في الجزائر ليس كل ما يلمع تراثا موجة حر والوباء في اتساع
يقولون إنها الموجة الثانية للوباء، التي كشرت عن أنيابها ووصلت إلى المناطق النائية والأرياف المتباعدة، وإلى المناطق الصحراوية في الجزائر. حيث سجل أكبر عدد للمصابين الأحد الماضي 304 حالة جديدة، وبلغ العدد السبت 283 منذ انتشار الوباء في الجزائر.
وازدادت بؤر الوباء ونقص الامكانات المادية والبشرية، حيث حولت العديد من الأقسام وأفرغت لاستقبال مرضى الكوفيد -19. ودخل الحابل بالنابل، أسر بأكملها مصابة خارج الاحصاء، لأنها تتستر على الإصابة. موتى بكورونا، ثم يكذب أهاليهم الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن الوفاة كانت لأسباب أخرى. والعكس وفيات لا دخل لكورونا بها تصنف ضمن ضحايا الوباء.
تذمر الأطباء والطاقم شبه الطبي، وأرهقوا لدرجة الوفاة، كما حدث للممرض في مستشفى الثنية في بومرداس شرق العاصمة.
لكن لا حياة لمن تنادي والومضات الإشهارية، التي تستضيف الأطباء لم تجد نفعا. الناس في الأسواق، النساء بصحبة أطفالهن والشواطئ تعج بالناس، بالرغم من منعها، تشهد اقبالا بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
والآن تعود الأفراح المميتة، كما حدث في بسكرة، المدينة الصحراوية ذات النخيل ومنتوج التمور ذي الجودة العالية، حيث تسبب الاختلاط في عرس بتسجيل ثمانين حالة من بين تسعين كانوا حاضرين، حسب ما تناقلته وسائل التواصل وبعض المواقع.سطيف كذلك بؤرة من بؤر الوباء التي احتلت المراتب الأولى في انتشار الوباء بعد البليدة والعاصمة. يتدخل الأمن لوقف موكب عرس ويجرد السائقين من رخص السياقة في حي الهضاب. الحالات تتزايد ونقص فادح في الوسائل. وحتى وإن تبرع الشعب بأجهزة تنفس، مثلما حدث في بسكرة، بعد حملة للتبرع على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لا يوجد تقنين ومختصون لتشغيلها لمساعدة الناس على استعمالها في البيوت.ناهيك عن الحر الشديد الذي لا يطاق. والشفاء لا يلتقي والمكيفات. فالناس يمكنها أن تموت من الحرارة وضيق التنفس. اللهم لطفك.
صدمة كبيرة في المدينة نفسها جراء وفاة سبعة من أسرة واحدة. وبعدها وفاة أربعة من أفراد أسرة «الهامل» الوالدين والأبناء، حسب الصور التي تناقلتها صفحات الفيسبوك. ناهيك عن إصابات بين موظفي المجلس الولائي والبلدي في مدينة بجاية. حملات التوعية ورسائل الأطباء والممرضين عبر مختلف المنصات واليوتيوب لم تجد نفعا. و ما زال من يستهتر ويكذب بوجود الوباء.
كورونا أعطى الأمان في الأسابيع الماضية، مما جعل السلطات ترفع الحجر عن بعض القطاعات الاقتصادية وفتحت العديد من محلات الخدمية، الأمر الذي أوصلنا إلى هذه الحصيلة المرتفعة المقلقة.
ومع بقاء الحدود الجوية والبرية مغلقة على المسؤولين محاصرة بؤر الوباء وغلق فضاءات الاختلاط، وردع المخالفين، مع تفعيل جمعيات الأحياء للتكفل بطلبات الناس اليومية. وإلا فالسيناريو سيكون كارثيا لا سمح الله. لنقتدي بجارتنا تونس لننعم بصيف هادئ وراحة بال بعد كل القلق والأرق والألم وفجيعة فقدان الأحبة.
رسائل حماية التراث المفخخة
من ضمن سلسلة المحاضرات التي برمجتها وزارة الثقافة في مناسبة شهر التراث (من 18 أبريل إلى 18 مايو كانت محاضرة الدكتور بن يوسف إبراهيم، رئيس مرصد المجال والمجتمع، في كندا، الذي شدد على أهمية التراث (المادي واللا مادي) في مواجهة الأزمات، وذلك بالتفاف الإنسان نحو ذاكرته، أي إلى تراثه ليستلهم حلولا أو مرجعية لبناء حياة جديدة . «هكذا وجد الإنسان الحل في استعادة إنسانيته ومراجعة ذاكرته عند الأزمات، والذاكرة هنا التراث بمعناه الأوسع وكيف يساهم في حماية الأمم وتقوية مناعتها وصمودها أمام الأزمات. فيضيف في موضع آخر حول الالتزام بالبيت في زمن كورونا وانطلاق كل نشاطاته منه عبر وسائل التواصل التكنولوجية عن بعدن فالإنسان مستقبلا مقبل على قضاء وقت طويل في مسكنه لذلك سيكون بحاجة إلى سكن أكثر رفاهية وهدوء وإلى الطبيعة في فضائه مثلا حديقة المنزل…»، حيث يقترح الاستلهام من التراث، تلك النماذج التي توفر الظروف المطلوبة والدفء الاجتماعي وتقي من الآفات. في سكن تتناغم فيه الطبيعة والثقافة. والغرض ليس إعادة انتاج تلك النماذج العمرانية، بل اعتمادها مرجعا لحلول جديدة.نلاحظ أن الناس وفي زمن الحجر الصحي أعادوا اكتشاف ذواتهم من خلال استرجاع تلك العلاقة بينهم وبين المحيط الطبيعي، واستثمارهم في الاهتمام بالأرض والزراعة وابتعادهم عن ضجيج وتلوث المدن.
العودة هذه لها أهمية قصوى في ظل الأزمات الحالية للعودة لما تنتجه الطبيعة من خيرات لاسيما إن كان الاستثمار في وسائل عضوية خالية من المواد الكيميائية التي تسمم الأرض والأجسام. لكن الجلوس خلف حساب على الفيسبوك وتسريح الهوامات والأخيلة حول التراث وكأنه حل سحري دون معرفته ودراسته والاقتصار على الجوانب الخارجية. دون محاولة معرفة ما كتب ولو بالقراءة، وهو أضعف الإيمان، بل خلق احتجاجات وإشكالات تبدو غير ذات معنى، نظرا للتشنجات في طرحها والنظرة الشوفينية المصاحبة لها، فهذا أمر يستدعي التوقف والنقاش على أعلى مستوى. يتعلق الأمر بحملة تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار «معا لحماية تراثنا» في الجزائر وهذه الحملة تأتي من مجموعة حسابات متحمسة للتراث اللباسي الجزائري وتنزيل صوره المختلفة، الحديث منها والتقليدي. بالدرجة الأولى لتلمس جوانب تراثية أخرى مثل الموسيقى والحلويات المحلية وصور من مصممي الأزياء التقليدية والمعصرنة. والاستعانة بصور العائلة بتغطية الوجوه النسائية للتدليل على عراقة اللباس وتجذره في المجتمع. مقاطع فيديو تبين شهادة «الأعداء» والخصوم التراثيين، المغاربة، بأن هذه العادة اللباسية أو الموسيقية ليست سوى عادة وافدة من المنبع لكل الفنون والأزياء والأطعمة من الجزائر، البلد القارة. وكل في كفة وحكاية التصنيف الوهمي اليونيسكاوي والاعتراف الدولي والعالمي بعناصر من التراث لم تحدث بعد.
صحيح أن المتتبع لمسارات ملفات التصنيف، ولما يثار لها وحولها وكأنها صنفت، قد يتوهم أن علامة اليونسكو وضعت على كل شيء. لكن واقعيا لم يحدث أن صنف الكسكس مثلا ولا القفطان ولا الراي و لا البلوزة الوهرانية ولا الكراكو ولا البدرون، كما يدعي أصحاب هذه الصفحات، وهذا ينم عن عدم معرفة وعدم محاولة حتى النقر على غوغل للتأكد من صحة هذه التصنيفات!
هناك بعض العناصر، التي شكلت لها ملفات والتي ما زالت في أدراج المنظمة العالمية. حالة غليان وهذيان من الطرفين والعلاقة لم تعد بين جيران يتقاسمون الأشياء الكثيرة والمهمة، بل تخوين واتهام بالسطو. يتحين كل الفرص ليطفو على السطح!
على موقع «أفاز» تريد مجموعة «معا لحماية تراثنا» جمع أكبر قدر من التوقيعات وإرسالها لوزيرة الثقافة الجزائرية للتدخل في الأمر، فالأمر لا يعدو في مجمله إلا أن يكون توريطا سياسيا بمسحة ثقافية وبجلباب التراث الفضفاض، الذي يتسع للجميع في ملفات مشتركة، لأن النزاع يجعل الهيئة الأممية تتراجع ولا تصنف لا لهؤلاء ولا لأولئك. مقولة يمكن للتراث فعل ما عجزت عنه السياسة تبقى مجرد تخمينات وفرضيات تستحق البحث والدراسة من جميع الأطراف المتنازعة.
الرزق على الله
أظهرت مقاطع الفيديو الشاب المغربي محمد حنون، الذي طاف وما زال يطوف بالنعامة التي رباها وبدأ يتجول بها بين أرجاء المغرب كلها، للاسترزاق، وذلك بأخذ صور برفقتها من طرف الناس. لكن يبدو أن كورونا والحجر سببا له متاعب مع السلطات، قام بتربيتها لأكثر من 3 سنوات. ويتواجد هذه الأيام في مدينة أغادير وبالضبط في تيكيوين، حيث واجه مشاكل مع السلطات المحلية، بحجة أنه يساهم في تجمهر الساكنة على نعامته لالتقاط الصور، وهو ما يتناقض ومبادئ إجراءات السلامة الصحية. وعدم انصياع الشب لقرارات السلطة دفعهم لحجزها ليلة كاملة في المحجز البلدي، قبل أن يوقع الشاب التزاما سلمه للسلطات بمغادرة المدينة.
وعن علاقته بهذا الطائر، يقول الشاب: «زرت العديد من المدن المغربية برفقة النعامة، كان آخرها الدار البيضاء، وأواجه صعوبات، بحيث تطالبني السلطات ومصالح المياه والغابات بالترخيص، غير أنني أعمل على اقناعهم أن هذا الصنف من النعام، ليس هو الخاضع لنظام الحيوانات والطيور المحمية، فهو قريب من فصيلة الديك الحبشي».
ما الذي يخيف من نعامة تتجول وتدخل البهجة والفضول في قلوب السكان، والتي تحظى بمعاملة جيدة لأنها مصدر رزق للشاب تغنيه السؤال والتسول، وقد يفكر في توسيع الفكرة واكثار أعداد هذا النوع من النعام. هذا النوع الذي لا يغطي رأسه، بل يواجه الشمس والرياح وتعنت السلطات.