إلى متى يتسامح المغرب مع ناهبي المال العام ؟

شددت أوساط سياسية مغربية على ضرورة تعزيز جهود محاربة الفساد في المملكة، وعدم التراخي في محاسبة المسؤولين الذين ارتكبوا إخلالات في المؤسسات التي يديرونها قضائيا وتلاعبوا بالمال العام.

وطلب النائب محمد بن عطية عن حزب الأصالة والمعاصرة، من رئيس المجلس الأعلى للحسابات، (هيئة دستورية)، إدريس جطو، الجمعة، ضرورة سجن ناهبي المال العام ومصادرة أموالهم. وقال بن عطية، إن التقارير التي يقدمها المجلس الأعلى للحسابات مهمة لكونها تحمي المال العام، مضيفا أن “المطلوب متابعة التقارير السوداء ومحاسبة المسؤولين عن الخروقات بالسجن بسبب ما يتم رصده”.

وكشفت تقارير المجلس الأعلى للحسابات في الآونة الأخيرة، عن مجموعة من الخروقات المالية والإدارية ونهب وتبديد للمال العام بالنسبة إلى القطاعات الحكومية والجماعات الترابية المستهدفة. وسبق لإدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، أن فضح تملص بعض المسؤولين من التصريح بممتلكاتهم، مستغلين ثغرات في القانون وتسجيل ممتلكاتهم بأسماء زوجاتهم وأبنائهم.

ويشير متابعون إلى تورط الأحزاب في ملفات فساد واستغلالهم لنفوذهم لحماية متورطين موالين لهم.

وقد كشف تقرير أنجزه المجلس الأعلى للحسابات وجود خروقات في صرف الدعم العمومي الذي تحصل عليه الأحزاب السياسية سنويا من خزينة المال العام، كما طالب المجلس الأحزاب بإرجاع مبلغ مالي يفوق 20 مليون درهم.

محمد بن عطية: المطلوب متابعة التقارير السوداء ومحاسبة المسؤولين عن الخروقات بالسجن بسبب ما يتم رصده

وسبق أن قررت  وزارة الداخلية بمقتضى القوانين الجاري بها العمل، عزل منتخبين ينتمون لعدد من الأحزاب بمجموعة من المجالس الجماعية بسبب عدم تسوية الوضعية المتعلقة بالتصريح الإجباري بالممتلكات. ومن ضمن المنتخبين المعزولين عبدالمولى المروري، العضو بالمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية.

ورأى رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية أن بعض الأحزاب تتخذ من مقولة مكافحة الفساد مجرد فرصة للاستهلاك الإعلامي. ولفت لزرق في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ” أن “بعض الأحزاب متواطئة لحماية الفساد وتحصين منتسبيها من المتابعة القضائية، ويظهر ذلك من خلال التعاطي مع تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وكذلك إدخال قانون تجريم الإثراء ضمن دائرة المزايدة السياسية بين أطراف التحالف الحكومي”.

ولا يزال مطلب تجريم الإثراء غير المشروع ساريا ضمن أجندة سياسيين من خلال المطالبة بمصادرة ثروات ناهبي المال العام عوض الاكتفاء بسجنهم.

وحذرت نبهت حاتمي، النائبة عن حزب الحركة الشعبية، إلى كون “التقارير لا معنى لها إذا لم تتم متابعة المتورطين في هدر المال العام”، مسجلة أن “تقارير المجلس مهمة بالدقة وخاصة بالمهنية العالية التي تعد بها، كما أنها مرجع أساسي”.

وعزز دستور 2011 مكانة المجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة دستورية، باعتبارها مؤسسة مؤهلة للمساهمة في حماية المال العام ومراقبة طرق تدبير السياسات العامة من خلال التقارير التي تعتبر خطوة مهمة لترسيخ الشفافية في مراقبة وتدبير المال العام.

من جهتها، طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام بالتصدي للفساد والقطع مع الإفلات من العقاب وإحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات على القضاء للحد من انتشار مظاهر الفساد والرشوة ونهب المال العام والإفلات من العقاب.

وفي ذات السياق، دعا محمد مشكور رئيس المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام بالدار البيضاء السلطات والجهات الإدارية والقضائية إلى التطبيق العادل للقانون بخصوص ملف بلدية الفقيه بن صالح، التي يرأسها الوزير السابق محمد مبديع، بشأن تبديد أموال عمومية والاغتناء غير المشروع وخرق قانون الصفقات العمومية.

ونبّه مشكور إلى ضرورة الإسراع في اعتماد القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات بعيدا عن الانتقائية، وانطلاقا من كون الجميع متساوين أمام القانون دستوريا، وملزمين بالامتثال له، ناهيك عن أن القانون الأسمى ركز على مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة.

وفي سياق تفعيل مبدأ المسؤولية والمحاسبة ومحاربة الفساد، اعتقلت الشرطة القضائية بالدار البيضاء، الآونة الأخيرة، هند بوهية، رئيسة شركة “غلوبال نيكسوس” لتدبير الرساميل، والمديرة السابقة لبورصة الدار البيضاء، بعدما أغلقت الحدود في وجهها، بخصوص اتهامات بتحويل رساميل المستثمرين، بشكل غير قانوني، نحو استثمارات لا تتناسب وأهدافها المسطرة وإخلالات شابت حكامة رأس المال.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: