الشعب المغربي يطالب بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة و تطبيقه بعد الغضبة الملكية

تتصاعد مطالب نشطاء شبكات التواصل الإجتماعي بتفعيل المبدأ الدستوري المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة، إثرالوضعية التسييرية للقطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية، خاصة ما يتعلق بتبذير المال العام.

و كثّف المجلس الأعلى للحسابات من تقاريره الدورية التي تكشف، بين الفنية والأخرى، وجود اختلالات خطيرة في تدبير المال العام؛ وهو ما جعل عددا من المسؤولين يضعون أيديهم على قلوبهم مخافة من أن يطالهم لهيب الغضبة الملكية المرتقبة.

وباتت تقارير المجلس ذاته تخلق الرعب في نفوس عدد من مديري المؤسسات العمومية، خاصة بعد واقعة “الزلزال السياسي” والدور الكبير الذي لعبه المجلس في إحالة عدد من المسؤولين الحكوميين إلى التقاعد السياسي؛ وهو ما جعل عددا من المراقبين يعترفون بنجاعة هذه التقارير و”سلطوية” المجلس على المؤسسات العمومية، بل هناك من بات يروج بأن هذه التقارير ستقود لا محالة مبذري المال العام إلى السجن بدون تردد.

و ينتظرها المغاربة في كل سنة كالعادة الزلزال السياسي الذي سيجري  بموجبه إعفاء عدد من الوزراء والمسؤولين بناء على تقارير المجلس الأعلى للحسابات، سواء بوجود تقصير في تنزيل عدد من المشاريع وعدم متابعة الملفات وسوء تدبير المال العمومي، أو بإختلاس المال العام ، لكن الشعب المغربي مل من نفس السيناريو و الإستمرار في أطروحة الغضبة الملكية التي تعفي المختلسين و المستفيدين من مناصبهم و المسترزقين بإسم الحكومة بدون متابعة قضائية و توجيه التهم لهؤلاء ليكونوا عبرة للمسؤولين الجدد .

فالتاريخ المغربي عرف الكثير من الإنتهازيين الذين تم إعفائهم من مناصبهم بسبب خروقات خطيرة إلا أننا لم نسمع قط عن متابعة مسؤول لإسترجاع ما سرقه من مال عام و الدليل أن هناك وزراء تم إعفائهم و لازالوا في مناصب عليا في الدولة كنواب برلمانيين أو مسؤولين عن قطاعات أخرى .

و الغريب في الأمر هو أن هناك عصابة أحكمت قبضتها على جميع القطاعات و أصبح لها حصانة بدون الحصانة التي نعرفها ، إشترت بالمال العام مجموعة من الجرائد الوطنية و أخرست ألسنتها و خصصت لها أموالا من أموال الشعب كدعم لها للدفاع عنها و الترويج لها و لأعمالها الوهمية ، و هي لا تعلم أن الجهة التي تستعملها نهبت الملايين من أموال الشعب و أسكتتها كإعلام كان عليه فضح الفساد و الحفاظ على البلاد و على المصلحة العامة.

فصاحب الجلالة أعلن  سنة 1999 خلال الأسابيع الأولى لتحمله المسؤولية، حيث “تحدث  عن أنه سيعطي انطلاقة لمرحلة جديدة في التدبير العمومي أو ما سماه بالأسلوب الجديد في الحكم، وكان العاهل المغربي يردد في أكثر من خطاب على ضرورة انخراط المسؤولين في الإقلاع التنموي وأن تكون هناك شفافية وتضحية لخدمة المواطن والوطن”

فيجب التمييز بين الاستفادة من المال العمومي من غير وجه حق وبين باقي الملفات؛ لأن الأمر هنا يقتضي تحريك متابعات جنائية. أما بخصوص القرارات العادية، فهي تتطلب فقط إدانة أو إقالة، ولا تقود بالضرورة إلى المتابعة القانونية”، مبرزا “أننا ارتقينا درجات عالية فيما يخص مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

فلا ننسى أن المجلس الأعلى للحسابات هو الذي يجسد، اليوم، دور الرقابة على المال العام في ظل غياب المؤسسات الأخرى التي تساعده بشكل غير مباشر؛ مثل البرلمان واللجان البرلمانية ولجان تقصي الحقائق”، مشيرا إلى أنه “وفي ظل هشاشة العمل البرلماني وضعف الرقابة الحكومية التي تقوم بها المفتشية العامة لوزارة المالية والداخلية يبقى دور المجلس يفوق إمكاناته”.

“ففي المغرب نتوفر على 1600 جماعة، ولا يمكن للمجلس لوحده أن يتبع كل هذه الجماعات، ولا يمكنه دراسة الملفات المعروضة، خاصة تلك المتعلقة بالتصريح عن الممتلكات التي تصل عددها عشرات الآلاف”، و من الناحية النظرية، يمتلك المجلس من الصلاحيات لمحاربة الفساد واللجوء إلى الإجراءات الزجرية، والوقائع الموجودة اليوم جعلت المجلس يضع يده على عدد من الملفات سواء تلك التي توجت بعقوبات سياسية مثل ملف الحسيمة وتلك المرتبطة بمتابعة فعالية التدبير”.

كما أن هناك  تقارير المجلس الأعلى للحسابات التي تبقى حبرا على ورق،  و لا يمكن القبول بهذه الفكرة؛ لأن ملاحظات وتقارير هذه المؤسسة تأخذ بعين الاعتبار، غير أنه يمكن تسجيل ملاحظة هنا كون عدد قضاة المجلس يبقى محدودا بالمقارنة مع حجم التحديات المطروحة، فمثلا هناك قاض واحد لكل 1000 جماعة ترابية” “هذا رقم هزيل، إذ تسهم هذه الندرة في طاقم القضاة في محدودية أعمال المجلس؛ لأن الأمر يتعلق بأعلى هيئة دستورية مكلفة بمقاربة المالية العمومية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: