الأسر تعرض الفتيات للأذى النفسي والجسدي

أزمة كورونا تزيد وضع الفتيات تدهورا

يتعرّض الملايين من الفتيات كل عام للضرر البدني والنفسي على مرأى ومسمع من عائلاتهن وأصدقائهن ومجتمعاتهن بل وبموافقة صريحة منهم. ومن المرجح أن يتفاقم هذا الوضع دون اتخاذ أيّ إجراء عاجل بسبب أزمة جائحة كورونا وآثارها المدمرة عليهن، وفقا لتقرير “حالة سكان العالم 2020” الذي صدر مؤخرا عن صندوق الأمم المتحدة للسكان.

 ترتكب الكثير من الأسر في جميع أنحاء العالم العديد من الممارسات الضارة في حق بناتها عن حسن نية، حيث أنها تقبل بممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية المعروف بالختان بالخطأ لتلقى القبول من أقرانها في المجتمعات المحلية التي تنتشر فيها هذه الممارسة على نطاق واسع، وتعتقد خطأ أنَّ تزويج طفلة صغيرة يضمن مستقبلها.

وتجهل بعض الأسر المخاطر الصحية البدنية والنفسية المترتبة على هذه الممارسات الضارة، وفق تقرير حديث لصندوق الأمم المتحدة للسكان الوكالة المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية.

ونبه تقرير “حالة سكان العالم لعام 2020” الصادر الثلاثاء عن صندوق الأمم المتحدة للسكان تحت عنوان “ضد إرادتي.. تحدي الممارسات التي تضرُّ بالنساء والفتيات وتقوّض المساواة” إلى أن الممارسات الضارة متجذرة في عدم المساواة بين الجنسين وتخدم غرض التحكم في أجساد الفتيات أو نشاطهن الجنسي أو رغباتهن الجنسية، لافتا إلى أنه غالبا ما تكون الممارسات الضارة أدوات للتحكم في الحياة الجنسية والخصوبة لدى النساء ففي أماكن كثيرة، يعتقد أن الختان يكبح النشاط الجنسي لدى الإناث، أو يمنع الخيانة الزوجية، أو يعزز المتعة الجنسية للرجال.

وعلقت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتورة ناتاليا كانيم على التقرير قائلة “تتسبّب الممارسات الضارّة المرتكبة في حق الفتيات في حدوث صدمة عميقة ودائمة لديهنّ، وتؤدي إلى سلبهنّ حقهنّ في تحقيق إمكاناتهنّ الكاملة”.

وحدد التقرير الذي يبحث في أصل الممارسات الضارة حول العالم ومدى انتشارها، وما يجب فعله لوقف تلك الممارسات، تسع عشرة ممارسة ضارة تتراوح ما بين كي الثدي وفحص العذرية، والتي تعتبر انتهاكات لحقوق الإنسان.

وركز بشكل خاص على ثلاث ممارسات منتشرة ومستمرة، بالرغم من إدانتها من الغالبية العظمى من دول العالم وهي تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية المعروف بالختان وزواج الأطفال وتفضيل الذكور.

واستخلص خمس معلومات أساسية لم تكن متوقعة ولكنها حاسمة، مشيرا إلى أنه غالبا ما تعرض الأسر بناتها لهذه الممارسات بحسن نية، وتسبب زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (الختان) وتفضيل الذكور، والذي يمكن التعبير عنه على أنه إجهاض انتقائي على أساس الجنس المتوقع للرضيع أو اختيار جنس الجنين بعد الولادة بأضرار عميقة ودائمة، حتى أنها قد تؤدي إلى الوفاة.

وأشار إلى أنه مع ذلك، لا يتم تنفيذ هذه الممارسات بدافع إضمار الأذى، وبدلا من ذلك، يُنظر إلى تلك الممارسات على أنها لمصلحة الأسرة أو لمصلحة الفتاة نفسها.

وقد يكون الغرض من زواج الأطفال هو تأمين مستقبل الفتيات عن طريق الدفع بمسؤولية رعاية الفتاة على عاتق أسرة زوجها. أو قد يُنظر إليه على أنه طريقة لحمايتها من العنف الجنسي، أو كوسيلة لحماية سمعتها إذا أصبحت حاملا.

هناك 4.1 مليون فتاة معرضة لخطر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، كما أن واحدة من كل خمس زيجات عروسها طفلة

وغالبا ما يتم إجراء الختان لضمان تقبل الزوج المستقبلي أو المجتمع الأوسع للفتاة. وقد تختار العائلات أن يكون لديها ذكور وليس فتيات في المجتمعات التي يضطلع بها الأبناء من الذكور وحدهم بمهمة رعاية والديهم المسنين أو حمل اسم العائلة.

وقالت الدكتورة ناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، في مقدمتها للتقرير “إلا أنَّ النوايا الحسنة لا تعني شيئا بالنسبة للفتاة التي ستضطر إلى التخلَي عن مدرستها وصديقاتها لكي تتزوج قَسْرا، أو للفتاة التي تواجه مشاكل صحية مدى الحياة بسبب التشويه الذي أصابها جرَّاء الطقوس المؤذية للعبور إلى مرحلة النضج”.

وأوضحت الدكتورة هانيا شلقامي، عالمة الأنثروبولوجيا بمركز البحوث الاجتماعية التابع للجامعة الأميركية في القاهرة “كثيرا ما يكون الدافع وراء زواج الأطفال هو الرغبة في الحفاظ على عذرية الفتاة لزوجها. أما تفضيل الذكور، عندما يكون في صورة الاختيار المتحيز لجنس الجنين، فهو جهد من ممارسة لسلطة التفضيلات الاجتماعية والعائلية على خصوبة المرأة”.

هذا وتنتشر الممارسات الضارة على نطاق واسع وعبر البلدان والثقافات والأديان والأعراق والمستويات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.

وقال التقرير إنه على الصعيد العالمي يعد عدد الفتيات والنساء المتضررات من هذه الممارسات أمرا صاعقا بل وآخذا في التزايد في بعض الحالات. فهذا العام وحده، هناك 4.1 مليون فتاة معرضة لخطر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية المعروف بالختان. كما أن واحدة من كل خمس زيجات اليوم عروسها طفلة. كما أسفر تفضيل الذكور عن فقدان نحو 140 مليون فتاة.

الممارسات الضارة متجذرة في عدم المساواة بين الجنسين 

ولفت إلى أنه على الرغم من نجاح الجهود المبذولة لإنهاء الممارسات الضارة، يُعتقد أن عدد الفتيات اللاتي يتعرضن لزواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية المعروف بالختان آخذ في التزايد بشكل عام وذلك بسبب النمو السكاني في البلدان التي تنتشر فيها هذه الممارسات بشكل كبير.
كما بين أنه من المرجح أن يؤدي فايروس كورونا إلى تفاقم زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (الختان)، موضحا أن لهذه الجائحة آثار كبيرة على حياة الفتيات وعائلاتهن منها مصاعب اقتصادية وإغلاق المدارس إلى فقدان الحصول على الخدمات الصحية والوصول إلى البرامج المجتمعية.

وأكد أنه بينما أُحرز تقدم في إنهاء بعض الممارسات الضارّة في جميع أنحاء العالم، إلا أن جائحة كوفيد-19 تهدد بمحو المكاسب التي جرى تحقيقها.

وقالت كانيم “الجائحة جعلت عملنا أكثر صعوبة وأكثر إلحاحا لأن العديد من الفتيات أصبحن الآن معرّضات للخطر. ونحن لن نتوقف حتى تصبح حقوق جميع الفتيات وخياراتهن وأجسادهن مملوكة لهن بشكل كامل”.

وأفاد التقرير أنه يجب إعادة هيكلة الاقتصاديات والنُّظم القانونية التي تدعمها لضمان تكافؤ الفرص لكل امرأة، مشيرا إلى أن تغيير قواعد وراثة الممتلكات، على سبيل المثال، يمكن أن يلغي حافزا قويا للأُسَر على تفضيل الأبناء على البنات وأن يساعد في القضاء على زواج الأطفال.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: