هكذا ورطت قيادة بوليساريو الدولة الجزائرية
الأمم المتحدة حملتها مسؤولية احتجاز ناشطين وانتهاك حقوق الصحراويين
أصدر فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة، إثر دورته الأخيرة، قراره المتعلق بقضية الناشط الحقوقي الصحراوي الفاضل ابريكة، الذي تعرض للاختطاف والاعتقال التعسفي في صيف 2019 في مخيمات تندوف بالجزائر، من قبل مسلحين تابعين لبوليساريو، والذي يقضي بتحميل الجزائر المسؤولية المباشرة عما اقترفته و مازالت تقترفه قيادة الجبهة من خروقات لحقوق الإنسان في حق صحراويي المخيمات على الأراضي الجزائرية، تحت حماية عرابيها من جنرالات ثكنة بن عكنون. القرار الأممي حمل الجزائر مسؤولية اختطاف واحتجاز الفاضل ابريكة لما يناهز خمسة أشهر، وتعريضه خلالها لأبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي، معتبرا أن هذا الناشط الحقوقي الصحراوي تعرض للاختطاف في تندوف بدون أي سند قانوني، من قبل أشخاص لا يتوفرون على صفة قانونية تخولهم ذلك، وتم حرمانه من أي حماية قانونية ومن حقه في اللجوء للقضاء الجزائري وآليات الانتصاف لبلد اللجوء، و مصادرة حريته في الرأي والتعبير والتضييق على نشاطه الحقوقي والجمعوي، بسبب آرائه السياسية المعارضة لجبهة بوليساريو، مذكرا الدولة الجزائرية بخرقها المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، التي تعهدت من خلالها باحترام و ضمان حقوق كل الأفراد الموجودين فوق ترابها الوطني.
و قد طالب القرار الأممي، إعمالا لمبدأ ترتيب المسؤوليات، الدولة الجزائرية بتعويض الناشط الحقوقي الصحراوي الفاضل ابريكة عما لحقه من ضرر نفسي و مادي، عبر صرف تعويض له من خزينة الدولة الجزائرية، و فتح تحقيق جاد و مستقل و نزيه لتفعيل متابعة المسؤولين المتورطين في الانتهاكات التي تعرض لها هذا الناشط الحقوقي الصحراوي، قبل أن تخلص هذه الهيأة الأممية إلى حث الحكومة الجزائرية على التعاون مع هذا الفريق الأممي، من أجل ترتيب زيارة إلى الجزائر لبحث انشغالاته المسجلة حول مسألة الاعتقال التعسفي خارج القانون، خصوصا منها تلك التي تطول صحراويي اللجوء.
وبقرارها هذا تكون الآلية الأممية قد عصفت بكذبة تفويض الدولة الجزائرية لسلطاتها إلى بوليساريو لإدارة المخيمات، وهي الفقاعة التي لطالما حاولت الجزائر التشبث بها، و لعقود طويلة، للهروب من المساءلة الدولية عن الجرائم المرتكبة فوق أراضيها بتندوف من قبل قيادة البوليساريو، مؤكدة أن السلطة الوحيدة التي تعترف بها الأمم المتحدة، هي سلطة الدولة الجزائرية، وأن قوانينها وعدالتها، هي الوحيدة التي تكتسي صبغة شرعية، و بالتالي فإن الجزائر تتحمل مسؤولية كل ما يقع في نطاق حدودها المعترف بها دوليا.
هذه التوصيات الأممية وضعت الجزائر في حرج كبير أمام المنتظم الدولي، بعد أن وجدت نفسها محاصرة بالتزاماتها الدولية، بسب رعونة قيادة صنيعتها بوليساريو، التي تعودت على اللجوء إلى أساليب القمع والتنكيل بالصحراويين المحتجزين في المخيمات، من أجل ضمان بقائها واستمرار استغلالها و متاجرتها بمعاناة الصحراويين، بالتنسيق مع الاستخبارات الجزائرية، دون أدنى مساءلة أو محاسبة.
هذا القرار الأممي، الذي جاء ليدق مسمارا آخر في نعش بوليساريو و يعري وهمية أسطورة “الدولة الصحراوية” و يعيدها إلى حجمها الحقيقي- العدم، يعتبر، أيضا، رسالة مفتوحة لسكان المخيم لكسر حاجز الخوف و تحكيم منطق الواقعية باعتباره السبيل الوحيد للتغلب على مخاوفهم والعمل على تغيير واقعهم المزري، الذي يمر عبر إيصال أصواتهم مباشرة للمجتمع الدولي والآليات الأممية، بدل الخنوع لبروباغاندا قيادة الرابوني الفاشلة، التي تقمع كل الأصوات الحرة، كما حصل مع الفاضل ابريكة و مولاي ابا بوزيد و محمود زيدان، و تلصق تهم العمالة و الخيانة بكل من يجرؤ على معارضة سياستها الاستبدادية و مصالحها الرخيصة.
فهل ستكون قضية الفاضل ابريكة الشرارة الأولى، التي ستحرر المئات من ضحايا بوليساريو و ذويهم من صحراويي اللجوء للمطالبة بجبر الضرر المادي و المعنوي عما لحقهم من جرائم (قتل خارج القانون، اختطافات، اختفاء قسري، تعذيب، اغتصاب….)، خصوصا بعدما تبين جليا أن حقوق الصحراويين و الانتهاكات، التي يتعرضون لها لا تدخل ضمن دائرة اهتمام دكاكين حقوق الإنسان التابعة لبوليساريو؟.. و لا أظن أن الفاضل ابريكة، بصفته مدافعا جريئا عن حقوق الإنسان، سيبخل عن مشاركة تجربته الشجاعة مع باقي ضحايا بوليساريو والجزائر، للانتصاف من جلاديهم.