إفراج عن ناشطين بارزين في الحراك للتخفيف من الاحتقان في الجزائر

الرئيس عبدالمجيد تبون يوظف رمزية ذكرى استقلال البلاد لبعث رسائل تهدئة.

فتح الرئيس الجزائري الباب أمام انفراج نسبي للأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد بالإعلان عن عفو رئاسي شمل عددا من سجناء الرأي إلى جانب الإفراج المؤقت عن ناشطين بارزين في الحراك الشعبي، في أول بادرة له منذ انتخابه رئيسا للبلاد في ديسمبر الماضي

قرر القضاء الجزائري، الخميس، الإفراج المؤقت عن ناشطين بارزين في الحراك الشعبي من بينهم كريم طابو الناطق الرسمي للاتحاد الديمقراطي الاجتماعي، والمعارضة أميرة بوراوي، إلى جانب الناشطين السياسيين سمير بلعربي وسليمان حميطوش، لينضافوا إلى آخرين تم إطلاق سراحهم نهائيا.

وذكر مصدر حقوقي، لـ”العرب”، أن قرار العفو الذي تراوح بين العفو النهائي والإفراج المؤقت يعود إلى أن المشمولين بالعفو كانوا يقضون عقوباتهم بعد صدور أحكام نهائية في حقهم، أما المفرج عنهم مؤقتا فقضاياهم في طور الاستئناف للأحكام الابتدائية.

وتزامن قرار الرئيس عبدالمجيد تبون مع إحياء الذكرى السنوية لاستقلال البلاد (في الخامس من يوليو)، ليكون بذلك أول بادرة منه تجاه نشطاء الحراك الشعبي منذ انتخابه رئيسا للبلاد في ديسمبر الماضي على أمل أن تفتح الخطوة مجالا للتقارب بين السلطة والحراك الشعبي، الذي علق احتجاجاته السياسية منذ منتصف مارس الماضي بسبب وباء كورونا.

ويأتي قرار الإفراج، الذي شكل أحد المطالب المرفوعة من طرف عدة جهات سياسية ومستقلة للتخفيف من حالة الاحتقان، في أجواء من التوتر السياسي في البلاد بسبب القبضة الأمنية للسلطة تجاه الناشطين المعارضين، حيث تم اعتقال العشرات منهم بحسب تنسيقية الدفاع عن معتقلي الرأي. وانتقل عشرات الأنصار والمتعاطفين مع الناشط المعارض كريم طابو، الخميس، إلى سجن القليعة بالقرب من العاصمة لانتظار خروجه من السجن وردد هؤلاء شعارات مناهضة للسلطة.

وكان الرئيس تبون قد أصدر، منذ وصوله إلى قصر المرادية، قرارات عفو عديدة شملت المئات من سجناء الحق العام لكنها استثنت من يطلق عليهم بتسمية “سجناء الرأي”، مما زاد حينها من حالة الاحتقان السياسي بالبلاد، لاسيما في ظل تشديد القبضة الأمنية. وكان سجناء سابقون، على غرار رئيس جمعية “راج” المعارضة عبدالوهاب فرصاوي، قد حذروا عند إطلاق سراحه خلال الأسابيع الماضية من “الاكتفاء بالعفو فقط عن المساجين”.

من أجل تهدئة سياسية في البلاد
من أجل تهدئة سياسية في البلاد

وشدد فرصاوي على ضرورة “التمسك بالمطالب الأساسية للحراك الشعبي واعتبار حرية السجناء قضية جزئية لا غير، لأن الهدف المنشود هو تحقيق التغيير السياسي الشامل في البلاد”. وسبق لحزب الجيل الجديد المعارض أن أعلن منذ أسابيع عن “قرب إطلاق سراح طابو وبلعربي، بعدما توجه رئيس الحزب جيلالي سفيان بطلب في هذا الشأن للرئيس تبون خلال لقاء جمعهما في (مقر) رئاسة الجمهورية في إطار الاتصالات التي فتحتها السلطة مع قوى سياسية وشخصيات مستقلة”.

وأكد الحزب حينها أن “رئيس الجمهورية ينتظر الإجراءات القانونية لإصدار القرار”. لكن الظاهر أن تبون يريد توظيف رمزية ذكرى استقلال البلاد للقيام بخطوة من أجل تحقيق التهدئة السياسية في البلاد، في انتظار القيام بخطوات أخرى، بحسب ناشطين تجمعوا أمام سجن القليعة في انتظار خروج كريم طابو.

وكانت قوى سياسية وشخصيات مستقلة على غرار رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، وما يعرف بـ”مجموعة الـ20”، قد طالبوا تبون بالقيام بخطوات تهدئة كفتح المجال الإعلامي وتحريره من قبضة السلطة، وإطلاق سراح المساجين السياسيين، ورفع القيود الأمنية عن التظاهر السلمي قبل فتح حوار سياسي شامل.

ويعد طابو وبلعربي وبوراوي من أبرز ناشطي الحراك الشعبي، وتحول سجنهم إلى قضية حقوقية تعدت حدود البلاد حيث اهتمت بها العديد من المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية لاسيما مع النقاش حول ضغط السلطة على جهاز القضاء، حيث سبق لطابو أن أخلي سبيله لكن في اليوم التالي تمت إعادة اعتقاله وتوجيه تهم جديدة له.

وصرح المحامي والحقوقي، عبدالغني بادي، أنه “تم قبول طلب الإفراج المؤقت على كريم طابو، وليس قبول النزاع العارض، وأن المشكلة في تنفيذ القرار”، وهو تلميح مبطن إلى خضوع القضاء للإملاءات الخارجية لأن القبول بالنزاع العارض هو إدانة للجهاز نفسه.

ورحبت منظمات حقوقية بقرار الإفراج عن المعتقلين واعتبرتها خطوة إيجابية، لكنها غير كافية لتحقيق شروط التهدئة السياسية في البلاد.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: