حكم قضائي يبذل محضر إستماع بسبب إنتهاك سرية الاتصالات الهاتفية

ان الأوضاع  التي تمر منها مدينة القنيطرة و منطقة المهدية في الظروف الراهنة للحفاظ على الأمن و صحة المواطنين و متابعة الملفات العالقة بالنسبة للأشخاص المبحوث عنهم و كذلك محاربة التجارة في المخدرات و خصوصا و ان الشرطة القضائية لهذه المنطقة عرفت في السنة الفارطة ضبط كمية كبيرة من الأقراص المهلوسة و مخدر الشيرا.

و رغم الضغوطات التي يتعرض لها رجال الأمن من الإدارة العامة من أجل محاربة تجار المخدرات و مخاطر المهنة في مواجهة مجرمين و عصابات مسلحة إلا أن الجهد و ايام العمل التي خصصها قسم محاربة المخدرات بالمنطقة الأمنية بالمهدية التابعة لولاية أمن القنيطرة للقبض على تجار المخدرات تفسر بطريقة أخرى من القضاء بنفس المنطقة ، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة بتاريخ 18 يونيو الجاري، حُكما قضائياً في قضية تخص ثلاثة متهمين تتعلق بجنحة حيازة المخدرات والاتجار فيها، وعدم احترام حالة الطوارئ الصحية، وعدم ارتداء الكمامة الواقية، يقضي بإبطال محضر الشرطة القضائية المتعلق بالاستماع إلى أحد المتهمين بالنظر إلى عدم استيفائه الشكليات القانونية المنصوص عليها في المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية.

قرار المحكمة جاء بناءا على عدم مشروعية اطلاع ضابط الشرطة القضائية على الاتصالات الشخصية للمتهم بدون أمر قضائي، واستعمالها ضده، معتبرة ذلك خرقا للحق في سرية الاتصالات المنصوص عليه في الفصل 24 من الدستور، وبالتالي عدم جواز الاعتداد بها كدليل جنائي لعدم مشروعية تحصيلها.

المحكمة كشفت في منطوق حكمها، أنه وفي محضر خاص بأحد المتهمين، أظهر أنه وفي لحظة إيقاف المتهم ورد على رقم ندائي اتصالاً هاتفياً من رقم النداء، المسجل بقائمة اتصالات هاتفه تحمل اسمل (FAHD)، فأجاب عن هذا الاتصال ضابط الشرطة محرر المحضر، فطالبه مخاطب المتهم بما يلي :”أنا كنتسناك فالدويرة …جيب لي كاين“،كما تم فحص هاتف المتهم من طرف نفس الجهة فعثر على رسالة نصية تم الاطلاع عليها …

المحكمة بررت حكمها أنه :”وإن كان مضمون هذه الاتصالات غير كاف لإثبات ارتكاب فعل الاتجار في المخدرات من جانب المتهم، فإن تحصيلها جاء مخالفاً لمبدأ :”المشروعية الدستورية“وذلك أنه تم خرقا لسرية الاتصالات الشخصية المكفولة دستوريا للمتهم شأنه في ذلك شأن كل المواطنين وهي الاتصالات التي لا يمكن الترخيص بالاطلاع عليها أو باستعمالها ضد أي شخص إلا بأمر قضائي سواء كان هذا الأمر صادرا عن النيابة العامة أو قضاء التحقيق أو قضاء الحكم، تطبيقا للفقرة الثالثة من الفصل 24 من الدستور“ .

و رغم أن توقيف المتهمين ، الاول لديه سوابق عدلية في الحيازة والاتجار في مخدر الشيرا وله حكم قضائي  أدين به بثمان اشهر
و الثاني سبق له ان قدم للعدالة من اجل الحيازة والاستهلاك أسفر على إيجاد كمية ثلاث قطع من مخدر الشيرا ، إلا أن قرار المحكمة كان مخالفا للمنظومة الأمنية و القضائية مما يجعل من هذه النازلة أمرًا يتطلب الدراسة و البحث و خصوصا و أن هذه الأحكام القضائية تحبط الجهود المبدولة من العناصر الأمنية و تجعلهم يقفون بين مفترق الطرق الذي يحتم عليهم القيام بعملهم بأكمل وجه و النزول تحت قرار القاضي الذي يبرىء المتهم حتى بالدليل القاطع .
حيث إسترسلت المحكمة في تعليلها :”أنه ونزولاً عند هذا المقتضى الدستوري، وأمام خلو الملف من أي أمر قضائي يخول لضابط الشرطة القضائية الاطلاع على الاتصالات الشخصية للمتهم، فإن مشروعية مضمونها كدليل جنائي أضحت منتفية، ويتعين على المحكمة عدم الاعتداد بها عند تكوين قناعتها واستبعادها عن ذلك حماية وصونا للحق الدستوري في ضمان سرية الاتصالات الشخصية“.

هيئة الحكم برئاسة قاضي الجلسة ، قضت على مستوى الدفع الشكلي بقبوله، والتصريح بإبطال محضر استماع المتهم المنجز من قبل عناصر الشرطة القضائية بمنطقة أمن مهيدية، بتاريخ 28-04-2020، مع مؤاخذة المتهم في الدعوى العمومية، من أجل جنحة الاتجار في المخدرات، والتصريح ببراءته بخصوصها، وإدانته من أجل باقي المنسوب إليه والحكم عليه بشهرين حبساً موقوف التنفيذ، وغرامة نافذة قدرها (500,00)درهم وإرجاع الهاتف والمبلغ المحجوزين منه لفائدته.
هذا وينص الفصل 24 من الدستور المغربي، أنه لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة. لا تنتهك حرمة المنزل. ولا يمكن القيام بأي تفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات، التي ينص عليها القانون.

لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها. ولا يمكن الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أوباستعمالها ضد أي كان، إلا بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون.
حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه، والخروج منه، والعودة إليه، مضمونة للجميع وفق القانون.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: