يعرفوا إن كنت حيا أو ميتا”.

ويشير مراسل وكالة الأنباء الفرنسية إلى أن حالة من السخط والقلق الشديد تصيب المهاجرين العالقين لعدم قدرتهم على التواصل مع عائلاتهم، كما نشرت منظمة “أس.أو.أس ميديتيرانيه” عبر صفحتها على تويتر، أخبارا تفيد بأن خمسة مهاجرين عالقين على متن أوشن فايكنغ عبّروا عن “نوايا انتحارية”. ويتساءل مهاجر سوداني مستنكرا “ما فائدة إنقاذنا إن كان هذا مصيرنا؟”.

من جانبه، شارك مهاجر باكستاني رأيه بهذه الحادثة، وقال “لقد خرجنا من جحيم ليبيا وأنقذتنا طواقم أس.أو.أس ميديتيرانيه، والآن نحن على قيد الحياة، لكننا عالقون، وسنبقى هنا ليوم واحد أو خمسة أيام، أو حتى 15 يوما. لا نستطيع فعل أي شيء”.

واستأنفت عدة منظمات إنسانية عملياتها في المتوسط بداية الأسبوع الماضي، حيث تمكنت سفينة “ماري يونيو” من إنزال العشرات من المهاجرين في صقلية، بينما أطلقت منظمة “سي.ووتش” طائرة البحث الخاصة بها “سي.بيرد” لترصد قوارب المهاجرين والانتهاكات التي تحدث في المتوسط.

وقالت منظمة الإغاثة أس.أو.أس المتوسط، التي تستأجر السفينة إنه منذ ذلك الحين “تدهور الوضع على متن السفينة إلى درجة أنه لم يعد من الممكن ضمان سلامة المهاجرين الـ180 الذين تم إنقاذهم والطاقم”.

أكثر من 13 ألف مهاجر من جنسيات أفريقية مختلفة حاولوا عبور البحر المتوسط باتجاه القارة الأوروبية منذ بداية العام الحالي

وتريد المنظمة إنزال المهاجرين “فورا” من السفينة، وقالت الناطقة باسم المنظمة لورانس بوندار، إنه “نظرا للتوتر الشديد” السائد، أعلنت أوشن فايكينغ أنها “في حالة طوارئ، في سابقة” لسفينة تابعة لأس.أو.أس المتوسط، التي بدأت عمليات إغاثة منذ أربع سنوات ونصف السنة بسفينة “أكواريوس”.

وقدمت السفينة قبل أسبوع أول طلب للرسو في مرفأ وإنزال الركاب. لكن بعد سبعة طلبات خلال سبعة أيام، لدى السلطات الإيطالية والمالطية، حصلت المنظمة على رد سلبي. وكانت واحدة من عمليات الإنقاذ جرت في المياه بين هذين البلدين.

ومنذ الخميس جرت شجارات على سطح السفينة بين مهاجرين، لكن منذ الجمعة تستهدف تهديدات صادرة عن مجموعة واحدة من المهاجرين، طاقم السفينة.

من جهة أخرى، طلبت أس.أو.أس المتوسط، بعد ظهر الجمعة إجلاء طبيا بسبب “انهيار عصبي حاد” لهذه المجموعة التي تضم 44 شخصا من تونسيين ومغاربة ومصريين.

وقال لودوفيك أحد البحارة المنقذين الذي يشارك في العمليات منذ البداية “لا أشعر أنني في أمان. يجب أن نجد مرفأ الآن، إنها مسألة سلامة”. وأضاف أنه لم ير “يوما مثل هذا العنف” على متن سفينة. وأكدت المنظمة أن هذا الوضع هو “نتيجة مباشرة للبقاء طويل الأمد وغير المجدي في البحر”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: